مؤتمر ألماني يكشف أسرار ..مخطوطات «ألف ليلة وليلة»
فضاءات ثقافية الأحد 6-6-2010م هل تعلم أن العالم العربي كله لا يضم سوى مخطوطتين من مخطوطات «ألف ليلة وليلة»، الأولى في القاهرة, والثانية في دمشق, أما بقية المخطوطات التي تم إحصاؤها والتي يبلغ عددها أكثر من 40 مخطوطاً,
فهي موزعة على بلاد العالم المختلفة، وخاصة ألمانيا وفرنسا»: هذا ما أعلنه جمال الغيطاني في حديث أجرته «دويتشه فيله» مع الروائي المصري الذي افتتح قبل مدة المؤتمر الدولي الذي عقد في جامعة إيرلانغن - نورنبرغ بولاية بافاريا في جنوب ألمانيا. واستمر أربعة أيام بمعهد علوم اللغات الشرقية، وشارك فيه خبراء من كافة أنحاء العالم تناقشوا خلاله حول مخطوطات «ألف ليلة وليلة» العربية التي لم تحظ بالدراسة من قبل.
في المحاضرة التي افتتح بها المؤتمر بعنوان «كتاب الأقدار» قصّ الغيطاني تجربته في معايشة وقراءة حكايات «ألف ليلة وليلة». بهذه القصص التي راحت شهرزاد تلقيها على مسامع شهريار ليلة بعد ليلة، استطاعت الحكاءة البارعة أن تنقذ حياتها وأن تعيد إلى الملك المتعطش للدماء صوابه. والفكرة الأساسية التي دارت حولها محاضرة الغيطاني هي أن «ألف ليلة وليلة» نص إنساني كوني، ولكنه للأسف يُعامل معاملة المنبوذ في الثقافة التي أنتجته. أما تفسير الغيطاني لذلك فهو أن هذا النص، الذي لا يُنسب إلى كاتب معين، نجح في «الغوص في كل المسكوت عنه في الأدب الرسمي»، سواء فيما يتعلق بالسياسة أو بالجنس. وأشار الغيطاني إلى أن القارئ يجد في حكايات شهرزاد «تصويراً شعبياً شبه كوميدي لقمة السلطة، أي للخليفة هارون الرشيد»، أما فيما يتعلق بالغرائز الإنسانية فإن الراوي المجهول في «ألف ليلة وليلة» تناول دقائقها وبصراحة تامة، على نحو لا نجده في الأدب العربي المُعترف به، سواء قديماً أو حديثاً.
وبين الغيطاني إلى أهمية «طبعة بولاق» الأولى التي حققها الشيخ عبد الرحيم الصفتي عام 1824، والتي تعتبر أول طبعة عربية. وقد أعاد الغيطاني إصدار هذه الطبعة مؤخراً، فتقدمت مجموعة من المحامين بطلب لمصادرة النسخ التي صدرت عن سلسلة «الذخائر»، وهي سلسلة تابعة لوزارة الثقافة المصرية, وتُباع الأعمال المنشورة فيها بسعر زهيد. واعترض المحامون على ما ورد في الكتاب من عبارات وصفوها بأنها «جنسية فاحشة ضارة بالأخلاق»، وطالبوا «بتنقية الكتاب من هذه الألفاظ» قبل إصداره في طبعة جديدة.
غير أنه «من الحمق اختزال الكتاب في عدة مواضع مخلة أو عدة كلمات خارجة»، مثلما قالت الباحثة في جامعة إرلانغن (كلاوديا أوت) التي أكدت أن هناك تضخيما كبيرا لهذه المواضع من الكتاب. وكانت الباحثة الألمانية قامت بترجمة «ألف ليلة وليلة» إلى الألمانية في طبعة صدرت عام 2004 ولاقت صدى نقدياً طيباً. وأشارت أوت إلى أن الكتاب يتضمن عديداً من الآيات القرآنية، وقد رأت أن الإسلام الذي يقابله القارئ في قصص ألف ليلة وليلة إسلام منفتح لكافة أوجه الحياة. وأضافت أوت: «إن من يختزل مثل هذا العمل في عدة مفردات «مُخلة» و «إباحية» إنما يضر نفسه في المقام الأول.» ورأت المترجمة (كلاوديا أوت) أن الطبعة التي أثارت الجدل في مصر الآن هي طبعة بولاق المشهورة، وأن على المصريين تحديداً أن يفتخروا بهذه الطبعة لأنها تبرز دور مصر في حكايات «ألف ليلة وليلة».
|