تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثقافة التطفل

معاً على الطريق
الثلاثاء 12-1-2010
د. أحمد برقاوي

اعلم أن التطفل هو التدخل فيما لايعنيك من حياة الآخر . ولمن لايعلم فإن الطفيلي صفة منسوبة إلى شخص يدعى طفيل ، وهو رجل من أهل الكوفة من بني عبد الله بن غطفان كان يأتي الأعراس والولائم من دون أن يدعى إليها . فنسب إليه كل من يفعل فعله .

ومن اسمه اشتقت منه الأفعال والأسماء. ثم اتسع مفهوم «التطفل» حتى صار ينسحب على كل فعل يقوم به المرء من دون سبب وجيه.‏

غير أن وجه الخطورة في التطفل أنه صار ثقافة لاشعورية ، ولا ينتبه الإنسان إلى سلوكه التطفلي.‏

ها أنت سائر في الطريق ذاهب إلى مكان ما أو لديك موعدّ مع صديق .يسلم عليك شخص بالكاد تتعرف عليه ، أو حتى صديق فيبادرك بالسؤال: «لوين رايح» إلى أين أنت ذاهب ماالذي حمله على هذا السؤال؟ ربما لايقصد معرفة جهة ذهابي . وقد لاينتظر جواباً مني ، لكن السؤال صار عادة ، إنه سؤال تطفلِ بكل معنى الكلمة ،سؤال ثقافة تطفل.‏

هاأنت جالس في المطعم أو المقهى مع صديق عزيز وبينكما حديث خاص . يأتي شخص ، يسلم ويجلس من دون أي إحساس بالذنب ،من دون أي دعوة له بالجلوس يقطع حديث الصداقة لأنّنا لانريد لهذا الآخر الذي جلس معنا أن يسمعه.إنه يرى الأمر عادياً جداً.‏

إنها ثقافة التطفل.‏

يسألك - مع ابتسامة نصر وكأنه ألقى عليك القبض . متلبساً بجرمك المشهود، من تلك الفتاة الجميلة التي كانت جالسة بقربك في المسرح؟ فتتذكر أنك كنت مع صديقك فقط ، وربما تكون هذه المرأة زوجة أحد الجالسين في الصف الذي تجلس فيه . وحين تجيبه أنه لم تكن هناك أي امرأة بجانبي يعاود الابتسام دلالة على أني أنكر ، هب أن المرأة التي كانت بجانبي تخصني ماعلاقتك أنت بذلك . إنها ثقافة التطفل.‏

يسألك من دون حرج : ماالذي يحملك على صداقة فلان ، لماذا وافقت على إجراء حوار مع فلان ... وقس على ذلك من أسئلة التطفل التي لايراها السائل تطفلاً ، إنها ثقافة التطفل.‏

ومن أخطر أشكال ثقافة التطفل السائدة التطفل علىالكتابة والمهنة ذات الصلة بالثقافة .‏

ولقد شهد الوطن العربي في الربع الأخير من القرن العشرين ومازال حالة من التطفل علىالكتابة لامثيل لها بكل أنواع الكتابة.‏

وبموضعات ماأنزل الله بها من سلطان ، فهذا يحدثك عن صديقه الجني ولقائه به ، وذاك يحدثك عن قضايا حساب الآيات في القرأن ، وثالث عن الماسونية وخطرها العالمي ورابع عن اطماع اليهود في فلسطين والحركة الصهيونية التي أصلها يبدأ من ابراهيم ، وخامس وسادس....‏

وتأمل تطفل الناس على مهنة أستاذ الجامعة: يحمل شهادة الدكتوراه من دون أن يعرف مامضمون الرسالة التي تقدم بها لنيل الدكتوراه ، ثم يتقدم للتدريس في الجامعة . وتأمل أيضاً أيها القارئ العزيز الكارثة المترتبة على ذلك إنها ثقافة التطفل.‏

ثقافة التطفل لاتعني سوى شيء واحد وحيد لم تنتصر ثقافة الإنسان الحر والمنطقي والواقعي .‏

أبعد هذا تسألني لماذا أنت غاضب يا ابن الحياة؟..‏

تعليقات الزوار

سليمان يونس محرز |  zainabm@scs-net.org | 12/01/2010 09:19

حضرة الدكتور المحترم أحمد برقاوي : يشرفني أن أكتب عما كتبت فهو عين الحق والصواب 0 وبسرّني أن أهمس لك 0أليس هو الخطب الجلل 0لواقعنا أن ترى تلك الهامات الفارغة في غير مواقعها0 وهنا وهناك 0 وكما تعلم فقد قال سعد الله ونوس (إننا محكومون بالأمل ) وهنا المصيبة الكبرى في تاريخنا أننا محكومون بأمل أن يأتي من يخلصنا من بوتقة الضياع 00؟ فنجلس لنحلم 0تفائل إن الغد آت ٍ 0 أتشرف بدعوتك : للمشاركة بندوة( فكرية عن المستقبل ) بالنادي الثقافي في القطيلبية في الزمن الذي تراه مناسبا ً0 سليمان يونس محرز- نادي القطيلبية الثقافي

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية