تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الثائرون ضد العولمة

قضايا فكرية
الخميس 29/12/2005م
عيسى الشماس

شكلت العولمة تحدياً كبيراً حول الاقتصاديات الغربية وشركاتها متعددة الجنسيات, حيث الأقلية المتميزة ( الغنية) تظهر لامبالاتها الواضحة تجاه الأقليات الأكثر فقراً من الجنس البشري.

فعلى الرغم من نصف قرن من المحاولات لتوحيد(دمج) الاقتصاديات والثقافات العالمية, من أجل مستقبل تشاركي أفضل, فإن نصف شعوب الكرة الأرضية مازالت تعيش على أقل من دولارين للفرد الواحد في اليوم, ومع هذا الكم العددي الكبير من الضحايا, فإنهم يفتقرون إلى الصوت المعبر عنهم.إن حكومات هذه الشعوب المضطرة إلى النظر إلى الخارج, من حيث الدعم المالي والتمويني, كانت دائماً غير مبالية بتذمر الشعب وشكواه.. وهكذا كان الحديث عن المعارضة يتزايد من خلال حملات تناهض العولمة, وتمرّ في العالم الغني, من قبل هؤلاء الذين يسجلون باحترام تمزيق قمة (ذروة) القوة الكبرى الجاهزة للدوران من سياتل 2000 إلى جينوا 2001 إلى واشنطن .2002 لقد قاوم المحتجون العولمة التي اصبحت اختزالاً لقوى تحطيم الحماية التجارية والخصوصية الثقافية,فاقترحوا شعار( مناهضة العولمة) بعدما تبلور التذمر ضد العلاقات المتدخلة في العالم الجديد.فقد عبر هؤلاء عن استخدام قواهم, ولكنهم يرون أن شيئاً ما (كريه) مازال في المستنقع,وكسبت تحركاتهم اهتمام العالم الواسع لأنها ملأت اليسار الفارغ, بحركات متقدمة عندما اسقطوا إيديولوجياتهم, وبددوا مشهد عداءاتهم التقليدية, واستهلكوا طاقاتهم الباقية للصراع فيما بينهم.‏

بعد انتصاراتهم غير المتوقعة ضد الفصل العنصري, وسباق التسلح وحرب فيتنام, أنهى ثوار العالم الغني الألفية الثانية من دون خلاف, كان أملهم في عالم تبادلي ( تشاركي) بعد انهيار الشيوعية ونهاية الفقر في كوبا وكوريا.. لقد تراجعت الأخلاق في كثير من أبنية الأعمال الإنسانية المركزية المتدنية مثل (الأزمة التعاونية, جداول رواتبهم تحت وطأة الدائن, والعلوم المشتركة التي ذهبت شعبيتها مع البعثات التبشيرية لإحياء قيم المساهمة).‏

إن القطاع الثالث ( لإضاعة الربح) جسم بعناية بين الخدمة العامة والربح الخاص, وكان ملازماً لسد الثقوب في وضع الرفاهية المتضائلة وتقوية صراعات الشارع, لاحتقار مطبخ الشوربة وتنظيف جانب من علب التنك المتجمعة على الأرض, من قبيل الصدفة ليس إلا, والتي تساعد الحكومات في المراوغة تجاه التزاماتها الاجتماعية.‏

إن تعرية الحلول التقليدية, وسيطرة المحتجين بحماس على (صرخة الحرب), شعار قدم لهم العالم كلّه لحملة مضادة من دون عوائق للكشف عما كان يفعله المتاجرون واعتادوا عليه. فقد أظهر تطويق العولمة المضادة أن الأزمات المالية يمكن أن تكمن خلف حدود أوطانهم.. ولذلك كانت مهمتهم ( التبشيرية) لحل مشكلات الاقتصاد والتجارة, ولكن ليس باستبدالها عبر الحدود. فالليبراليون العالميون ( الاجتماعيون واليساريون) كانوا مهتمين بنزع فتيل حرب الطبقات الغربية بواسطة التغيير ونقل الملكية, لتطوير البلدان الصناعية الصغيرة. فماركس دعا إلى التأثير في التبلّد الطويل من خلال رفض الموافقة على ما كان عليه العمال, والذي يمكن ألا يكون سطحيا,مع التأكيد على وحدة العالم.‏

لقد صنفت مناهضة العولمة أيضاً, رأي اليسار التعليمي مع تحرك بيئي واع ومتقدم. فجماعة السلام الأخضر, وبطريقة مماثلة, اتهمت في الاساس الاجتماعي الأقليمي لطحن كل المصادر العالمية, لتسمين النسبة الصغيرة من شعبها. إن صدى سدادة المحاربين القدماء والطبقة الوافرة من القوى الحربية المحتمة بألوانها الكاملة, وحتى الاقتباس من الفوضى المنظمة أحياناً وبشكل مدهش,‏

إن الحكومات الوطنية تبدو عاجزة عن خلق عالم نظيف ( عادل), وأبنية تتخطى الحدود الوطنية مثل تنظيم التجارة العالمية, وأكثر من ذلك, لأنها تصنف بشكل واضح جداً وكأنها تحيل الشعب كله إلى درجة أدنى منها, وتبرز في المقابل مستجيبة لحاجات تلك الشعوب. فمناهضة العولمة تبحث في حلقة الاتصال بين الشمال والجنوب, ليس فقط بين حكومات الدول الغنية والفقيرة, وإنما أيضاً بين التنظيمات غير الحكومية (N.G.O). إن مجموعات الحملات, والتنظيمات الاجتماعية وشركات التجارة النظيفة, والاتحادات الشريفة, وغيرها من شبكات المساعدة الذاتية, تستطيع أن تنقذ القصور المتوضع على قمة الحركات المتمردة.. وبالتالي يستطيع هؤلاء المناهضون أن يقوموا المراتب السياسية الآيلة إلى السقوط ( الزوال) بواسطة تشكيل الحلقات الأفقية المباشرة بين بقاع أراضيهم العامة. لكن تنظيم الواقع العالمي سيستمر حتى خلاص الحركة الجدية, وحتى يعترف الطرف الآخر ( النقيض) بتلك التناقضات الأساسية..‏

عن كتاب أسطورة العولمة‏

* أستاذ في جامعة دمشق‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية