تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حوار أم صراخ...؟

آراء
الخميس 15-11-2012
  هنادة الحصري

باتت كلمة حوار تثير نزقي لمايتردد ذكرها على مسامعي ولكونها تستوعب معاني كثيرة لايفقهها المواطن ! فكيف تتم عملية الحوار ونحن في منظومتنا الثقافية لم نعتد ولن ننشأ على احترام الرأي الآخر بل على إلغاء الآخر..؟

إن نظرة إلى اثنين متحاورين على شاشات التلفزة توضح كيف يصرخ كل واحد منهما ويحادل بطريقة غير حضارية دون أن يسمع رأي الآخر.‏

ولو تمهل قليلاً لرأى فيما يقوله الطرف الآخر الكثير من الصواب وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن قناعتنا بأن من ليس معنا فهو ضدنا و في هذا تأكيد للرأي أحدهم «أمتنا مجرد ظاهرة صوتية وعنتريات خطابية ».‏

إن طبيعة العلاقات السائدة في مجتمعنا تؤكد وجود أزمة علاقات فبؤس الواقع المعيشي والاجتماعي وانتشار الفساد والجمود الثقافي العربي الراهن يهمش مفهوم بناء الذات ويبقى هم المواطن لقمة الخبز بغض النظر عن قمع أو امتهان لكرامته.‏

وأما كل ذلك فيتم عن طريق تحقيق الاستلاب الشخصاني و الثقافي بتجنيد الوسائل السمعية والبصرية من خلال برامج التلفزة المرسلة للأسرة العربية وهكذا يتم تدمير الذات العربية من الداخل.‏

بمعنى آخر يتم الاختراق الفكري عن طريق الأقمار الصناعية والتي تهدف إلى فرض سلوك جديد يعتمد على التركيز الأولي على الحاجات الدنيا للذات الفردية والسعي إلى الاهتمام بسلامة الشخصية الفردية على حساب المصلحة الجماعية.‏

ولماكانت الفكرة المجتمعية ضرورة من ضرورات الهوية فإن التأكيد على الفكرة الفردية يدعم فكرة الأنوية وبالتالي يرسخ انتقاء الهوية لأن الاحساس بالانتماء يتراجع بل وينعدم.‏

يعرف علم الاجتماع الحوار كالتالي: لغة الفكر السليم الخالي من أي اعتلال وهو لغة النفوس الصحيحة الخالية من أي أمراض نفسية تخدش صفاء ونقاء ووجدان ومشاعر الروح الإنسانية في مسيرتها الحياتية جنباً إلى جنب مع عقلها الذي لايحيد عنها في سلوكها الجاد على الصراط المستقيم.‏

لذلك فإن الكثير من المشاكل و التعقيدات الحياتية و التباينات والاختلافات التي يواجهها الإنسان مع إنسان آخر سواء على مستوى الفرد أوالأسرة أو المجتمع أو التكتلات وتحت أي مسمى ليس لها من سبيل للوصول إلى الحلول الجذرية و المرضية بمنأى عن اعتماد الحوار وسيلة وغاية في آن معاً ...‏

ولعل من الجدير بالذكر هنا أن نذكر على أن الإنسان الذي لايجيد الحوار مع نفسه لمعرفة أخطائه وتصويبها لايمكنه أن يشارك الآخر في الحوار الجاد و البناء ..‏

وكما يقول الدكتور عابد الجابري:‏

إن نجاح الحوار يتوقف على التخلص فردياً ومجتمعياً من وهم احتكار الصواب واحتكار الحقيقة واحتكار الوطنية وصولاً إلى احتكار فئوي للوطن.‏

وقد وصى فيثاغوري أتباعه كلما جلس إليهم: قوموا موازينكم واعرفوا أوزانها عدلوا الخطا تصحبكم السلامة لاتشعلوا النار حيث ترون السكين تقطع استعملوا العدل تحط بكم المحبة عاملوا الزمان كالولاة.‏

وإذا سئل ماأصعب الأشياء على الإنسان قال:‏

أن يعرف نفسه ويكتم الأسرار.‏

إن التغيير الذي نطمح إليه مجتمعياً هو عملية مركبة تهدف إلى التجديد على مستوى البشر والعادات والقيم و التقاليد وأساليب الحياة والتسليم بمعايير خاصة يخضع لها الخطأ و الصواب.‏

إذاً نحن بحاجة إلى حوار إيجابي موضوعي يضع نقاط الالتقاء فيعززها ثم يرى الصعاب فيحاول تجاوزها وبذلك نصل إلى احترام الرأي ونتقبله.‏

يقول أحدهم :‏

الحرية هي بيئة الحوار السليم....والحياة فيها مايستحق أن يعاش وليس عليك هداهم ولكن عليك البيان .‏

وكما قال روبرت هيثلين: لن أتعلم أبداً من شخص يوافقني الرأي .‏

Hunada @housri .com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية