سفرة السحور مدت وسط الغرفة وعلى المدة جبنة وكأس من الشاي الخمير, أو جبنة وخيارة, السحور عادة خفيف, زيتون وعروسة زيت وزعتر.. للصغار خاصة.
الأم تنبه ابنها: لا تأكل من المجدرة (من البرغل والعدس والبصل واللحم) أو من المخلل إنه يعطش, والأم أحيانا تتعب بتفييق ولدها على السحور.. وإذا لم يتسحر يبكي ويصوم بلا سحور وأحيانا لا يحتاج الطفل إلى من يفيقه من النوم لأنه سهران, وينادي المسحر: يانايم قم وحد الله, صل على الهادي رسول الله, ويدق الباب بالسقاطة النحاسية, والأولاد ينظرون إليه من الشباك أو من المرياية. وقد يمشون معه ويتفرجون عليه.
الأم تروي لأطفالها, وهم يأكلون, قصة الأرنب الذي لم يسمع كلمة أمه فأكله الذئب.
في الصيف تعد الأم معقود المشمش, وشراب منقوع قمر الدين لترطيب الجوف.
الثلج: كان الثلج يشترى من البائع, والبائع ينادي: المية فيجة والثلج معمل, الثلج يوضع بالماء ليبرد, ماء نبع الفيجة بارد لا يحتاج إلى ثلج.
ويوضع الثلج في سطل العرقسوس وفي إبريق الليموناده والتمر الهندي ويباع السويق ويدور بياع السويق على حماره والسويق هو ثلج جبل قاسيون يوضع في حفرة مغطاة لتحفظه إلى الصيف.
الطفل
الطفل يفرح برمضان ويصوم إلى درجات المئذنة حتى الظهر, يسأل: متى أكبر حتى أصوم مثل الكبار? ويسأل: متى يأتي شهر رمضان?
الطفل الصائم يسأل ببراءة: ماذا يفطر? عروسة الزيت والزعتر تفطر? الجواب: لا تفطر فيأكلها الطفل, ثم يسأل: الجبنة تفطر? المي تفطر? فتقول له أخته متضايقة به: المية تفطر, فيبكي الطفل ويتوسل لأخته حتى تقول له المية لا تفطر, فيبقى صائما إلى الإفطار.
والأطفال يغنون: ياصايم بالجنة نايم, يامفطر بالنار ابتفطر.
حارة السمانة
سميت حارة السمانة في سوق ساروجة لسوق السمانة بها, وقبل مدفع الإفطار يسرع الطفل بسطل العرقسوس وعليه ثلجة بخمسة قروش أو عشرة قروش من دكان أبي قاعود إلى البيت.
والبنت تسرع بالخبز المشروح من الفرن وعليه حبة البركة.
الأب ( أبو نزار) يقف على يد الخباز, والخباز يشوي الصفيحة في الفرن, وعليها الصنوبر في الدار الموز البيروتي الشهير ( أبو نقطة) والبرتقال اليافاوي من مدينة يافا في فلسطين, والكمأة السمرا بنت البادية, والطرخون والنعناع, الصائم يشتهي.
البنت (خديجة) تملأ إبريق الفخار من فيجة الحارة الباردة, وهيثم يسرع من البيت بصينية التسقية وبها فتافيت الخبز حول كأس من الزيت, أبو قاعود الحمصاني يسقي التسقية بخمسة وعشرين قرشا سوريا.
في الفرن تتزاحم صواني اللحمة بالصينية, وعليها الجانرك وقطع الدهنة والبندورة واللحمة على رغيف في بيت النار, هناك ازدحام على السمان والخضري واللحام, الشمع والكاز حاضر في الدار خوفا من انقطاع التيار الكهربائي.
الشحادون يقفون في رأس الحارة, وأكثرهم من النور ينتظرون مدفع رمضان ليدقوا الأبواب: من مال الله, زكاة شهر رمضان, زكاة صيامكم, وقد تأخذ النورية ما تجده أمامها..