فبعد استقلال الجنوب اليمني من الاحتلال البريطاني وثبات النظام الجمهوري في الشمال تحسنت علاقة الشطرين بعد فتور مؤقت انتهى باعتراف حكومة الشمال بالدولة الجديدة في الجنوب ومبادرة النظام في الجنوب بإرسال بعض القوات الجنوبية لمساعدة النظام في صنعاء ضد الملكيين واستمرت الاتصالات والحوارات بين القطبين اللذين اتفقا على إحياء مشروع الوحدة اليمنية في أول لقاء للحكومتين في مدينة تعز في 25 تشرين الثاني عام 1970.
وبسبب عوامل واقعية فرضت نفسها على الجنوب والشمال كان أبرزها اختلاف النظامين سياسياً واقتصادياً دخل الصراع مرحلة جديدة مع تبادل الاتهامات بين عدن وصنعاء وفي أواخر شباط 1972 بدأ الانفجار العسكري حيث أعلنت صنعاء أن عدن هاجمت مدينة قصطبة جواً بينما وردت أنباء من الجنوب أن صنعاء تحاصر قريتين على الحدود الجنوبية ثم اتسع نطاق الصراع في أيلول من نفس العام 1972 لينذر بقيام حرب شاملة النطاق تهدد اليمن وجيرانها فانطلقت حينها المبادرات العربية لحل الأزمة في اليمن برعاية الجامعة العربية وكانت الوساطة الأولى بمبادرة الكويت إلا أنها لم تنجح فتدخلت الجامعة العربية لاحتواء الأزمة وإحياء مشروع الوحدة وشارك في لجنة الوساطة كل من (ليبيا - الجزائر - مصر - سورية - الكويت) وعقد اجتماع في مدينة الضالع بين الأطراف المتنازعة وأثمر عن انسحاب القوات المسلحة للطرفين على أن يتم اجتماع ممثلي صنعاء وعدن في الجامعة العربية في القاهرة أواخر تشرين الثاني عام 1972 حيث تم خلال ذلك الاجتماع اتفاق اليمن الشمالي والجنوبي على وحدة اندماجية في دولة واحدة عاصمتها صنعاء وسلطتها الدستورية موحدة ونظامها جمهوري وطني ديمقراطي وأن يضمن الدستور جميع التحديات الشخصية والسياسية للمواطنين ويحافظ على مكاسب ثورتي تشرين الأول وتشرين الثاني إلا أن المظاهر الإيجابية في علاقة الطرفين الشمالي والجنوبي لم تستمر طويلاً فقد بدأت علامات التوتر تعود بين الطرفين وتوقفت بذلك أعمال اللجان التي كانت مخصصة لتنفيذ اتفاقية القاهرة وتوالت بعد ذلك الانفجارات العسكرية بين الشمال والجنوب واغتيل عدد من الشخصيات القيادية لكلا الحكومتين واستمر الوضع على هذه الوتيرة حتى 28 آذار عام 1979 حيث التقى وفد من كلا الجانبين فمن اليمن الشمال ترأس الوفد الرئيس علي عبد الله صالح أما الوفد الجنوبي فكان برئاسة الرئيس عبد الفتاح اسماعيل في مدينة الكويت وتوصل الاتفاق إلى تأكيد الرئيسين على العمل باتفاقية القاهرة وبيان طرابلس 1972 وكانت ظروف هذه الاتفاقية كظروف الاتفاقية في مصر عام 1٩72 فلم يسبقها أي تنسيق أو خطوات تسهل قيامها وإزالة عقباتها الأمر الذي جعلها اتفاقية مع وقف التنفيذ ولم تلق نجاحاً بسبب تناقض السياسة الداخلية والخارجية للحكومتين ويعتبر هذا من أهم عقبات قيام الوحدة إضافة إلى العقبات والمعوقات الاقليمية والاستعمارية التي تتمثل في عدم رغبة النظام الاستعماري في إتمام هذه الوحدة واستمرار خريطة التقاسم على ما هي عليه.
في عام 1990 وتحديداً في 22 أيار أعلن عن قيام الوحدة اليمنية بين الجنوب والشمال وأعلن رئيس اليمن الشمالي علي عبد الله صالح رئيساً ورئيس اليمن الجنوبي علي سالم البيض نائباً للرئيس في دولة الوحدة ويعتقد محللون أن التغيرات الخارجية كان لها الأثر الأكبر من تلك الداخلية للدفع بالوحدة، مثل سقوط جدار برلين ومن ثم انهيار الاتحاد السوفييتي.
قامت الوحدة بشكل اندماجي ولم تكن فيدرالية وللمرة الأولى منذ قرون تم توحيد الأراضي اليمنية في فترة انتقالية استمرت 30 شهراً.
وبعد ذلك بثلاثة أعوام عادت الصراعات ضمن الائتلاف الحاكم وقام نائب الرئيس علي سالم البيض بالاعتكاف في عدن في 1993 وتدهور الوضع الأمني العام في البلاد واستمرت المفاوضات بين القادة في الشمال والقادة في الجنوب ما أسفر عن توقيع وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان في 20 شباط 1994 وبالرغم من ذلك اشتدت حدة الاشتباكات حتى اندلعت الحرب الأهلية في أوائل أيار عام 1994.
وأعلن القادة الجنوبيون الانفصال وإعادة جمهورية اليمن الديمقراطية في 21 أيار 1994 أي بعد بدء المعارك ولم يعترف المجتمع الدولي بالدولة الجنوبية المعلنة وسعت الأمم المتحدة في خضم ذلك لوقف الحرب وأصدر مجلس الأمن قرارين الأول 924 في 1 حزيران و931 في 29 حزيران أيضاً ودعا القراران لوقف إطلاق النار فوراً.
ولم يطبق القراران حتى دخلت القوات الشمالية الموالية على عدن في 7 تموز 1994 وانتهت الحرب بانتصار القوات اليمنية الشمالية.
azahsh_82@yahoo.co.uk