رغم الضغوط والتهديد بفرض عقوبات, أو بضربة عسكرية, فالرئيس الإيراني أحمدي نجاد لا يكف عن السخرية من رزمة الحوافز التي قدمت لبلاده من مجموعة (5 + 1) في حزيران ,2006 مقابل وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم وهو القائل إن قبول هذا العرض يشبه قبول مبادلة الحلوى بالذهب!
إيران جارة العرب, وهي دولة إسلامية إقليمية كبيرة ومهمة ومتقدمة صناعياً, ولها مشروعها السياسي, وهي دولة تمتلك ثروة نفطية وغازية وممتدة جغرافياً, وعدد سكانها يناهز سبعين مليون نسمة ينقسمون إلى أكثر من ست قوميات, لكن تجمعهم راية الإسلام والإيمان بالثورة الإسلامية, لذا تبقى إيران متفوقة بالأسلوب وبالعمل, وهي الآن باتت تكسب احتراماً دولياً كبيراً, وأصبح الاعتراف الدولي بدورها الإقليمي أمراً واقعاً, ويتم التعامل معها, على أساس المصالح وليس الإملاءات, ولا تتوقف إيران عند التمسك بمواصلة مشروعها النووي للأغراض السلمية, الذي تزعم أميركا أنه قد يقود إلى امتلاك السلاح النووي السلمي, بل تسعى أيضاً إلى تطوير صناعتها التسليحية التي تفاجئ العالم بين فترة وأخرى بإنتاج سلاح جديد, ومنذ البداية كان واضحاً أن إيران لا تسعى إلى إنتاج قنبلة ذرية بل إلى برنامج نووي يرفع شأنها الدولي ويدخلها نادي الكبار ويخدمها في حفظ مصادرها للطاقة, التي سوف تؤول إلى النضوب, وزيادة عائدات النفط المرشحة للارتفاع يوماً بعد يوم لتغطية مشاريع اقتصادية وإيجاد مواطن عمل لما يزيد عن نصف مليون عاطل أيضاً.
تخصيب اليورانيوم: يغطي البرنامج النووي الإيراني كل مراحل إنتاج الوقود النووي, من مفاعل نووي قيد الإنشاء إلى تخصيب اليورانيوم وإنتاج المياه الثقيلة, واليورانيوم معدن رمادي صلب يدخل في تكوين معادن عدة, وهو عنصر طبيعي مشع يتألف من نظيرين هما (يو-238) و (يو235), والثاني هو المهم بالنسبة إلى تشغيل محطات نووية أو إنتاج قنبلة لكونه قابلاً للانشطار, لكنه موجود بنسبة ضئيلة جداً (0.7 في المئة) في خام اليورانيوم, لذا يجب تخصيب اليورانيوم كي تصير نسبة النظير 235 بين أربعة وخمسة في المئة لاستخدامه لأغراض مدنية وأكثر من 90 في المئة للاستخدامات العسكرية, وتملك إيران ثلاثة مناجم لليورانيوم في ساقند وأناراك بوسط البلاد وجيهان في الجنوب.
أما الأسئلة التوضيحية التي تضمنها الرد الإيراني على رزمة الحوافز الأوروبية الأميركية والترتيبات الأمنية في المنطقة التي ترغب بها المجموعة الدولية, فأكدت تصميم طهران على المضي في أهدافها وانتقاداتها البارعة والذكية, واستعداد طهران للتوصل إلى تفاهم عبر مفاوضات جادة وبناءة.
إن رد إيران انطوى على طلب جدول زمني محدد لتنفيذ الحوافز, واعتبر الرد أن إيران تريد تفاصيل عن إشارات مختصرة في مجموعة الحوافز لدور إيراني محتمل في ترتيبات أمنية إقليمية, وذكر أن إيران تسعى إلى توضيح وضع العقوبات الأميركية (القائمة) التي تحظر عرض المساعدة النووية والتكنولوجية على إيران وما إذا كانت الولايات المتحدة راغبة في رفع بعضها إن لم يكن كل هذه العقوبات القائمة منذ أكثر من عقدين, وقد تكون الخطة الإيرانية تتقبل مؤقتاً لمدة محددة وقفاً للتخصيب, وذكر الرد أنه على الرغم من أن إيران استبعدت التعليق الفوري للتخصيب, فإن ردها ترك الباب مفتوحاً من أجل عقد محادثات ذات مصداقية, ربما لحل في هذا الملف, يكون مقبولاً لكل الأطراف, وفيما قال دبلوماسي غربي في طهران إنهم واثقون من قدرة إيران على تحمل نوع الإجراءات التي يعتقد أن مجلس الأمن سيتخذها حالياً, تواصلت ردود الفعل العربية حيال الموقف الإيراني, لكن إيران تركت الباب مفتوحاً للتفاوض حول مسألة تعليق تخصيب اليورانيوم دون شروط, وفيما اعتبر خبراء من جهات متعددة أن طهران أرسلت إشارة قوية مفادها أن الجدل الداخلي حسم لمصلحة التفاوض المفيد, وذكر الرد أنه على الرغم من أن إيران استبعدت التعليق الفوري للتخصيب, لكنها ترغب في محادثات تستند إلى الحاجة إلى بناء الثقة المتبادلة, التي ربما ستجد حلاً للمواجهة النووية تقبله الأطراف الإقليمية والمجتمع الدولي: إنه التفاوض, ورأى آخرون أن القيادة الإيرانية تستمر في الإيحاء بأنها منفتحة على كل الاحتمالات, اعتبر الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني أنه كانت هناك نظرة إيجابية ومنطقية في الرد الإيراني حول التعاون الاقتصادي طويل الأمد, وتوفير أمن الطاقة الأوروبية.
وأضاف: في جانب من الرد الإيراني هناك اهتمام بالموضوع الذي ترغب به مجموعة (5+1) وهو موضوع الترتيبات الأمنية في المنطقة.
وأعرب لاريجاني في تصريحاته لوكالة الأنباء الإيرانية عن استعداد إيران للمساعدة في إحلال السلام والاستقرار الدائم في المنطقة.