تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حــنا ميــنا: منجم الابداع، في سورية لا ينضب

ملحق ثقافي
الثلاثاء 3 /1/2006
حسين عبد الكريم

البدايات، التي يمكن الاحتكام إليها لدخول عالم حنا مينه، متروكة على مدِّ السؤال، والكلام الحييِّ والمشاغب..والذاكرة سيّدةُ الحال، التي لاتهيم على وجهها بعيداً عن حاملها، بل هي معه في تواصل حميم ورشيق..وهي قاسية وسليطةٌ أحياناً،

‏‏

إذا لاتتركه يفلت من قبضتها وأوجاع العمر، المتراكمة، كحاجات يظنّها البعيد عنها مهملة، لكنّه حين يقترب منها، قليلاً، أو قليلاً جداً، أو كثيراً تبدو له كم هي باهظة ومؤهلة للبقاء طويلاً، كثرثرات عشق طويل الأمد، على باب بال السنين الجميلة.. البحر بداية وقاموس وجد لاتتحدّد معانيه إلا بالحبّ الكبير، الكائن في زوايا النفس، والحاضر كأجمل حضور، في الكلمات المحكية، أو المكتوبة. وحيّ القلعة، في اللاذقية، حيث كان دكان الحلاقة، والحلاق حنا مينه، هو بداية، لاغنى عنها. والشقاء سيرة يحدُّها العمر، ويعنيها، ويتواصل معها كأقوى تواصل، عاشه كاتب ٌ بريئةٌ ذِمتُه من الأبّهات والأفراح المعنيّة بضلال الآخرين، المقتتلين مع قناعاتهم والقيم النبيلة. قدّام أحزانه المترهلة، و«بحبوحة» من شجنٍ طفلٍ..ولفافات تبع وحرائق ودخان، وجدنا حنا مينه، يتأبَّط البقية الباقية من أشواق على أهبة التوهج، لكنّها «مع وقف التنفيذ» بسبب السنوات التي زادت على الثمانين، لكنَّه خالف الشاعر العربي القديم «زهير بن أبي سلمى»: سئمتُ تكاليفَ الحياة،‏

‏‏

ومن يعشْ ثمانينَ حولاً، لا-أبالكَ-يسأم لم يرد، حنا مينه أن يسأم، ونشيجه ونداؤه يريده باتجاه الكتابة التي هي كمثل المرأة، عصيّة على الترهل، من كف الأماني، وهو متلاقٍ معها، ومتأصل بأحوالها.. في البدء أراد الكلام عن الشعر وبدوي الجبل، ونديم محمد، واللاذقية والمرفأ، وأيام الانتخابات قبل خمسين عاماً أو أكثر: امرأة قالت لي: أريد أن أكتب عن الشقاء كيف لي أن أكتب، ومن أين أبدأ؟! قلت لها: أكتبي عني..أنا شقاء عجيب!! ثمَّ سألتني وسألني سواها: لماذا أحبُّ بدوي الجبل؟! بدوي الجبل صائغ ذهب عظيم..ومعرفتي به ترجع الى أكثر من خمس وخمسين سنة.. من ذكريات حنا مينه: في عام 1947 كان المرحوم أبو هاني القدسي يدير مرفأ اللاذقية، إدارةً فيها «معلميّة» وفيها مهارة وبساطة أيضاً، كأفضل مما يدار به المرفأ في عهود لاحقة. وكانت مدينة اللاذقية فيها تجمعان كبيران:الريجي شركة حصر التبغ والتنباك، والمرفأ. ولم تكن في اللاذقية نقابة في هذين التجمعين أو غيرهما. ومقابل المرفأ كان هناك الشيخ ضاهر وفيه «بيت عجيل» و «بيت جعفر» وكل سيارة تمر في اللاذقية يجب أن تخضع للعائلتين المذكورتين، كما يخضع المرفأ لأبي هاني القدسي. وباختصار كانت هناك الكتلة الوطنية في المرفأ والكتلة الشعبية في الشيخ ضاهر قبل أن تنقلب هاتان الكتلتان الى حزب الشعب والحزب الوطني..وفي العام 1947جرت الانتخابات النيابية في اللاذقية، أي بعد الاستقلال الكامل. وكنت في الثالثة والعشرين من عمري وكنت قد رأيت المرحوم الشاعر الذي يصوغ شعره كما يصاغ الذهب «بدوي الجبل» مرة في الشارع وأخرى في جامع العجّان حين وقف يرثي المناضل الوطني عبد الواحد هارون بالأبيات التي مطلعها: إذا مات منا سيدٌ قام سيدٌقؤولٌ لما فعل الكرام فعول ولم أكن في ذلك الوقت أعرف أن علاقة ما ستقوم بيني وبين بدوي الجبل، وانني في الانتخابات النيابية التي جرت في عام 1947 سأعمل، وأناضل لانتخاب هذا الشاعر الكبير نائباً في المجلس النيابي. إن للاقدار دوراً لاينكر إذ إن صراعاً مريراً سيدور بين المرفأ والشيخ ضاهر وأن المرحوم أبو هاني القدسي سيدعم ترشيح أسعد هارون وبدوي الجبل وأن الشيخ ضاهر سيدعم ترشيح أمين رويحه العائد من سجون فلسطين والدكتور وهيب الغانم العائد حديثاً من دراسته. الفتى النحيل الذي هو أنا سيلعب دوراً حاسماً في هذه المعركة الانتخابية، لأنني اتفقت مع الكتلة الشعبية في الشيخ ضاهر على مساندة وتأييد أمين رويحه بكل ما كنت أملكه من تأييد في منطقة كسب وجوارها وكان نبيلاً وجاء يوم الانتخابات وصعدت الى كسب التي كنت قد ذهبت اليها مع المهندس «حورية» قبل ذلك لمعرفة الأمور على طبيعتها. وفي يوم الانتخاب بدأنا من الساعة السادسة صباحاً في عملية اقتراع، فأعطيت الأصوات التي تقف الى جانبي الى أمين رويحه وبدوي الجبل. انتهى الاقتراع وفاز أسعد هارون الذي سانده أبو هاني القدسي المسيطر على المرفأ، والذي استعان بالمال وصارت عباراته (هات الهوية وخذ المية) مضرب المثل وطبعاً فاز بدوي الجبل الذي هتف لي بعد الانتخابات: شكراً ياصدقي، فقد عملت على انجاحي وقمت بما يمليه ضميرك وموقفك السياسي المعروف. إنني حين أستعيد هذه الذكريات أشعر بالأسف مرتين: المرة الأولى حزناً على السنوسي. جعفر والثانية حزناً على الدكتور وهيب الغانم الذي لم أقف الى جانبه في الانتخابات. إنني بعد خمسين عاماً كنت في مريديان اللاذقية، فيأتي إليَّ شخص لاأعرفه لا اسماً ولا شكلاً، فيقول لي: عندي أمانة أريد أن أبلغك إياها. وكانت الأمانة هي التالية: والدي وهيب غانم قبل أن يموت قال لي: إذا رأيت حنا مينا، فقل له: إنني سامحته، وإنني أذكره بالخير رغم وقوفه ضدي بالانتخابات عام 1947 وأنا أكنُّ له الود. ومن المؤسف أنني لم أره بعد ذلك، لأنه هاجر من اللاذقية الى دمشق بعد أن أفلست حياته، وأفلس دكان الحلاقة في حي القلعة الذي كان يملكه وأسماه «صالون الزهور» نكاية بالذين لا يحبون الزهور! لقد اعتادتني الذكريات أليمة موزعة مضرجة بالأسى العميق حين سماع الأمانة التي حملها إليَّ ابن الدكتور وهيب الغانم وهو طبيب أيضاً وجرح روحي: أنني وقفت يوماً ضد هذا الانسان الرائع، الذي غالبته في المعركة الانتخابية وغلبني بكرمه ونبله ومسامحته إياي قبل أن يموت. هذه كلمات عاجلة مستعجلة أرويها تعريفاً بما جرى في ذلك الزمان والذي لا تعرفه الأجيال المتعاقبة في هذه الأيام وكم أردد قول الجواهري: سلامٌ كله قبل إني راحل عجل ومن قلبي وقد بلغت، ونيّفت على الواحد والثمانين من عمري أتمنى أن أرحل عجلاً، لأنني أتممت مشروعي الحياتي ومشروعي الأدبي. سلام عاطر على شاعرنا الكبير بدوي الجبل وعلى الدكتور وهيب الغانم النبيل وعلى كل من ناضل ومات في سبيل الاستقرار وتحقيق جلاء القوات الفرنسية والانكليزية بوقت واحد لتكون سورية ذات التقاليد الكفاحية المعروفة، أول بلد عربي يحقق إجلاء القوات الأجنبية عن أراضيه، وينال استقلاله السياسي كاملاً. إنني أذكر الرئيس شكري القوتلي بالخير فقد حمل السلاح في الغوطة ضد الفرنسيين وقد أوردت في إحدى مقالاتي كلمة «صحصاح» فنشرت «صحاح» وتعني أرض المعركة ولما هتفت الى الجريدة لأقول:فسألني رئيس التحرير: وهل من سند لك على هذه الكلمة؟ فقلت: نعم: بدوي الجبل رثى شكري القوتلي بقصيدة. أذكر منها هذا البيت: شكري الذي لقي السيوف بصدره وأعادها مزقاً على الصحصاح إن روائع بدوي الجبل لا تنتهي، ومنجم الابداع، قديماً وحديثاً في سورية لا ينضب له معين، فمن أبي تمام في داريا الى المعري في معرة النعمان، الى عمر أبو ريشة الى بدوي الجبل والى كل الزملاء المبدعين في وطني، وهم كثر، أبعث بالتحية وارفة نضرة منضرة مطيبة بالغالية، على وعد أراه يقيناً بأن الآتين بعدنا سيبلغون ما عجزنا جيلي وأنا عن بلوغه وهي الكلمة الجميلةالعجيبة التي تخترق جدارالصوت. نديم محمد وبدوي الجبل ثنائي عبقري كمثل سعيد عقل والياس أبو شبكة. ونديم شاعر السخرية المرة والألم الكبير سخر من مرضه وبؤسه،وأحزانه،وسخر من الجيران السيئين ،في طرطوس،وفي دمشق،وفي اي مكان. قصيدته في رثاء صديقه،التي استهلها بـ رحم الله كميل شامبير لانه قال: لم يبق لي الا رفاق الحانة: أشعوُرٌ تلهو به أم بكاءُ أيُّ داءٍ تشكوه مات الداءُ؟ لا تقلْ:ضِقْتُ بالحياة وإن ضاقتْ بآلامِها النفوسُ الاماءُ غنّني من هديرِ جُرحك لحناً يتملَّى من رجعه الشعراءُ راودونا خفضَ الجباهِ من الذّلِ فتهنا وتاه فينا الإباءُ شهوةٌ سمحةٌ هي المتعةُ الكبرى وخمرٌ يعرى بها الاشتهاءُ هذه قصيدة القصائد،ووفاء الوفاء. روايتك الجديدة،التي لم تصدر بعد،هل تتقاطع مع روايتك السابقة،التي نشرت متسلسلة في ملحق الثورة الثقافي قبل عامين /شرف قاطع طريق..؟ جزؤها الاول عنوانه « الذئب الاسود» والجزء الثاني عنوانه الأرقش والغجرية. الأرقش وهو البطل يشبه «الخال برهوم» في «شرف قاطع طريق» الذي ظنّ الناس في تلك الأيام أنه مات،وفجأة يظهر ،ويحمي الطيبين. برهوم كان من عائلة أمي،والتقته عائلتي، وعرفته والدتي،حين كنا في السويدية،وساعدنا في تلك الأيام وساعد الآخرين مساعدات نبيلة،دلّت على شرفه. كانت بساتين أشجار التوت،تملأ السويدية من أجل تربية «دودة القز» وصناعة الحرير الطبيعي، الذي نافسه الحرير الصناعي،مما اضطرّ الناس أن يتركوا بساتين أشجار التوت،بحثا عن لقمة العيش... كنّا نداوي الأسى والشقاء بالأغاني،والأمل،الذي تبثه فينا أمي وسمعة «الخال برهوم» الذي ظل اسمه يرافقنا،عبر رحلتنا الشاقة الى اسكندرون ومنها الى كسب،واللاذقية.... وهنا بدأت تجربتك مع صديقك الأبدي البحر؟ في حكاية بحار،ذكرت أغنية لفيروز،هي من الذاكرة الغنائية في منطقتنا:«يا ماريا يا مسوسحة القبطان والبحريا» وكتبت روايتي الأجمل والأهم «الشراع والعاصفة» البطرنة والطروسي، «البحار العنيد، والشهم، وصخرة البطرنة،حيث كان المقهى القديم الرائع «مقهى البطرنة»اليوم ضاعت ملامح البحر والمقهى..البطرنة والمقهى الممتدان في البحر،خربوهما...خربوا البحر وبلّطوه... الشراع والعاصفة ترجمت الى الإيطالية،وأخذت عام 1993 جائزة أفضل رواية مترجمة الى الايطالية في تلك السنة.. رواية المستنقع،اخذها المخرج نجدت أنزور والمصابيح الزرق اخذها يوسف رزق،ثم أخذها غيره.. رواية نهاية رجل شجاع،التي ظهرت براعة المخرج نجدت أنزور في إخراجها... وفي هذه الرواية ظهرت سوزان نجم الدين،وعرفت نجمة مميزة في التمثيل... وظهر الفنان أيمن زيدان وولدي سعد مينا، الذي استمرت ادواره فيما بعد... عندي أربعون رواية تروي سيرة البحر والحياة والتنقل واللاذقية ودكان الحلاقة الذي عملت به طويلا في حي القلعة في اللاذقية وقبل هذه الفترة هناك فترة السويدية لكنني أحب الشراع والعاصفة،التي لم يستطع أي مخرج سوري أو مصري أن يخرجها. وفي جو من الانسيابية الإبداعية والأدبية وفيض الذكريات يملأ الأسماء صوت فيروز وهي تغني قصيدة الشاعر بدوي الجبل: «من نعمياتك لي ألفٌ منوّعة وكلُّ واحدة دنيا من النورِ رفعتني بجناحي قدرةٍ وهوى لعالمٍ من رؤى عينيكِ مسحورِ تعبُّ من حسنه عيني فإن سكرت أغفتْ على سندسيٍّ من أساطيرِ أخادعُ النومَ إشفاقا على حلُمٍ حانٍ على الشفةِ اللمياءِ مخمورِ وزاَر طيفُك أجفاني فعطرَّها ياللطيوفِ الغريراتِ المعاطيرِ ياطفلةَ الروحِ حباتُ القلوب فدى ذنبٍ لحسنكِ عندَ اللهِ مغفورِ كأنّ صوتَكِ في ريّاه وشوشةٌ دارَ النسيمُ بها بين الأزهير ِ الله الله ياشعر بدوي الجبل وياصوت فيروز!! الشعر والصوت لا يذهبان ولا يبليان مع الأيام... فيروز ووديع الصافي والرحابنة وسعيد عقل وميشال طراد أصدقاؤك؟ لا يمكنني أن أحيا من غير هؤلاء الرائعين،الذين ملؤوا الدنيا بالعذوبة والحب،والوفاء والانسانية، عكس أغاني الانحطاط والتعاسة،التي نراها اليوم. تصور:الشاعر الكبير ميشال طراد: «أيو تختي أنا وأيو تخت أختي» من يقول هذه الجواهر،إلا الشاعر الكبير؟؟! وأغنية: عالبال ياعصفورة النهرين يا مكحّلي وملوني العينين.. صرلي ع هالمفرق تلت تيام وماكنت استهدي عبيتك وين الشمس رسمت خيالا عالمفرق ورف الحساسين الإجا تفرق وما كنت استهدا عبيتك وين لا بحارة الفوقا ولا بحارة التحتاولا عالعين يا عصفورة النهرين سعيد عقل، صديقي الكبير، تشاركت معه، في تكريم «الياس أبو شبكة» وكان في المشفى آنذاك. قال لي سعيد: الياس أبو شبكة عبقري،لكن لا يمكنه أن يكون بموازاتي.!! قلت له الياس أبو شبكة شاعر كبير ،ويستحق التكريم والعبقرية. قال: ياحنا:خليني أحبك! لكن الآن وقبل الان،ومنذ أن تأكدت تجربته الشعرية، الياس أبو شبكة وسعيد عقل شاعران كبيران الى حدِّ العبقرية ،ومثلهما بدوي الجبل ونديم محمد..سعيد عقل وبدوي الجبل،وميشال طراد والاخطل الصغير وغناء فيروز لقصائدهم هؤلاء وصوت فيروز ،تبلى الدهور ولا تبلى ابداعاتهم. لايبلى شعر سعيد عقل وبدوي الجبل وميشال طراد ولا يبلى صوت فيروز. ولا أنسى صوت الكبير وديع الصافي وهو يغني للمتنبي: «مالنا كلنُّا جوٍ يا رسولُ أنا أهوى وقلُبك المتبولُ أفسدت بيننا الأماناتِ عينا ها وخانت قلوبهنَّ العقولُ نحن ادرى وقد سألنَ بنجدٍ أطويلٌ طريقُنا أم يطولُ؟ وكثيرٌ من السؤال اشتياقٌ وكثير من ردِّه التعليلُ زوِّدينا من حُسنِ وجهك ما دامَ فحسنُ الوجوه حالٌ تحولُ وصلينا نصلك في هذه الدنيا فإن المقام فيها قليل» سعيد عقل قال لي: كتبت: أجملُ من عينيكِ حبي لعينيكِ فإن غنّيتُ غنّى الوجودْ كنت ببالي فاشتممتُ الشذا فيه ترى كنت ببال الورودْ؟! الناس يُحبّون البيت الاول:حبي لعينيك. وأنا أحببت البيت الثاني:كنتS ببالي.. كم عظيمٍ ميشيل طراد،وكم عظيم سؤاله: «أيو تختي أنا وأيو تخت أختي؟ ورئيف خوري قال عن فيروز: سفيرتنا الى النجوم وهو -رئيف- كان سفيرنا الى المؤتمرات. كنا في بيروت في مهرجان الجواهري،قال لي سعيد عقل:وقد وضع يده بيدي: يا حنا:الجواهري شاعر كبير،لكن الذي كرّمه اليوم شاعر أكبر منه! أما أنت يا حنا تكلمت بعدي وما بيطلعلك.. تريد تعمل «كاتب منبري»: بعد سعيد عقل!!؟؟ وحياتك قد تتشابه بعض التشابه مع حياة سعيد عقل؟! أحببت الحياة والمرأة، وأكرمتهما، وأكرمت نفسي وعائلتي،والكتابة. يوم بعث اتحاد الكتاب العرب يسألني: لمن تعطي إعانة الوفاة؟ قلت لهم: أعيدوها الى صندوق الاتحاد» حينها جاء إليَّ الشاعر الصديق فايز خضور وقال:لماذا هذا التحدي؟ قلت له:أنا دائما متحدٍ.. وفايز خضور مبدع كبير،أحبه،وأقرأ كل ما يكتبه. ومهما يكن بيني وبين اتحاد الكتاب لاأحمل الحقد القديم، وهنا أستذكر شعرا للمقنع الكندي: وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني أمي لمختلف جدّا فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا لا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كبير القوم من يحمل الحقدا في مطعم راميتا في اللاذقية ،كنت أنا وجبرائيل سعادة،هذا الباحث والمترجم النبيل،والموسوعي...تذكر قصيدة «لا مارتين» البحيرة،وقرأها بالفرنسيه. هذه القصيدة التي ترجمها شعرا نقولا فياض: «أهكذا تنقضي دوما أمانينا نطوي الحياة وليلُ الموت يطوينا تمضي بنا سفن الأعمارِ ماخرةً بحرَ الوجودِ ولا نلقي مراسينا قد كنت أرجو ختام العام يجمعنا واليوم للدهر لا يرجى تلاقينا بُحيرة الحب حيّاكِ الحيا فكم كانت مياهك بالنجوى تحيينا قال لي حينها جبرائيل سعادة: أنا أقرأ وأكتب بالفرنسية ،لكن -والله-العربية أجمل. ويبقى هامش الأسئة والتأملات والوجع مفتوحاً على احتمالات الحنين والكتابة وتجربة الحب والمدن والغياب والحضور عند كاتب كبير كحنا مينا يفتتح أبواب الفصول بوهج روحه وغنائية نفسه الطافحة بالخير والإنسانية النبيلة.‏‏

تعليقات الزوار

مهيدي بوعلام  |  boualem175@yahoo.fr | 17/11/2007 16:56

انا طالب في ال سنة الرابعة ادب و اطلب من سيادتكم معلومات حول صورة البحر في الرواية العربية رواية الشراع و العاصفة الحنا مينة .

كبرياء إمرأة |  n.mirage@hotmail.com | 26/12/2009 20:40

اهداني خطيبي اول هدية وهي رواية الشراع والعاصفة لانني احب القراءة كثيرا وسأحاول معرفة السبب وراء اختياره لهذه الروايه.... اخبرني لانها ذكرتني فيكي وحبك للبحر... فأجبته انني احببتها لانها روايه رائعة لمناصر عربي والذي اتمنى ان يكون كل شاب عربي بطلا ون ابطال روايات المبدع حنا مينا.....

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية