تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عام من الحرب

بيروت
صفحة اخيرة
الخميس 29/12/2005م
نهلة كامل

انتهى عام 2005 ولم ينته مخطط الشرق الأوسط الكبير, ولا حسمت الحرب العالمية الثالثة, تدعي أميركا أنها حرب على الارهاب,

وما زالوا يفترضون الفوضى خلاقة, والقوى الصامدة مارقة, لكن الشعب السوري حسم, خلال عام, اموراً بالغة الخطورة والحساسية في تاريخه الوطني, وتاريخ الصراع على المنطقة من البوابة السورية.‏

نعم أيها الاعزاء قطعنا عاماً من حرب لا تقليدية, بأدوات جديدة لا كلاسيكية تساوى فيها دور الحرب الاعلامية مع حرب آليات الضغط الدولية والحرب بأهداف الجريمة والارهاب بقدوم الدمار والهلاك..‏

عام من الحرب انقضى, وبدل أن يشير المراقبون في نهايته إلى (انهيار سوري ما)?! ها هم يشيرون باعجاب, بل بدهشة, إلى دينامية الشعب السوري التي لم يعرفوها قبل التحدي: المواجهة والحرب.‏

ولم يتوقع أحد من المخططين للحرب المباشرة أو المستترة, أن يتوازن هذا الشعب العظيم وهو في بؤرة الهدف, وأن يصمد الوطن وهو في دائرة (الخطر), التي رسموها حوله ترهيباً, للعدول عن المواجهة, وترغيباً بالدخول في شتات تفكك عربي.‏

فقد استوعب الشعب السوري قضية فتح ملفاته الداخلية والخارجية دفعة واحدة, وفي لحظة مريبة, كأنها يوم الحساب, لم يكن هدفها الداخلي الدعوة الحقيقية إلى الاصلاح, كما لم يكن هدفها الخارجي الوصول إلى الحقيقة, لكن حكمة شعب انتصر دوماً في معارك البقاء, ردت على لحظة الهجوم برأي عام شعبي يعرف الحقيقة, ويحتفظ لإرادته بالاصلاح والحساب والشفافية.‏

والحقيقة التي هي محاولة كسر إرادة الشعب العربي تجاه المخطط الصهيو -أميركي عرفها الطالب اليافع ورجل الشارع الشعبي كالمثقف والسياسي المتمكن, فلم يتشتت الشارع السوري في اتجاهات متناقضة ولم يختلف الرأي العام السوري حول تفاصيل ملحة لمخططات تدفقت فجأة من كل اتجاهات الأراضي السياسية والفضاء الاعلامي.‏

فكيف سيدخل الشعب السوري في استراتيجية الشرق الأوسط الكبير, بعد أن انذروا الشعب العربي (بالخراب الآتي) إذا لم يلغ هويته, وكيف اصبح الشعب السوري كله صدفة تحمي داخلها لؤلؤة الشرق المتألقة على مدى المخاطر?‏

اسئلة لم تحير المراقبين فقط, بل غيرت المخططات, وعدلت في موازين القوى, ونطقت بالحقيقة التي لم يعرفها الاستراتيجيون في الشرق الأوسط الكبير, ولم ينقلها ازلامهم في إسرائيل والعراق ولبنان الذين وعدوهم بياسمين دمشق بعد أن قدموا لوصايتهم الورود في بيروت.. فهل يستفيدون من أجوبة الشعب السوري?!‏

فالحقيقة هي هذا الشعب, ومنه, لا يستوردها من الخارج, ولا ينطق بها عن هوى, هو الذي يحزم البطن وهو يرفع السيف, ويطلب الاصلاح كما يرفض المؤامرة..‏

وهي سلام داخل النفس الشعبية السورية, يعادل حسها السليم بالحق والخير, وايمانها النهائي بالدفاع عن الوطن, فإذا كانت الحرب فهو الذي يعطي الذات الشعبية توازنها في وقت الخطر, وهو الذي يحمي سورية بإرادة الله لأن الله سلام وحق وخير متأصل في الذات الشعبية.‏

وإذ حيرت المراقبين عبارة (سورية الله حاميها) التي رفعتها سورية تميمة على جبل قاسيون فلأنهم لا يفهمون كيف يرى السوريون أن إرادة الشعب هي من إرادة الله, بل يفسرون المواقف بسطحية المفاهيم العابرة, وصفوا العبارة أنها تطرف ديني, ويستخفون بتاريخ إنساني وروحي وضع الصمود أساساً للحوار مع الآخر حين اعمى بصيرته جبروت الالغائية.‏

إنها ليست الحرب الالغائية الأولى التي يتعرض لها الشعب العربي, ولا الحملة الأولى التي رفعت رايات الخير وهي تضمر الشر, لكنها تجربة متجددة تجعلهم يرضخون لمبدأ أن الشعب السوري لا يمكن أن يعاقب.. بل أن يحاور..‏

نعم إن العالم بحاجة إلى حوار, يستبدله الجبروت بالعدوان.. لكن الصمود وحده كان قادراً على وضع الشعب العربي الند للند في آليات الحوار وعلى كل مستوياته في الشرعية الدولية, ومراكز اتخاذ القرار.‏

لقد وضعوا لآلية تغيير العالم العربي خططاً حربية تحركت في مقدمتها فرق اعلام وثقافة تسقط الحوار وتدعو إلى تدمير بنى المجتمع العربي, فكانت أكثر استبداداً من أسلحة القتل العمياء..‏

وكان عجيباً أن يهدد تقرير الأمم المتحدة الإنمائي الشعب العربي بالخراب الآتي, إذا لم يبادر إلى معاركه الداخلية في لحظة اعلان الحرب الخارجية.. لكن كل ذلك كان مناسباً لفوضى تنبع من انهيار الذات أولاً.. فهل استطاع عام 2005 السوري أن يقلب المعادلة فينادي بالحوار بدل الدمار..‏

المعركة لم تحسم بعد, لكن الشعب السوري يرفض الدمار القائم, والخراب الآتي, ويحاور الذات قبل الآخر.. إذ لا حوار بلا صمود.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية