يقدم خلالها الأمين العام تقريره حول الأوضاع في مالي، ومن ثم يقوم المجلس نفسه بإجازة قرار آخر بالتدخل العسكري في هذا البلد.
وعملت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على استغلال وجود قوات من تنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي بشمال مالي لحشد التأييد الدولي مما كان سبباً وراء الدعم القوي الذي وجده قرار مجلس الأمن، ولا شك أن واشنطن ومن ورائها باريس تمكنتا عبر الآلة الإعلامية الغربية الضخمة أن تربطا بين ما يجري في شمال مالي وتنظيم القاعدة الدولي بالرغم من أن هناك الكثير من الشكوك حول هذه الحقيقة، كما أن الكثير من المراقبين يرون أن دور تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي فيما يجري من أحداث في شمال مالي محدود للغاية.
والقرار 2071 يعد لنشر قوة عسكرية دولية من ثلاثة آلاف عنصر في مالي، وأعطى دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مهلة 45 يوماً لإعداد خططها، ويتعين على دول هذه المجموعة والذين يحق لهم وحدهم إرسال قوات إلى مالي وفق هذا القرار أن تبدأ بتحديد الخطوط الاستراتيجية العريضة للتدخل الذي تدعمه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وعلى الصعيد اللوجستي دول مثل فرنسا والولايات المتحدة بحسب مصادر دبلوماسية غربية.
ويرى المتابعون إن دوافع التدخل العسكري القادم غير مقنعة وعواقبه كارثية على منطقة منكوبة بالجفاف منذ عام 2005 وترتع فيها التنظيمات المسلحة والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، ويقولون إن التدخل عسكرياً في هذا البلد والذي يجري الإعداد له بسرعة مريبة سيفاقم وضعاً شديد الهشاشة في منطقه الساحل التي يموت فيها سنوياً ربع مليون طفل بسبب سوء التغذية والجفاف.
إلا أن هذه المخاطر يجري التقليل من شأنها من قبل الذين تبنوا خطاب التضخيم والتخويف من التنظيمات الجهادية المسلحة، فهاهو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يتحدث عن (الإرهاب الشرير) ويعتبر الوضع في شمال مالي غير محتمل وغير مقبول بينما تشبهه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بـ(برميل بارود متفجر)، وهذا مايدلل على أن الحروب الأميركية الخارجية لاتزال مفتوحة وعلى عكس ما يروج له البعض فان الرئيس الأميركي أوباما لم يكف عن التدخلات الامبريالية التي وصمت عهد سابقه بوش الابن لكنه تبنى أسلوب الإدارة من خلف المشهد. وبالرغم من أن العاصمة باماكو شهدت مظاهرات كبيرة تدعو للجوء إلى الحوار والحلول السلمية لإيجاد مخرج من الأزمة في شمال البلاد، ومواقف العديد من دول شمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر التي لا تبدي ارتياحاً لفكرة التدخل العسكري إلا أن الغرب يبدو ماضياً في هذا الاتجاه.
فالجزائر أكدت على لسان المستشار برئاسة الجمهورية كمال رزاق بارة ان التدخل العسكري في مالي لا فائدة منه في الأوضاع الحالية التي لا تستلزم قوة عسكرية وان تدويل القضية عن طريق التدخل العسكري سيزيد فقط من تعقيدها، وقال من الضروري التوصل إلى اتفاق مقبول لتجنب انتشار الأزمة خارج حدود مالي مشدداً على ضرورة مساعدة هذا البلد على وضع خطة طريق يتفق حولها جميع الفاعلين في باماكو للخروج من الأزمة السياسية.
وأضاف رزاق بارة ان الوضع في مالي معقد والأزمة التي تعيشها هذه الدولة متعددة الجوانب ويمكنها أن تنتشر خارج حدود هذا البلد ما لم تتوصل جميع الأطراف المعنية إلى حل سياسي.
كما أيدت تونس الموقف الجزائري بشأن حل الأزمة فى شمال مالى بالحوار السياسى، معتبرة أن التدخل العسكرى يجب أن يبقى الحل الأخير، وكذلك أيد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمنطقة الساحل الإفريقي رومانو برودي خلال زيارته الجزائر مؤخراً الموقف الجزائري وقال إذا كان لا بد من تدخل عسكري فسيأتي كآخر حل، مشيرا إلى أن كل الحروب التي عرفها العالم تسببت في مآس بالنسبة للبشرية.