ماذا يحل بزوره؟!
كيف ينسل الموس إلى جوفه وهو يجّرح منطقتين متوازيتين من بلعومه؟ واحدة تقع في محيط لحمه ودمه والأخرى في محيط صوته وصمته... ها..هل تخيلتم المشهد؟؟
هنالك أسوأ منه.. نعم، حين يصمت الكاتب طويلاً... أعود إليكم من شرفة الغياب من «صراخ في ليل طويل» من بئر يوسف من دم الذئب على قميصه وجلد إخوته....
مرٌّ..ومر جداً أن نعض الأسى ونقضم الغيظ ونحن نتفرج على سفن الحرية تعبر عباب المتوسط لتكسر الحصار المفروض على غزة
ستقوم غزة فيهم وتكون غزةً فينا
متى نرقى إلى دمهم ؟ أما رويت أراضينا
وأطفال البلاد أما وفوا نذر الأضاحي في صحارينا؟
ألا تبت أيادٍ من أبي لهب
فهل مسدت حشايا الأم من حمّالة الحطب..
ونحن الرحمة الكبرى ولاشيء سوى الأرض التي حملت «ببشار ونصر الله توازينا» نسيت أن أقول لكم إنني زغردت طويلاً وأنا أسمع سيد المقاومة حسن نصر الله يقول: إن دخلوا مياهنا ستكون كل سفينة تعبر الأبيض المتوسط، حربية كانت أم تجارية أم سياحية أم.. أم.. تحت مرمى صواريخنا، نسيت أيضاً أن أقول لكم إن أوراق كتبي تطايرت وعصافير شبابيكي زقزقت وفناجين قهوتي فاحت بهيلها.
منذ زمن بعيد لم نعد نتحسس شيئاً اسمه الكرامة أنا أضيفها إلى حواسنا الخمس، إنها الحاسّة السابعة لمن يملك حاسّة سادسة.. نعم الكرامة حاسّة كالسمع والبصر والشمّ والذوق واللمس والحدس جرى عليها فيما جرى كلّ حالات التطبيع والتهميش والتفتيت واتهمت فيما اتهمت بالإرهاب والتطرق ومعاداة السامية.
هذا طبيعي من عدو.. لكن أن تعتقل على مشارف معابرنا البحرية والجوية والأرضية وتنتزع من المواطن العربي بأيد مستعربة ليتم محاكمتها لا بالتهم الآنفة الذكر بل بتهمة الكرامة المخصّبة والمنضبة، كرامة تراوغ الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. هذا لعمري منتهى الموس على الحدين،تخيلت نفسي أقف على معبر صلاح الدين يأتيني جندي ورث أزرار بدلته العسكرية من جدّه البكباشي عبد الناصر ليمنعني من الدخول ويفتشني بكلّ ماأوتي من تقنيات متطورة يمرّرها فوق أكياس الطحين وعلب الدواء... ماذا عساي أن أقول له؟..
اصح.. غضّ الطرف..لا.. سأكتفي بإهدائه موساً مسنونة الطرفين ليبتلعها ويشهق وينزف كرامةً مخصّبة ومنضبة ليهرع زميلي النائب جورج غالاوي يجمعها بكلتا يديه الغاليتين ويرشها في مياهنا الإقليمية .. أخيراً تذكرت أنني.في انتصار تموز كتبت شعراً، وأنا لم أعد أكتب الكثير لأن المسألة غالباً ماتتعلق بهذه الحاسّة، قلت لنصر الله آنذاك:
هذا شآمي التغزّل بل دمشقي الغزل
من أيّ آلاء نزل؟
من أي عهدٍ أو مكان
حتى تعمد بالزمان
فبأي جند الله والنصر المبين تكذبان...؟!
ماذا فعلت أيا جنوبي الشآمة
صرنا نذيب بشاينا قرص الكرامة
ناولتنا القمح النقي
وأذقتنا العزّ الشهي
بالنصر ننجز للكبار والصغار
والورد يسقط في سرائره الفخار
ماعدت أكتب بالحروف والبحور
بل بالزغاريد الحبيبة في الصدور
اعلن حدود الروح منطقة جنوبية
واعلن جنوب العزّ أوصالاً حدودية
رسم حدود الجرح
أرّخ سلام الذبح
أمم عصافير البراري ومؤشر الإعصار فلترحلوا.. ولتربطوا ذل الحقائب والتلاطم والهوان
فحصانكم خسر الرهان
فكوا عن الماء الدماء أما اكتفيتم
ماارتويتم من دمانا
ماسكرتم، ماشربتم ضحكة الأطفال موتى تحت قانا
هاكم حوائجكم ،وزفت البحر، كفّ الغدر، لوثتم هوانا وخذوا العداوة، مزبل التاريخ حلّوا عن سمانا....