في هذه الصفحة نشرنا قبل أيام شكوى نقلتها شفهياً لمسؤول في مديرية التجارة الداخلية وقلت له فروج الزين بكفرسوسة لا يضع لائحة الأسعار ليعرف المواطن سعر ما يشتري سواء فروج بروستد أو مشوي أو مسحب أو شاورما أو غير ذلك ووقتها رفع السماعة وقال: ابعث دورية على فروج الزين ومر شهر كامل ولم أر لائحة التسعيرة توضع في هذا المطعم بل إن صاحبه وعندما قرأ الخبر في الصحيفة لم ينزعج وقال خسروا ثمن المقال لأنه ببساطة يرضي دورية التموين بشكل اعتيادي وكذلك دورية الرقابة الصحية.
ولم أكن أقصد هذا المطعم بذاته بل تسليط الضوء على هذه الظاهرة العامة من الانفلات في كل المطاعم والمحال لأننا نريد, وهذا أدنى حق من حقوقنا كمستهلكين, وجود لائحة بالأسعار تبين النوع والوزن والسعر.
وعشرات الشكاوى لم يستجب لها نهائياً كالشكاوى المتكررة على استراحات جبل قاسيون وجشعها غير المبرر وهناك شكاوى أخرى كان مصيرها مجهولاً بل قد ترتد على صاحبها كما حصل ذات مرة مع مواطن اشتكى من فاتورة المطعم ليجد الرقابة السياحية تدافع عن صاحب المطعم وتؤكد أن الفاتورة أقل بكثير من التسعيرة لمطعم فاخر برأيها.
المواطن لا يشتكي
لقد اعتادت الجهات الرقابية بكل أنواعها على الرشوة ومنذ سنوات طويلة لأن أصحاب المحال والمنشآت من مصلحتهم أن يخالفوا مقابل شراء الدوريات بالقليل أو الكثير.. وحين تقابل مسؤولاً عن الرقابة يحمل المواطن المسؤولية قائلاً: لا يوجد وعي لدى المواطن لأنه يسكت عن حقه ولا يشتكي. وهنا نقول لو كان هناك جدوى من الشكاوى فهل يقصر المواطن بحق نفسه? وبالعكس فإننا نرى أن مواطننا على درجة جيدة من الوعي لأنه مثلاً يدقق في تاريخ انتهاء صلاحية سلعة ما ويميز بسهولة حالات الغش ويمتنع عن البضائع السيئة.
مدعومون جداً
والواضح ومن خلال أمثلة عملية أن موظفي الرقابة مدعومون جداً لدرجة أن أحد مديري التموين نقل بعضهم إلى قسم آخر فطار المدير خلال أيام فقط وحتى إن السيد وزير الاقتصاد سبق أن وقع قراراً بنقل اثنين من المراقبين بسبب ما قيل إنه فساد, لكن القرار ألغي بسرعة بسبب الوساطات الكثيرة.
واستغرب موظف كبير في وزارة الاقتصاد قائلاً: يتغير وزير أو مدير ولا أحد يدافع عنه بينما يتغير مراقب تمويني لتشتغل كل الوساطات في دوائر الدولة وتضغط لعودته إلى مكانه وكأن لديه( طابو) به.
ماذا عن المستقبل?
ما يحدث في السوق أمر غير طبيعي خصوصاً في رمضان وقبله في موسم التنزيلات الوهمية والمشكلة أن الجميع يعلم ويشاهد تجاوزات التجار دون أن تحرك الجهات الرقابية ساكناً أو تتخذ أي إجراء يخفف من جشعهم بحجة أن الأسعار محررة ولا يحق لهم التدخل!!
فهل حقاً تراجع دور الرقابة التموينية بعد عملية تحرير الأسعار ليقتصر دورها على مراقبة الإعلان عن السعر فقط دون النظر إلى حساب التكلفة الحقيقية وهامش الربح المحدد ووفق القوانين الخاصة بذلك.
تقيم كل 6 أشهر
وفي الخطة التي أطلقتها مديرية حماية المستهلك وصدرت بتاريخ 14/8 لتحسين أداء المراقبين التموينيين (حماية المستهلك) فقرة خاصة بتقييم أدائهم كل 6 أشهر وبعدها إما أن يستمروا بعملهم أو ينقلوا منه إلى جهة ثانية وقد وضع في التقييم 18 علامة تعطى علامة لكل ضبط يتعلق بتداول الفواتير و4 علامات لكل ضبط عينة مخالفة و5 علامات لكل ضبط لمخالفة جسيمة كغش الزيوت واللحوم والوقود والتهريب إضافة إلى أربع علامات من المدير ومعاونه ورئيس دائرة حماية المستهلك.
وتؤكد الخطة على ضرورة تقيد المراقبين بالتعليمات والقرارات والأنظمة والتمتع الدائم بالنزاهة والسمعة الحسنة وعدم السماح للمخالفين بإعاقة تنفيذ مهامهم من خلال الاتصال بأي مكان أو شخص لوقف تنفيذ المهمة.
والسؤال: هل ستطبق هذه الخطة ويتغير سلوك المراقبين وهل يجرؤ أحد على نقل موظف أو تقييمه بشكل صحيح بعد 6 أشهر أم أن المسألة حبر على ورق.
بحثاً عن دور جديد
والسؤال أخيراً ما العمل? هل نلغي الرقابة على الأسواق بكل أنواعها (تموينية, صحية, سياحية) والنتيجة حتماً لن تتغير لأن الأسواق تسير كيفما يحلو لهاأم نعيد تأهيل المراقبين, نختار فقط الحاصلين على الشهادة الجامعية وأصحاب السمعة الحسنة ونجري لهم دورات تدريبية صحيحة ونحسن رواتبهم لنقطع الطريق على ضعاف النفوس.
وبانتظار حسم هذه المسألة فإن الاقتراح الأفضل هو أن تعمل دوريات الرقابة فقط في حال تقديم الشكوى من قبل المواطن وبالتالي نمنع الاحتكاك المباشر بين المراقبين وأصحاب الفعاليات التجارية ونكسب ثقة المواطن ونجعله يتشجع على ضبط الأسواق ويتعاون مع جمعية حماية المستهلك ومديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد مباشرة.