هكذا خلق السوري ، وعلى هذا بات عنواناً للمحبة والتآخي إذاً, ما الذي حدث ؟!.
ما يحدث لا يمكن لأحد تجاهله أو نكران قسوته بحق شعبٍ لم يعتد يوماً إلا حياةً عنوانها الأمن والأمان ، وأساسها الحرية في أسلوب العيش ..في المآكل ..في الملبس ..في المعتقد والعبادة، وكل ذلك ضمن ضوابط قيمة وأخلاقية حددت للجميع حقوقهم وواجباتهم حتى بات التعايش المحقق في سورية مضرب مثل وموضع حسد .
ولأننا جزء من هذا العالم نالنا من عصر العولمة سيء الذكر والصيت ما نال غيرنا من أمراضٍ اجتماعيةٍ وفكريةٍ تلقفناها برضى وطيب خاطر معتقدين أننا بذلك نواكب الحضارة متناسين أن بلاد العم سام التي قامت على جثث أبناء الموطن الأصلي لايمكن أن تصدر إلا الأسى وأدواته ، فالمال بات هم الجميع وأقصر الطرق لكسبه هاجسهم ,أليس محور حديث الأهل والأصدقاء هو ؟ وفكرة كل برنامج ترفيهي أم ثقافي إن وجد هو ؟ أليس الداعم والمؤسس لبرامج اجتماعية ودينية أيضاً هو؟ تفلتنا من موروثنا الأخلاقي والقيمي ومن تعاليم أدياننا السماوية السمحة مبصرة القلوب والعقول .
كل ما سبق وأحداً لم يحرك ساكناً ، فالمنظمات الشعبية استرخت حتى نست دورها ،وأنها وجدت لبناء أجيالٍ لا مقامات ،والمدارس انشغلت بحشو العقول عن بناء النفوس في ظل مناهج ضخمة فرضت عليها.
أما الجمعيات الأهلية على كثرتها حصرت دورها بجمع التبرعات للمحتاجين مادياً متناسيةٍ أن الثواب سيكون مضاعفاً إن ساهمت ببناء الإنسان أولاً على محبة الآخر واحترام خصوصيته.
فهل نخرج من أزمتنا أكثر وعياً والتئاماً . ؟ يقيني أننا كسوريين قد يشذ بعضنا عن الطريق لأننا جزءٌ من هذا العالم وأمراضه لامحالة تطالنا لكن الغالبية حتماً حريصة على استعادة أخوتهم والسهر على عافيتهم لأننا لم نعتد يوماً إلا على الحياة معاً.