تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وأخيراً... فخ «التدويل»!!

قاعدة الحدث
الثلاثاء 12-1-2010
دينا الحمد

أخطاء كثيرة بدأت تعصف باليمن بدءاً من الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين ومحاولات فصل الشمال عن الجنوب وتحويل ساحات الدولة إلى بؤر توتر بحجة نقل تنظيم القاعدة لنشاطاته من أفغانستان إلى اليمن،

لكن أخطرها على الاطلاق تمثل بدخول القوى الكبرى الطامعة على خط الأزمة لتحقيق غاياتها وأهدافها واستراتيجياتها في المنطقة ودعواتها لتدويل الأزمة اليمنية معتمدة على خلط الأوراق وتضخيم ما يجري في اليمن لتمرير خططها «التدويلية».‏

فعلى غرار صرخة أرخميدس «وجدتها.. وجدتها» عندما اكتشف قانون الوزن النوعي وهو يستحم سارع غوردن براون رئيس وزراء بريطانيا - كما علقت الصحافة الغربية - ليدلي بدلوه ويبتدع قصة التدويل التي جربوها في أكثر من مكان في العالم وفشلوا في تحقيق نتائج إيجابية بدءاً من العراق وانتهاء بأفغانستان.‏

ولعل اللافت في دعوة «التدويل» للمشكلة اليمنية هو تداعي أقطاب السياسة الغربية إلى مؤازرة بعضهم البعض وتهويل الأمور لتمرير أهدافهم، فما إن أطلق براون لتصريحاته بشأن التدويل حتى سارعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى اعتبار أن اليمن يشكل تهديداً لأمن المنطقة والعالم وتبعتها فرنسا باغلاق سفارتها في صنعاء وختم الأمين العام للأمم المتحدة تلك المحاولات بشد أزر من سبقوه ودعا إلى مؤتمر دولي حول اليمن.‏

وحجة التدويل جاهزة على الدوام وتأتي ضمن مسلسل مكافحة الإرهاب المزعوم وتطويق القاعدة والبحث عن استقرار المنطقة وأمنها، حيث يبدأ الإعلام الغربي بحملة تهويل كبيرة من أن الأمن العالمي تتهدده الأخطار بسبب وجود القاعدة هنا وأن الحكمة تقتضي باغلاق السفارات والتحذير من القيام بهجمات إرهابية ضد المواطنين الغربيين والحل الوحيد هو عقد مؤتمر دولي حول اليمن، والذي بالتأكيد سيصدر قرارات بإنزال قوات وإيجاد قواعد بحرية على مضائق اليمن المهمة للتصدي للمهمة الجديدة.‏

باختصار دعوات التدويل التي أطلقتها بريطانيا والولايات المتحدة تعيد إلى الأذهان مؤتمر أفغانستان الذي انعقد في ألمانيا لترسيخ واقع جديد في أفغانستان يخدم مصالح القوى الكبرى والحجة والذريعة كانت محاربة طالبان وتنظيم القاعدة، واليوم تحاول القوى ذاتها تدويل الوضع اليمني لتحقيق غايات كثيرة قد يعلمها البعض وقد يجهل تفاصيلها الكثيرون، فقد يكون الهدف هو صرف أنظار الرأي العام الغربي خصوصاً والعالمي عموماً عن المأزق الكبير الذي يواجه هذه القوى في أفغانستان وباكستان وقد يكون الهدف السيطرة على مضيق باب المندب وزرع قواعد عسكرية في مياهه وعلى شواطئه للتحكم بكل حركة النفط من الخليج العربي وإيران إلى العالم كله، وقد يكون الهدف التواجد في هذه المنطقة الاستراتيجية لزرع مزيد من الاقتتال بين مكونات الشعب العربي كما حصل في العراق لتفتيت دول المنطقة فضلاً عن تأليب حكوماتها ضد بعضها البعض.‏

ألم تتداع الدول الغربية لتدويل النزاع الصحراوي بين الجزائر والمغرب وبقي التدويل سيفاً مسلطاً على الجميع هناك وبقيت الأزمة مستمرة والجرح مفتوحاً؟!‏

ألم يكن فخ التدويل هو البوابة الأولى لتدمير العراق وإنهاء قوته ومحاولة تفتيت وحدة أراضيه؟ أليس الأمر ذاته في أفغانستان ودارفور والصومال وجنوب السودان؟!‏

إن ما يجري اليوم تحت يافطة «التدويل» يستدعي من الدول العربية التحرك الفوري والعاجل «لتعريب» الوضع اليمني بدلاً من «تدويله» ولعل الحراك الذي بدأت به الإمارات العربية المتحدة - والذي كشفت عنه مصادر دبلوماسية يمنية - لانتشال اليمن من الأخطار المحدقة به يعطي مؤشراً إيجابياً لبلورة موقف عربي موحد ينقذ اليمن مما يتربص به وذلك عبر إنهاء الأزمة الداخلية بالطرق السلمية عبر الحوار الوطني الشامل بين جميع القوى والأحزاب على الساحة اليمنية والالتفات إلى التنمية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لأن ذلك هو السبيل الوحيد لحل الأزمة وليس بالتدويل ورؤية الأجنبي يسرح ويمرح في بحارنا ومضائقنا وأرضنا!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية