وكأنه ادمان لادواء له، وإن دخلنا أي منزل قلما نجده مطفأ، إلا في حال تقنين مشاهدته من قبل الوالدين بسبب امتحانات الاولاد وأداء الواجبات المدرسية، ولم يعد مستغربا أن نؤجل موعداً او نبرمج زياراتنا ومكالماتنا الهاتفية واستقبال الضيوف بما يتواءم مع مواعيد عرض المسلسلات والبرامج التي تستهوينا.
وهذا يقودنا الى الحديث عن تلك الآفاق الواسعة التي منحتها تلك القنوات داخل بيوتنا وعقولنا ، فاتسعت دائرة طموحاتنا وتطلعاتنا المادية امام تلك المغريات التي تعرضها عن قصور وبيوت فاخرة واثاث غالي الثمن وثياب تبهر الانظار، جميلات بتن يتنازعن الزوجات على ازواجهن، هذا اضافة الى تلك العادات الوافدة، والاخلاق والتصرفات الغريبة عن مجتمعاتنا العربية.
تغير في الاتجاهات والمواقف
ويرى المختصون بهذا المجال، أن القنوات الفضائية لها دور فاعل ومؤثر في توجيه المجتمعات والتأثير عليها في مجمل قضاياها سواء في الأخلاق أم السلوك، فهي كالنار تحت الرماد موجودة في كل بيت، ولديها القدرة على الوصول لكل فرد منا بعيداً عن أي رقابة منع أو حتى تقييد او تحديد، جمهورها يمتد من الاطفال حتى المسنين رجالا ونساء ومراهقين ، فهي حسبما وصفوها، مرض صامت وخطير، حتى أنه يصح أن يقال بأنه لم يعد هناك حاجة لارسال الجيوش لاحتلال الدول الاخرى بل إلى ارسال برامج تلفزيونية الى محطات تلك الدول لتعرضها على مواطنيها، او تبث اليها البرامج عبر الاقمار الصناعية ليحصل التغيير الذي تريده.
وبرأي هؤلاء الباحثين أن الثورة الاعلامية المعاصرة من أهم أسباب المشكلات الاجتماعية التي انعكست سلبياتها على جميع جوانب الحياة الاجتماعية ومنها العلاقة الزوجية وخاصة بعض القنوات التي سرقت كثيراً من الازواج من زوجاتهم، ،بل ومن بيوتهم، وغيرت أمزجتهم وتطلعاتهم، فبعد أن كان الزوج مقتنعاً بزوجته، ، حيث كان لايرى غيرها ، اصبح كل يوم يرى ملكات جمال العالم بفضل أنواع المكياج وعمليات التجميل مايزهده بزوجته.
والخطورة تكمن حين تكثر مشاهدة الاعمال التلفزيونية، فتترسب المواقف في الفعل الباطن فتصبح هي المرجع في تقويم المواقف واتخاذ القرارات، وأحياناً تنمو بذرة الشك في حال تشابه المواقف، فالخلافات الزوجية يتم مناقشتها من خلال الموروث المخزون لدى الزوجين، فإذا كان هذا الموروث مستقى من وسائل الاعلام، فإنه سيأثر بها ويكون مشابهاً لما يحدث في الأعمال التلفزيونية.
عقد المقارنات بين المشاهدة والواقع
وهي في نفس الوقت تدفع الزوجات الى المقارنة بين حياتهن ومستواهن المعيشي . وبين مايرونه على الشاشة من كذب وتزوير عاطفي، كابراز الزوجة في غاية اللطف والرقة في معاملة زوجها.
وبرغم الكم الكبير من الآثار السلبية لهذه القنوات، فإنه لابد من ذكر الايجابيات المتعددة التي يمكن الحصول عليها من خلال المتابعة السليمة والواعية، ومن هذه الايجابيات، التعرف على مايدور في العالم من أخبار وأحداث ووقائع والاطلاع على البرامج المفيدة في التاريخ والثقافة وكذلك الاطلاع على آخر التطورات العلمية في المجالات المختلفة.
وباختصار.. ان التلفزيون بقنواته الفضائية نعمة ونقمة.. وهي ليست شراًمطلقا ولاخيراً مطلقا، وبمزيد من الوعي يمكن تلافي آثاره السلبية الناشئة من المكوث الطويل، وتقنين ساعات المشاهدة والانتقائية، بما يحقق الفائدة بعيدا عن مضاره.