إذاً الأفكار ومنذ الصغركانت تتأطر في أذن الولد الذي سيصبح رجلاً في المستقبل أنه هو الرجل المنتج، وأن الفتاة هي العروس الواعدة.
ولكن ومع مرور بضعة عقود وامتلائنا بجعب التثقف و«الموديرن» أصبحت مقاييسنا الزوجية تختلف قليلاً وازدادت طلبات الرجل «العريس» شرطاً آخر، فبالإضافة إلى أنه يريدها «ست بيت وحسناء ومثقفة، يريدها أيضاً أن تكون موظفة».
وهذا الشرط الأخير تتفرع عنه شروط كثيرة تتعلق مثلاً: بساعات الدوام وظروف الاختلاط، .. و.. إذاً ..بريستيج هذه الأيام، اختلف قليلاً عن السابق و«خاطبة» اليوم والتي في الأغلب أصبحت الأخت والأم والأصدقاء لن يتوانوا في مساعدة العريس باستعراض ألبوم صور لعلاقاتهم الاجتماعية ومدح فلانة وشرح مفصل عن الإيجابيات الموجودة عند صديقاتهن.. والخيار في النهاية يعود لك.. ياابني..
مهنة أنثوية:
لم أفاجأ وأنا أشارك الوسط الاجتماعي، والذي أنا شطر من شريحته بنظرية أغلب رجاله والذين يفضلون مهنة الصيدلة والتعليم للمرأة المتزوجة. بحجة أنها مهنة أنثوية قالباً وتفصيلاً. طبعاً هذه ميزة بالرجل الشرقي والذي تطفو أنانيته على سطح تقييمه لأغلب المسائل الاجتماعية، فهو وإن تقبل فكرة عملها يفضل أن تكون من ضمن المهن الأنثوية.
وقد استطال شرحاً السيد /وضاح عيسى/ والذي يمتهن المحاماة حيث قال: إن مهنة التعليم من أنسب المهن التي من الممكن أن تزاولها المرأة وذلك لأن نسبة الاختلاط فيها تكون معدومة، أيضاً دوامها قصير، حيث يتسنى لها أن تقوم بواجباتها المنزلية على أحسن صورة بالإضافة إلى إجازة الثلاثة أشهر والمدفوعة الأجر، ولها الحق بإجازة الأمومة، والحضانة...
إضافة إلى أنها على خبرة في تعليم أطفالها.. كل هذا يجعل من مهنة التعليم مهنة أنثوية خمس نجوم، يسعد من يرتبط بمعلمة «وأمه داعية له» ..
أما السيد قاسم أحمد فقال:
أنا أعمل في وزارة الكهرباء ، وعندما قررت الزواج اخترت أن تكون زوجتي معلمة. لما لهذه الوظيفة من ميزات إيجابية تنعكس على البيت والأسرة ولأن بناتي يعملن أيضاً في التعليم مع أن مجموعهن في الثانوية كان جيداً جداً إلا أنني صممت مع والدتهن على أن يدرسن كلية التربية والتي هي الطريق الأسهل لتحقيق المرأة من خلالها طموحها بالثقافة أولا، والوظيفة ثانياً والعريس بالتأكيد ثالثاً.. والآن بناتي مدرسات ومتزوجات والحمد لله..
أما السيدة منال حسن فقد قالت: أثناء دراستي في كلية الصيدلة كنت مرتبطة «بابن عمي» وقد كان يدرس في كلية الهندسة وأعرف أنه يفضل أن تكون زوجته مثقفة على أن تكون صاحبة وظيفة، ومع هذا أكملت جامعتي بتفوق وتزوجت وفتحت صيدلية ومع أنها كانت تأخذ نصف يوم من وقتي أي أنني متفرغة تماماً بقية نهاري لبيتي وأولادي.. إلا أنني وكوني وأسرتي مرتاحة مادياً، قررت أنا وزوجي أن أتفرغ بوقتي كله لأسرتي وأطفالي وأن أؤجر الصيدلية عسى أن أعود لها يوماً...
الحالة الاقتصادية
لقد أصبحت الحالة الاقتصادية البائسة لأغلب الشباب في سن الزواج أمراً واقعاً، ومقروءاً على أرض الواقع وبطريقة واضحة للعيان وللحواس.. وماعادت خطابات ولاشعارات «أبو شهاب» تصلح لهذا الزمان.. والسبب ليس بقلة صيغ الخطابات ولا انقراض شخصية أبو الشهاب.. لكن الحالة الاقتصادية أثبتت رجولتها أكثر من أي شعار كان.. فلكي تكون رب أسرة أصبح عليك أن تخلق المناخ الذي يحميها في ظل مسكن مجهز بما كان يدعى سابقاً «بالكماليات» وأن تكون قادراً على أقل تقدير أن تؤمن الطعام واللباس وقرطاسية المدرسة لأفراد العائلة.. وهذا فقط حلم صعب تحقيقه بمرتب موظف واحد فقط..ولأن المرأة بالإضافة إلى كونها من الجنس اللطيف، هي أيضاً من الجنس المحظوظ.. لأنها تستطيع إكمال تعليمها وستشارك أيضاً الرجل في حلبة العمل كي تستطيع فيما بعد مساعدته بمصروف المنزل.
أريد.. ولا أريد..
هذا ليس شعاراً أو كلمات لأغنية بل هي آراء سمعناها من أكثر من شاب على سؤالنا: هل تفضل الارتباط بامرأة موظفة أم ست بيت؟!..
حيث أبدى السيد بشار عيسى: أنه يصّر على أن تكون شريكة حياته امرأة عاملة، لأنه مؤمن بتشاركية العلاقة بين الرجل والمرأة والمساواة بينهما والمرأة حينما تكون امرأة عاملة فهذا سيغنيها معنوياً وصحيح أنه لن يغنينا مادياً، إلا أنه سيساعدنا في أن لانفقر..
وفي المقابل عندما أفكر أنها ستقضي أكثر من ثماني ساعات خارج المنزل وبعيدة عن الأولاد. الذين تنتهي مدارسهم في الثانية عشرة وهي تصل في الرابعة أستهجن الموضوع وأقول بيني وبين نفسي أريد .. ولا أريد..
السيدة لمياء حسن قالت: عائلتي مؤلفة من أخ وأربع بنات، وقد أصرّ والدي على تعليمنا وإيجاد وظيفة لنا قبل التفكير بالزواج.
ولم أفهم اصراره هذا إلى أن تزوجت ووجدت أنه بالإضافة إلى أنه كان يضمن لي حقي في أن أثبت نفسي ووجودي.. جعلني أشارك في بناء أعمدة بيتي الذي تشاركت أنا وزوجي بدفع أقساطه أولاً.. ثم أقساط كهربائياته.. وفواتيره..حتى الطعام فالحياة اليوم تحتاج إلى أكثر من راتب والمقولة الأصح «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» براتب واحد لايحيا أبداً..
كل هذا.. كلام يعتبره أغلب الرجال أنه مجرد تنظير وأنا أقّر بوجود فئة من الشباب تساعد وتساند المرأة وبقوة.. لإيمانهم وثقافتهم بمشروعية أن يكون للمرأة كما الرجل بصمة وهوية داخل وخارج أسوار منزلها.. ولتجرد بعض الرجال .. من أفكارهم البالية كما يفعل بمعطفه القديم.. وتسريحة شعره وليخاطب ذاته وبصوتٍ عالٍ....
لو لم تكن الحالة الاقتصادية لبناء أسرة مرتاحة وليست سعيدة تتطلب عملاً للمرأة، هل أفضل الارتباط بامرأة عاملة ..أم سيدة صالون ومطبخ وبلكون....!!!