تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الكون المعرفي من الخيام إلى ابن عربي

شؤون ثقا فية
الأحد 24/2/2008
مها يوسف

علاقة الانسان بالوجود,وما وراءه وموقعه في هذا الكون وحقيقة الروح وارتباطه بالغيب, القدر, بالذات الالهية,ذلك كان محور المحاضرة التي القيت في المركز الثقافي بأبي رمانة تحت عنوان ( الوجودية من عمر الخيام إلى ابن عربي).

هي مرحلة زمنية تمتد في الفترة الواقعة ( 1051 1200م) وتمثل الخلاصة الفكر الصوفي في فترة ازدهار الثقافة الاسلامية.‏

وحدد المحاضر نصر الدين بيبرس علاقات التشابه والاختلاف بين كل من محي الدين بن عربي وعمر الخيام والمرجعيات التي ساهمت في التكوين الفلسفي لكل منهما واستند على المنتوج الشعري لكل منهما لاستخلاص ملامح الفكر الفلسفي.‏

يقول عمر الخيام:‏

حقيقة الكون ليست عند ناظرها سوى مجاز فغيم الهم والألم.‏

فجار دهرك واخضع للقضاء فلن تُطيق تبديل ما قد خطه القلم.‏

إنه سؤال وجودي كبير يطرح اشكالية العلاقة بين الكائن والكون, ويبدو التسليم بالعجز عن إدراك حقيقة الكون واضحاً عند الشاعر,ولكن هذا العجز يتقوى بالايمان المطلق بالقضاء والقدر, حيث يقيس الشاعر حجم الانسان بالوجود الكبير فيجد أن لا دور له في تغيير مجريات الكون.‏

ولكن هل هذا هروب أم فلسفة, يبدو أنها دعوة للحياة عند عمر الخيام ظاهرها تسليم بذاك العجز وباطنها حب الحياة.‏

وهذا مرتكز فلسفي أولي في فكر الشاعر أكدته قصائد كثيرة تلح على ضرورة استغلال جمال الحياة إلى اوسع مدى.‏

ولابد من إدراك أن الشاعر ينفي ان تكون الحياة كما نراها في الحياة الحقيقية ويجدها انعكاساً لحياةٍ أخرى هي الاصل المخفي والحقيقي,ولذلك فحياتنا القائمة هي طريق لتلك الحياة الاصلية,ولابد من عبور ذلك الطريق دون تعقيد ودون الوقوف عند مصاعب هذه الحياة.‏

في موقع آخر يتناول المحاضر قضية المعرفة كما طرحه عمر الخيام ويركز على الدهشة التي تأخذ الانسان منذ لحظة وجوده إلى لحظة نهايته فثمة عجز عن تحقيق ولو جزء يسير من المعرفة بأسرار الكون ونظامه, ويذكر ما كتبه الشاعر في هذا السياق:‏

أتى بي لهذا الكون مضطرباً فلم تزدلي إلاّ حيرة وتعجب.‏

وعدت على كره ولم أدر أنني لماذا أتيتُ الكون أو فيمَ أذهبُ.‏

وشرح المحاضر علاقة الايمان بالخطيئة كواحدة من أساسيات التكوين الانساني, فالخطيئة عند عمر الخيام لا تتعارض مع الايمان بل ان من حق المؤمن ان يخطىء وهذا بعد فلسفي آخر يدعم فكرة ثقافة الحياة .‏

توقف المحاضر عند ابن عربي ليصفه بداية بأنه سلطان العارفين, واعظم أهل التصوف على مر العصور, واشار الى ان الغرب ينشىء الجمعيات الخاصة به,والمعرفة عند ابن عربي هي معرفة قلبية بالدرجة الاولى فالقلب هو الدليل وهو الرمز الاكبر للذات الانسانية, هو الروح والعقل والنفس والجسم. وفيه يتبدى الحق والحقيقة.‏

وفي هذا السياق تحدث المحاضر عن قبعة الاحساس فالوجود يكاد تشم رائحته, اذ تضمحل قيمة الادراك والعقل لصالح الملامسة الحسية العاطفية ربما للكون والوجود ,وهذه الصفات هي ايضا صفات إلهية فالله هو السميع البصير وهي سمات حسية ايضا .‏

يدعم المحاضر فكرته بذكر بيت شعري لابن عربي.‏

اذا سمعت بحق او نظرت به فهو السميع البصير الواحد الأحد‏

يلتقي ابن عربي مع الخيام ايضا بالتسليم بضعف الانسان امام المطلق فهو مجرد استخلاف الله في الارض مع تسخير الاكوان لوعيه وعلمه وذوقه, ولكن ادراك المعنى الخاص بالوجود والعالم والكون لن يتم إلا بعد خروجنا من هذه الدنيا .‏

فالحق المطلق لا يكون فيها. والحق المطلق هو الذات الإلهية نفسها التي ارادت للانسان ان يبقى دائم التفكير والتفكر, وكلما زاد ذلك عند الانسان زادت دهشته وحيرته وعطشه للحق .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية