أولمرت في نهاية الطريق
معاريف ترجمة الاربعاء 4/10/2006م ترجمة أ. أ. هدبة الكشف عن إخفاق المستوى العسكري في إدارة الحرب في لبنان, وعن الأخطاء الشديدة للمستوى السياسي,
لا تنكشف فقط بشهادات جنود الاحتياط الذين عادوا من المعارك, بل بتصريحات عدد من أعضاء الحكومة أيضا, الذين يوجهون الاتهامات بعضهم إلى بعض بلا وازع: فالوزير شاؤول موفاز, في مقابلات إعلامية, يطرح على رئيس الحكومة المسؤولية عن اتخاذ القرارات الرئيسة التي كانت خاطئة في رأيه; ووزير الدفاع, عمير بيرتس, هدف لهجمات شديدة من قبل نظرائه, ومن ضمنهم وزراء العمل, لعدم ملاءمته عمله ولأدائه المختل; وبيرتس من قبله يُجري حسابا مع موفاز, الذي سبقه في عمله, ويصرخ نحوه: هل تتهمني? لقد كنت رئيس أركان ووزير دفاع في السنين الثماني الأخيرة. ما الذي فعلته لاستباق الشر?! عندما استقال قائد منطقة الشمال, أودي أدام, قام الوزير بنيامين بن اليعيزر وزعم أن رئيس الأركان أيضا يجب أن يستقيل. لم يوجد وزير, ولا حتى رئيس حكومة, كفه عن ذلك بحجة أنه لا يجب المس بصلاحية رئيس الأركان ولا يجب زرع الحيرة في الجيش الإسرائيلي وفي الجمهور, وأنه يحسن ترك هذا الموضوع للجنة التحقيق. ضاق الجمهور ذرعا لرؤيته القباطنة المتنازعين. يزداد الشك في قلوب الكثيرين عمقا, هل تستطيع هذه الحكومة أن تُقوم الفساد والإخفاقات التي عُبر عنها بالحرب, وأن تُعد الدولة لامتحانات وتحديات جدية تواجهها.من جهة أولمرت لم تكن توجد حاجة ألبتة الى لجنة تحقيق ما بعد الحرب. كان يجب على الحكومة والجيش, كما يرى, صرف الاهتمام الى تقويم الأخطاء والخلل. في بيانه سبب معارضته إقامة لجنة تحقيق رسمية, قال انه لا يمكن في نظام ديمقراطي, أن تتخذ الحكومة قرارا بالإجماع, ثم يأتي القضاة في اللجنة ليحددوا أن الحكومة أخطأت. يقول أولمرت إذا كانت الحكومة قد أخطأت فليقل الجمهور قوله في يوم الانتخابات. وماذا سيحدث إذا ما توصلت لجنة فينوغراد, التي بادر إليها أولمرت وانتخب أعضاءها, الى استنتاج أن قرارات الحكومة وإجراءاتها في فترة الحرب كانت خاطئة أيضا? هل يعتقد اولمرت أن حكومته ستستطيع الصمود حتى الانتخابات القادمة?.لتكن استنتاجات لجنة فينوغراد, ما كانت, يبدو أن هذه الحكومة لا تقويم لها, لأن ثقة الجمهور بها تلاشت. وقد كان ما يشبه ذلك في الماضي: فبعد حرب يوم الغفران قامت لجنة أغرانات للتحقيق في إخفاقات الحرب الشديدة. على رغم أن اللجنة ألقت بالمسؤولية عن الفشل على المستوى العسكري وأعفت المستوى السياسي - لم تنجح حكومة غولدا مائير في البقاء زمنا طويلا. كان هذا عشية انتخابات. بادرت ما ئير ووزراؤها, بمساعدة الولايات المتحدة, الى مؤتمر سلمي مع البلدان العربية (مؤتمر جنيف). مال بعض الجمهور الى اعتقاد أن السلام قريب وأيد الحكومة. وفي الحقيقة, على رغم الإخفاقات في الحرب فازت حكومة ما ئير في الانتخابات. لكن فوران الجمهور العريض على )حكومة الإخفاقات( لم يسكن, وتعززت موجات الاحتجاج الى أن اضطرت غولدا مائير الى الإعلان عن استقالتها واستقالة حكومتها.اليوم, كما كان آنذاك, الجمهور خائب الأمل جدا من الحكومة, ولا علامات على أن الاحتجاج والنقد العامين سينقطعان. إن الحكومة المختلة التي لا تتمتع بثقة الجمهور, ستصل بالضرورة الى نهاية طريقها قبل أوانها.
|