تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بلغتنا وفكرنا وحجارتنا..نواجـــه الظــــلام.. ونعــــزّز هويتنـــا..

ثقافة
الخميس 6-2-2020
هفاف ميهوب

في زمنٍ، نادراً ما تطلَّ فيه فضائياتنا على إشعاعاتِ الفضاءِ الثقافي-الفلسفي-الفكري، وكثيراً ما تستقطبُ اشتعالات عالمٍ ادلهمَّ من شدَّة حقده وتفكيره البدائي -الهمجي.

‏‏

في هكذا زمنٍ وأمام واقع بات مسكوناً بالتجهيل والتسطيحِ والتعتيم، لابدَّ أن نتوقف أمام ما يلفتنا ولا نتوقعه من «أطياف المفاهيم».. العنوان الذي وإن لم ينجذب كُثر إليه، فلأن قلَّة قد يفهمون ما يعنيه، ولما فيه من إشكالياتٍ تلمَّسناها «إلى حدٍّ ما». البرنامج الذي اعتدنا على استقطابه لكلِّ ما يراد منه، توعية المشاهد وتنمية وعيه ومعارفه..‏

حتماً، من الضرورة أن تولى هكذا برامج الكثير من الأهمية، ولأنها تُعزِّز ارتباطنا بسوريتنا وتشبُّثنا بهويتنا، وهو ما يدعو إليه الإعلامي «نضال زغبور» بشكلٍّ دائمٍ في برنامجه الذي لم يكن الباحث الدكتور «صلاح الدين يونس» وحده من أكَّد فيه على ضرورة الارتقاء بأجيالنا معرفياً لتحصينها من الاستلابات الغربية.. لم يكن وحده لطالما، استضاف «زغبور» في الحلقة التي تلت هذه الحلقة، مدير عام الآثار والمتاحف-الدكتور «محمود حمود» الذي توالت أسئلته له بطريقةٍ أراد منها تقديم حقيقة واضحة، وضوح ما آلت إليه أحوالنا ويحتاج إلى ما يخلِّصنا من الأفكار الهدَّامة والمتأرجحة، وما بين جهل مُطبق، وفكر أحمق.‏

إنه جهلُ من لا يعرف «ماذا يقول التاريخ إذا نطقت أوابدنا، وتحدثت عما إذا كانت بسلام»، وفكر الذين سعوا لتدميرها وتشويهها، وعلى مرأى عالمٍ يُدرك مُذ أيقظتْ هذه الأوابد غفلتهُ، بأن عيونها يقِظة ولا يمكن أن تغفو مهما داهمها الظلام.‏

هذا ما أراده «زغبور» من «آثارنا وسؤال الهوية». عنوان الحلقة التي لم يبدأها مع «حمود» تجوالاً بين مقتنيات المتحف الأثرية، إلا لأنه أراد الإشارة إلى أهمية الزيارة، ولاسيما أن «ثقافة زيارة المتاحف» غير الدارجة لدينا، تدل على ابتعادنا وعدم اهتمامنا بمنابرنا الثقافية والحضارية. أيضاً، على أن أجدادنا السوريين هم صنَّاع الإبداعات والمقتنيات، وسواء الموجودة في وطننا، أو حتى في الكثير من دول العالم، وكشاهد على أن هؤلاء الأجداد هم ماضينا الذي لازال يصنع حاضره ومستقبله.‏

نعم، هذا ما أريد من برنامج تناول الكثير مما يذكِّر ويدعو ويحثُّ ويؤكد على أهمية الحفاظ على تراث بلدنا الذي هو معبر تواصل العالم وملتقى الثقافات، وعلى ضرورة الاهتمام بهذا التراث والتعرف على حكاياه المنسيّة والكامنة في ذاكرته حيث فيضُ العطاء الذي أغدق على كلِّ الحضارات.‏

فجأة.. ينقل «زغبور» حواره الذي تمَّ عبر التجوّل بين الآثار، إلى استديو بحثَ فيه مع ضيفه، ما كان أهمّه وباختصار:‏

«ضرورة تصدي الأوساط العلمية، لإسرائيل التي لا تاريخ لها وتسعى لمحو تاريخنا، والإدعاء بأنه لها».. «أهمية المشاركة وعقد المؤتمرات التي تبيِّن، مابيّنه «حمود» عندما نوّه إلى «تعرض أوابدنا وتراثنا ومواقعنا للتخريب على يد العصابات الإرهابية التي لازالت تركيا تهاجمها مع أنها ملك للإنسانية».‏

في هذه الحلقة، كما في الحلقات التي قبلها وبعدها، دعوة للمهتمين والمعنيين وكلّ المؤسسات التي عليها العمل على تجذير الانتماءِ بقوةٍ لدى السوريين. أبناء بلدنا ممن عليهم أيضاً، معرفة حضارتهم ومن يسعى لتشويهها، وليس فقط من خلال قراءتهم للتاريخ، بل وبتوظيف هذه القراءة لخدمة المستقبل وتدوين تاريخ حقيقي-حضاري-إنساني».‏

ننتقل إلى الحلقة التي عنوانها «عندما يتكلم الصمت» التي قال «زغبور» بأنها «ذو طبيعة خاصة تتناسب مع طبيعة ضيفها «نزار علي بدر» أو «جبل صافون». الفنان الذي واجه بلوحاته، كل من كان سبباً في شنَّ الحرب على بلده.. أنطقَ أبجديتها وقدم بمنطقها، رسالة للعالم تقول، بأن سوريا جميلة وعظيمة بتاريخها وأوابدها وتراثها، وبأن السوريين أصحاب حضارة وتاريخ وعراقة وإبداع، وسيبنون وطنهم بالمحبة والعطاء والجمال..‏

تتوالى الحلقات، بعناوينها المخصصة للارتقاء بثقافتنا وأفكارنا وحضارتنا. تتوالى ولن تنتهي بدلالة ماتابعناه مؤخراً وبحث فيه «زغبور» مع ضيفه الشاعر «غسان حنا» في «اللغة المنطوقة» والإبداعات الروحية والصوفية، وغير ذلك مما استدعى عوالمِ الشعرِ وماإذا كان لايزال ديوان العرب، أو أن التكنولوجيا ألغت دوره في تحريك المشاعر الإنسانية.‏

كلمة أخيرة مني.. أتمنى أن تكون أغلب البرامج التي تهتم وتركز عليها فضائياتنا، ثقافية وتوعوية وفكرية.. أيضاً، أن تكون أعداد المهتمين بتقديمها، كبيرة كبر أمنياتنا بصحوةٍ ثقافية -معرفية-حقيقية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية