إيهود أولمرت يرفض المغادرة، فرضوا عليه الاستقالة، لكنه اكتفى ببيان الوداع لرئاسة الحكومة؟ بل إنه قام بجولة وداع عالمية متسلحاً بمظهره المعتاد الذي لا يخلو من التبجح وعلى الأرجح فهو لن يغادر طواعية وليذهب الجميع إلى الجحيم، وقد عبر عن انزعاجه من توقيف قرار المستشار القضائي للحكومة بتقديم لائحة اتهام ضده والذي تزامن مع عودته من واشنطن وتصادف هذه الأيام مرور 35 عاماً على وفاة دافيد بن غوريون رئيس حكومة إسرائيل خلال الخمسة عشر عاماً الأولى من عمرها باستثناء عامين شغل المنصب خلالهما موشيه شاريت، طبعاً أولمرت سيحني رأسه أمام قبره وإلى جانبه أعضاء حكومته والرئيس شمعون بيريز الذي عمل جاهداً على تعيينه في هذا المنصب ولكن من المتوقع أن يطلب العفو منه في وقت لاحق.
ليس من الصعب التكهن برأي بن غوريون بالمسؤول الذي أدين بالرشوة والغش والاحتيال والسرقة من القضاء ومن جنود إسرائيل جمعية شؤون الجنود .
ثمة مسافة تفصل بين مقعد الاتهام وبين أولمرت إذا رغب في إقناع المستشار القضائي بالتراجع عن قراره مخاطراً بكشف خطة دفاعه في القضية ، أما موشيه شاريت فإنه على الأغلب سيعتبر أولمرت قد تضخم واستفحل أمره أكثر مما يجب، وطبعاً كلاهما شاريت وبن غوريون لن يشعرا وحدهما بالصدمة إذا شاهدا الدرجة التي تدهورت إليها إسرائيل والمهانة التي لحقت بمنصب رئيس الحكومة.
وهذا ليس مفاجئاً وحتى اسحق شامير الذي استعان بأولمرت في فترة من الفترات كثيراً ما يتحدث في وسطه العائلي عن جشع أولمرت، ولكن ما علاقة شامير ومناحيم بيغن وليفي اشكول وغولدا مائير وأسماء أخرى ربما بالشخص الذي يعتبر امتداداً لجيلهم أي إيهود أولمرت.
إن السخافة واللامنطق يصلان إلى عنان السماء والسارق كثيراً ما يتعلم من الشرطي، لقد دفع المفتش العام دودي كوهين والوزير آفي ديختر اللواء أوري بارليف لأخذ إجازة قسرية لثلاثين يوماً مر عليها 60 يوماً حتى الآن فقط لأنه رفض في آب الماضي دراسته المقررة في أيار المقبل. إن أولمرت لا يمتلك أغلبية في حزبه وفي حكومته وإذا دعت تسيبي ليفني إلى إرساله في إجازة سيكون من غير اللائق أن يبقى في منصبه ليس لعشرة أسابيع بل لعشر دقائق، خاصة بعد أن فقد ثقة الجمهور، ولم يعد يملك صلاحية أخلاقية لأن يكون رمزاً وطنياً بل إنه متهم بدفع مرؤسيه لسرقة المال العام، أو كما قال المستشار القضائي دفع الموظفين الرسميين لارتكاب أعمال الغش« ومن يكون أولمرت حتى يرسل الجنود للمخاطرة بحياتهم؟
إن استمراره في التمسك بالكرسي هو انقلاب على السلطة التي باتت تتوق للتغيير.
ويحاول أولمرت اليوم الظهور كشخص من دون ميول أو اعتبارات شخصية وسياسية وهو يحلق فوق ضجيج الانتخابات. إنه في الواقع يركب موجة بنيامين نتنياهو ويتزلف له بل ويثني على ما يسميه نزاهته معه، ذلك لأن بيريز وحده غير كاف كي يحصل أولمرت على العفو وسوف يحتاج لمساندة وزير العدل في حكومة نتنياهو المقبلة.
ولكن الحكومة الحالية العمل- كاديما يترتب عليها التمرد على أولمرت. أولا يجب تجاهله وعدم الاستجابة لدعواته لحضور اجتماعات الحكومة، وإذا حاول فرض الحضور فلا يتوجب الخضوع له، وثانيا:ً يجب التعامل معه كشخص منبوذ إلى أن يتراجع مثل شموئيل رختمان الذي استقال من عضوية الكنيست في السجن كل الرافضين للطلاق الذين يخضعون في نهاية المطاف ويعفون نساءهم من رابطة الزوجية.
وبما أن شخصاً مثل أولمرت لن يهرب وهو يعتبر نفسه بطلاً، رغم تورطه في الفساد من أجل حفنة دولارات فإن هناك حاجة لعملية سريعة موجودة من البند السادس عشر في القانون الأساس: الحكومة وهي عندما يكون رئيس الوزراء موجوداً في الخارج تجرى جلسات الحكومة برئاسة القائم بالأعمال، حينئذ سيكون بإمكان الوزراء خلال إحدى رحلاته للخارج أن يجتمعوا بقيادة ليفني ويتخذوا قراراً بأن يبقى في الخارج حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.