ما جسّده عبرَ حكايا كان لطقوسِ كتابتها لديه، ما نقرأ منه ويرويه:
«حين أبدأ الكتابة، لا أسعى لتأمين الجوّ الإبداعي المعروف عند الآخرين، إذ أترك كل شيء حولي على سجيته. أجلس إلى طاولة صغيرة في المطبخ المفتوح على غرفة المعيشة وأطفالي يلعبون حولي بصوت عال. التلفاز يعرض أشياء لا تهمني، وزوجتي تطبخ قربي وبين الحين والآخر تطلب مني تنفيذ أشياء منزلية روتينية..
ضمن متاهات هذا الطقس العائلي الجميل، يزورني في المساء شيطان الكتابة، فتراني أبدأ بسرد حكاياتي، بعد أن أكون قد أمضيتُ يوماً كاملاً في إعطاء محاضراتي في الهندسة الميكانيكية، وانشغلت لساعتين على الأقل في بحوثي العلمية.
تغلي الأفكار والخلجات في رأسي كما الماء في مرجل على نار هادئة. أفكار كثيرة ومتنوعة كتنوع أقواس قزح، لا طعم للحياة بنوعٍ واحد من الأفكار، كالربيع الذي لا يحلو بنوعٍ واحد من الأزهار، في كل يوم تلد في رحم عقلي فكرة جديدة تصلح أن تكون قصة أو رواية.
ثمة أفكار تختارني للكتابة عنها، تزورني في أحلامي مثلاً، أو يتكلم عنها أشخاص من محيطي العائلي، أو الأصدقاء ممن لا علاقة لهم بكتابة الأدب، حينها أتناول الفكرة لأصنع حكاية، أبدأ رحلة السرد بكلمات قليلة، وبعد ساعات أكون قد كتبت صفحات من الأكاذيب الأدبية التي قد تبدو للقارئ، واقعية وممتعة ولا سيما حين أسردها بضمير المتكلم. هذا ما حدث معي على سبيل المثال، في واحدة من قصص كتابي الأخير «حجر الجلخ».