هذه ليست افكارا لبرنامج ترفيهي ناقد يعتمد النكتة على احدى الشبكات التلفزيونية بل هي قرارات مبرمة اصدرتها حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا بقيادة رجب طيب اردوغان الذي بات مصدر ازعاج لغالبية الشعب التركي لتلاعبه بمشاعره الوطنية واستخفافه بقيمه وتاريخه وحضارته.
هذه القوانين التي جندت لها حكومة اردوغان اغلبيتها البرلمانية ضاربة عرض الحائط بمشاعر المواطنين اثارت حفيظة عشرات السياسيين والنواب والكتاب والصحفيين الاتراك الذين يعتبرون ان اردوغان يفتح الطريق للجهل في المجتمع التركي ويمدح التعصب ويدافع عن التخلف ويعتبر نفسه فوق الجميع وينشر العداوة بين ابناء الشعب الواحد.
نائب رئيس التكتل البرلماني لحزب الشعب القومي التركي اوكتاي وورال اعتبر ان موافقة البرلمان التركي على مشروع قانون يسهل بيع الاراضي الزراعية ويسمح ببيع الاملاك غير المنقولة للاجانب ترهن مستقبل تركيا للخارج في حين رأي فيه النائب عن حزب الشعب الجمهوري اوغور بايراكتوتان تشريعا لبيع الاراضي التركية الى الاجانب التي رواها الشعب التركي بدمائه.
ولفت النائب وورال في تصريح لصحيفة ينيتشاغ الى ان حكومة أردوغان تبحث عن خلق موارد جديدة عن طريق هذا القانون الذي يسمح للاجانب بشراء 10 بالمئة من الاراضي الزراعية في اي بلدة تركية محذرا من أن الحكومة التركية تحول الوطن الى سلعة تجارية يمكن كسب الاموال من ورائها عبر تسليم جميع مصادر الانتاج الى الاجانب ما يؤدي الى رهن المستقبل التركي للخارج.
من جهته نبه النائب عن حزب الشعب الجمهوري بايراكتوتان الى خطورة المحاولة التي تقوم بها حكومة اردوغان في سعيها لتنظيم القانون المتعلق بتأجير الاراضي الحدودية لاسرائيل معتبرا ان القانون الجديد خطوة جديدة نحو بيع الاراضي الى اسرائيل لتبيع معها جميع القيم والثروات القومية.
اما النائب عن حزب الشعب القومي في مدينة كايسري يوسف هلاتش اوغلو فرأى انه بعد اصدار القانون المتعلق ببيع الاراضي التركية للاجانب سيتم بيع 78 الف كم مربع في جميع انحاء تركيا التي تعد الدولة الوحيدة الصالحة للزراعة العضوية مبينا ان اليهود اشتروا 34 الف هكتار في منطقة يشيل هيسار التابعة لمدينة كايسري بواسطة الاتراك.
من جهة اخرى وصف الكاتب الصحفي التركي احمد جورسوي في مقال نشرته صحيفة ينيتشاغ التركية القانون الذي يسمح ببيع الاراضي التركية للاجانب بأنه خطوة نحو بيع الوطن متسائلا عما اذا كان الجندي التركي هو الذي سيدافع عن الاجانب الذين سيستملكون اراضي في تركيا ام سيؤسسون جيشا خاصا لحماية اراضيهم ساخرا بالقول: في هذه الحالة من المحتمل ان يظهر جيشان في تركيا احدهما خاص بأصحاب الاراضي المباعة والاخر بالاراضي غير المباعة... ولا ندري هل سيعتبر الموت في سبيل الاراضي المباعة شهادة ام لا.. وهل ستعتبر الاراضي المباعة للاجانب جزءا من الوطن ام لا وان كانت تعتبر جزءا منه فلماذا تغضب الحكومة التركية من الاتهامات الموجهة اليها حول بيعها للوطن.
وقال الكاتب: ان حكومة حزب العدالة والتنمية كلما اتجهت نحو الدين تبتعد عن القومية وكلما ابتعدت عن القومية تتخلى عن وطنيتها مستغربا تسرع حكومة حزب العدالة والتنمية باصدار القانون الذي يقضي ببيع اراضي الوطن للاجانب معتبرا ان حزب العدالة والتنمية الذي يصف نفسه بأنه اسلامي يخالف الدين الاسلامي الذي يعتبر حب الوطن من الايمان.
وفي سياق متصل رأى الكاتب الصحفي التركي بكير جوشكون في مقال نشره على موقع ايلك كورشون أن قرارات أردوغان ادت الى انقسام المؤسسات الاكاديمية والجامعات وطلاب الجامعات والنقابات والعمال والمدن والجيش التركي والشعب بأكمله وخاصة بعد ان طالت الاعياد الوطنية التي يعتز الشعب التركي بها.
وبين الكاتب ان حكومة حزب العدالة والتنمية لا تحافظ على الموارد الطبيعية في البلاد وتقضي على جميع مكتسبات الشعب التركي التي حققها بتضحيات كبيرة وتسعى الى القضاء على التراث الوطني والثقافة والفن والفنان والمسرح والكتب والادب بعد ان حولت الدين اداة تجارية وسياسية.
واتهم الكاتب حكومة اردوغان بالسعي الى هدم جميع قيم المجتمع التركي عن طريق مشاعر الكره والحقد والانتقام والقضاء على المشاريع الحضارية والتحديث لافتا الى ان اردوغان الذي لا يحترم الرأي الاخر ويستخف بالمواطنين يعتبر نفسه فوق الجميع ولا يسمح لاي مواطن بانتقاد الاجراءات والقرارات القسرية التي يتخذها.
من جهة ثانية قال الكاتب الصحفي التركي جونيت ايلسوير ان أردوغان يبتعد عن الديمقراطية ويستسلم لمنطق القوة والسلطة الذي يستخدمه للسيطرة على الاعلام واسكات الكتاب والصحفيين وقمع رجال الاعمال الذين كانوا ينتقدونه معتمدا على جبروت القوة المنفردة لاردوغان الذي يرى نفسه فوق الشعب والوزراء واعضاء البرلمان.
واشار الكاتب الى ان سلطة أردوغان استهدفت الفن والفنانين عن طريق القرار الذي اتخذه نحو خصخصة المسرح التركي متناسيا وجود تقاليد يجب الحفاظ عليها حتى في الانظمة الليبرالية واشار الى ان أردوغان يعلن سيطرته على الفن والمسرح تحت هذا القرار الذي يحد من حرية الفنان والفن المسرحي والاعمال المسرحية ويقمع الفنان الذي يعمل في المسارح العامة ويصادر حقه في النقد لمجرد انه يعمل لدى الدولة ويتقاضى راتبه منها.