فضيحة جديدة تجاوزت في خطورتها ومدلولاتها جميع الفضائح السابقة لكونها تتعدى الفساد الذي تتصف به السلطة السياسية الحاكمة لتطال المسألة الوطنية ومفهوم الوطنية, وتؤكد حقيقة قد يكون البعض تجاهلها في فترات سابقة وهي أن الفاسد هو اقرب الناس إلى بيع قضية وطنه أو المساومة عليها ولذلك من يسرق أو يتاجر أو يستغل مساعدات ارسلت إلى المهجرين والمنكوبين نتيجة العدوان الصهيوني هو الأكثر استعدادا للتعامل مع عدو شعبه ووطنه لأن كل ما يعنيه هو الاغتناء واحتلال مواقع النفوذ والسلطان, ولو كان ذلك على حساب من يضحون في سبيل وطنهم ويقدمون الغالي والنفيس من أجله.
هذا الأمر من حيث المبدأ من الضروري الإشارة إليه خصوصا عندما نتناول موضوع المساعدات الهائلة التي تدفقت إلى لبنان خلال الحرب واستمرت لأسابيع حتى تصل لبنان بعد انتهاء الحرب.
من هنا أهمية التوقف أمام فضيحة المساعدات التي لا تزال تتوالى اخبارها وقصصها دون أن نجد بالمقابل الرد الشفاف الذي يضع الأمور في نصابها من قبل الحكومة المسؤولة بشكل مباشر عن هذا الموضوع من خلال إشرافها على الهيئة العليا للأغاثة.
إن التطرق إلى هذا الموضوع يطرح العديد من الأسئلة التي تثار على كل المستويات السياسية والشعبية وأبرزها?
- ما حقيقة حجم هذه المساعدات?
-وإلى من يجب أن توزع حصرا وليس استنسابا?
-وهل تم توزيعها فعلا على مستحقيها الفعليين?
-أم جرى الالتفاف على ذلك واستغلال المساعدات من قبل افرقاء سياسيين لخدمة مآربهم وأهدافهم السياسية?
-كيف تجلت عملية الاستغلال?
-وأخيرا كيف السبيل للوقوف على حقيقة, هذا الموضوع حتى لا تبقى الأمور ضبابية وكي يحاسب من يجب أن يحاسب ليس فقط باعتباره فاسدا بل وايضا باعتباره ارتكب جرما بحق الشعب والوطن في لحظة خطيرة ومصيرية واستطرادا وضع الأمور في نصابها بانفاق ما أتي وسوف يأتي من مساعدات على مستحقيها وفي المكان الذي أتت من أجله?
على الرغم من عدم وجود أي احصاء رسمي عن حجم المساعدات التي أتت إلى لبنان وتسلمتها هيئة الإغاثة العليا والحكومة اللبنانية وهذا تقصير كبير مسؤولة عنه الحكومة وينم عن عدم شفافية إلا أن ما كشف وعرف من هذه المساعدات كبير جدا وهي كما نشر واعلن جاءت على النحو الآتي:
1- السوق الأوروبية المشتركة : مليار دولار اقرت في استوكهولم.
2- ملحقات للمساعدة الأوروبية: 150 مليون دولار.
3- المساعدات السعودية: 500 مليون دولار.
4- المساعدات الكويتية: 400 مليون دولار.
5- المساعدات القطرية: 300 مليون دولار.
6- المساعدات الأماراتية ودول أخرى: 500 مليون دولار.
7- مساعدة الولايات المتحدة:230 مليون دولار.
8- المساعدات العينية اثناء الحرب وصلت إلى 180 مليون دولار.
وقد قيل انه جرى استعمال 80 مليون دولار من هذه المساعدات في عمليات اجلاء الرعايا من لبنان ونقل الركاب , 70 مليون دولار لشراء مولدات وأغذية وطعام ووضعت هذه المساعدات بتصرف هيئة الاغاثة العليا.
إن هذه المساعدات والتي أكدت بعض الدول التي قدمتها بأنها امدادات للشعب اللبناني هي حصرا جاءت لتوزع على اللبنانيين المنكوبين والذين تضرروا من الحرب الاسرائيلية ولذلك لايجوز مطلقا التصرف بها أو انفاقها في غير هذه الوجهة.
ومنذ البداية كانت هناك شكوى من دور هيئة الاغاثة في التعامل مع مسألة توزيع المساعدات حيث لم تسارع بداية إلى تقديم العون للمهجرين وانما انتظرت وقتا تجاوز الاسبوع قبل أن تعمد إلى توزيعها على المهجرين الذين لجأوا إلى المدارس والحدائق العامة في العاصمة بيروت, كما تبين لاحقا عدم الشفافية في صرف أموال هيئة الاغاثة.
إن فضيحة المساعدات تفرض المسارعة إلى ايجاد سبل لوضع حد للتجاوزات في توزيعها والوقوف على حقيقة ما جرى وعلى مجلس النواب المنوط به دور المراقبة والمحاسبة التحرك لأخذ دوره في هذا الموضوع وعدم الوقوف متفرجا على ما ينشر ويقال.