جاءت الدراسة الأولى بعنوان ( فلسطين إلى أين) للكاتب العربي الدكتور عزمي بشارة حيث قدم المفكر والمناضل بشارة مقاربة نقدية جريئة للتطورات الفلسطينية الأخيرة التي تسارعت دراماتيكيا بعد فوز حركة حماس في الانتخابات ثم بعد تشكيل حكومتها والخلافات مع رئاسة السلطة وحركة فتح, الأمر الذي يهدد القضية الفلسطينية بذاتها كقضية تحرر وطني من الاحتلال, ويخلص إلى التشديد على ضرورة إعادة بناء الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الإسرائيلية المتصاعدة بشكل يومي.
وفي هذا الإطار يرى الدكتور بشارة أنه يجب ترتيب الوضع الفلسطيني فورا وفي أسرع وقت ممكن, مضيفا بأن على الفلسطينيين الاتفاق على استراتيجية في القضايا الرابحة والعادلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني, إذ باستطاعة هذا الشعب المناضل أن يعيش حياة أفضل وهو يحمل قضيته العادلة إذا توفر إجماع فلسطيني حولها والإجماع برأي الكاتب في الوقت الراهن يجب أن يبقى هو الاستمرار في النضال إلى أن يتغير الوضع الحالي.
وفي تفاصيل الإجماع الذي دعا إليه الكاتب بشارة يقول لنأخذ قضية الجدار مثلا, فالجدار جريمة لم توصف بحد ذاتها بشكل كاف لأنه من الصعب وصف هذه المسألة, فوضع الجدار يذكرنا بمن استفاق صباحا وكان أخوه على الجهة الثانية من الشارع لكنه وجد أخاه في الجهة الثانية من العالم وليس في الجانب الآخر من الشارع, ولا يمكن لأحد أن يتصور معاناة الناس بسبب هذا الجدار العنصري وماذا يعملون وما هي بالضبط تفاصيل حياتهم هناك, وهنا يرى الكاتب بشارة أنه على الجميع أن يخوض صراعا دوليا ومحليا في قضية عادلة (مدنية وحقوقية) من نوع الجدار, فالحوار ليس قضية يتوجب الاتفاق حولها بل يجب الاتفاق على استراتيجية معينة في مثل هذه القضية وغيرها من القضايا المصيرية.
وحول مسألة الانسحابات الإسرائيلية أحادية الجانب يرى الدكتور بشارة أن أول من طرح فكرة فك الارتباط في هذه المرحلة لم يكن ارئيل شارون بل كان أيهود باراك, فبعد فشل كامب ديفيد اقترح هذا الأخير أن تنفذ إسرائيل شروطها فورا من طرف واحد وليس صدفة أن شارون ربح على هذه الخلفية الانتخابات, فقد كان مشروعه راسخا في أذهان الإسرائيليين قبل مجيئه لكنهم يدركون أنه رجل التنفيذ, فإذا كانت هناك أفكار إسرائيلية كبرى ( ليس لها علاقة بالسلام) يكون شارون صاحبها ومنفذها في ظل غياب ما يسمونه (الشريك التفاوضي) والشريك التفاوضي بنظرهم هو الشريك الذي يقبل بكل شروط إسرائيل وهذه المسألة يجب على الفلسطينيين أن يتخذوا موقفا موحدا واستراتيجيا تجاهها كما هو حال الجدار واللاجئين وحق العودة والدولة المستقلة وغيرها.
أيضا تضمن إصدار المركز موضوعات مهمة مثل القضية العراقية التي تناولها أستاذ الاقتصاد في جامعة أوتاوا الأميركية ميشيل شوسودوفسكي الذي تساءل عن مصرع أبي مصعب الزرقاوي, من كان وهل مصرعه جزء من حرب نفسية للبنتاغون? بالإضافة إلى التحولات الاستراتيجية في الصراع الصومالي وأزمة العمل القومي العربي وأوضاع الجاليات العربية في جنوب الصحراء الافريقية وتقرير حول حقوق الإنسان في الدساتير العربية, الواقع والمأمول.