وليكون الشخصية الاولى المكرمة في المهرجان بعد اعتماد هذه الصيغة في هذه الدورة ولأول مرة ، ومسرحية (النمرود) هي العمل الخامس الذي يكتبه الدكتور سلطان القاسمي للمسرح ولذلك يعتبر هذا العمل اطلالة هامة للمسرح الإماراتي الذي يعتبر الان أحد أبرز المسارح الاماراتية ، من بابه الأوسع ضمن المهرجان .
ومسرحية النمرود التي بلغت تكاليف انتاجها حوالي نصف مليون دولار ، تنتمي ببعدها الانساني الى العلاقة التي تجمع السلطة بالشعب ولا سيما اذا كانت تلك السلطة تنطوي على ابعاد تتسم بالقسوة والاجحاف في حق الناس . فالعمل كقصة تعرج على حكاية الملك الذي يظلم شعبه ويستولي على السلطة استيلاء غير شرعي مع ادعاء بالتفوق على كل ما قدمه الله للبشرية ويبدو الامر بذلك شكلاً من أشكال اكتساب سلطات دينية ودنيوية مطلقة ولكنه وفي لحظة تحد مع ابسط سلطات الطبيعة تهاجم مملكته الحشرات بكثرة وتدخل حشرة إلى رأسه فيضطر للاستعانة بالناس كي يبرأ من هذا الالم الذي دخل راسه وصار يسبب له الازعاج فما كان له الا ان صار يطلب من الرعية ان يضربوه بالأحذية على رأسه كي يتخلص من ذلك الطنين الذي يستولي عليه ، وينتهي العمل بتحول الملك الطاغية إلى أضحوكة للناس .
العمل من اخراج الفنان المسرحي التونسي المنصف السويسي وتمثيل عدد من اعضاء مسرح الشارقة الوطني على رأسهم الفنان احمد الجسمي. ويميل العمل إلى اعتماد صيغة فنية تقوم على عدم الخوض في التفصيل الواقعي وهو ما عبر عنه المخرج المنصف السويسي في حديثه عن العمل حين قال : «النص الحالي للدكتور سلطان القاسمي هو الخامس بين نصوصه التي يغلب عليها الحس التاريخي باسقاطات واقعية غير مباشرة، والنمرود كنص يعتبر نصا دراميا كلاسيكيا من حيث تطور العمل الدرامي، ونمو الشخصيات كما كتب بطريقة إيحائية وليست واقعية من حيث الاعتماد على الإيحاء والترميز لربط الماضي بالحاضر، ليرى المشاهد كيف ان الحاضر مشحون بالماضي وان الماضي يحمل الحاضر والحاضر حمل المستقبل، مؤكدا أن العمل تتداخل فيه الأزمنة والخيال الخصب» . وأشار السويسي أن الأسلوب الإيحائي شكل لديه ملامح النص، فانطلق باحثا عن رؤية جمالية مطابقة لهذه الايحائية والعمل بأسلوب الواقعية الفنية وليس واقعية الواقع، موضحا أن العمل قاس والتدريبات بدأت بشكل مكثف لجميع المراحل والشخصيات .
بدوره أكد بطل العرض الفنان احمد الجسمي ان هناك مساحات أدائية جيدة لإبراز فعل الممثل وتعميق دور الرمز في الامساك بكل نواصي العمل فنيا وفكريا لافتا الى ان اعمال الدكتور القاسمي يتعمق فيها الرمز الانساني والدلالي باتجاهات تفعيل الحوار حول جدوى هذه الأعمال وواقعيتها وحضورها الفكري بالدرجة الاولى ، وحينما تقدم كوجبة درامية وفكرية حساسة مشيرا الى ان مسرح الشارقة الوطني الجهة التي انتجت العمل قدمت الكثير من اجل اظهار هذا العمل بأبهى حلله. ويذكر أن العمل عرض في عدد من العواصم العربية .