أو اتخاذ قرارات في بعض الوقت... وجميعها لا تصرف في (بنك) الشعب السوري لأنها أصلاً بلا رصيد... فمن يدعي أنه حامٍ للديموقراطية فيما يمارس على أرض سورية، لا يعرف لها سبيلاً في حدوده الجغرافية التي تحفّه، وعصاه المرفوعة في مصادرة أي شكل من أشكال الديموقراطية تحت عقاله وعباءته.. بحجة نظامه الحكمي مشيخة أو إمارة أو مملكة...
وهناك لا تستوي كفتا الميزان ما بين التنظير والتطبيق...
وذاك يطالب بحكومة انتقالية وتنحياً وأموراً لا تخص إلا الشعب السوري وحده ومع الأسف لا يمتلك جلّ صلاحياته في بلاده فلم يتمادى إلى صلاحيات الغير... سؤال محيّر.. لعل رده عليه كما رده على قراراته المتراجع عنها (مزحة)...
.وعندما يسطر رسالة لحكومة العدو يسترضي فيها عظمته وعزته وصداقته غير آبه باستعداء شعبه له. فشرعيته مصدرها اليد تسلمت رسالته، وقوته في الثناء الذي يحتاج إلى (برواظ) نفيس لأن ختمه وضعته خارجية البيت الأسود، الذي استبدل كل الألوان بما فيها بشرة المتحدثين باسمه. وفي جملة ما يُدْعى بالثورة والتغيير تبدأ دول الربيع العربي الذي اجتاح سداها ولحمتها العبور إلى منصة هامة، تدعى في أدبيات السياسة والشرعية بالدستور.. الذي تشكل له هيئات دارسة من أعلى مستويات القانونيين والسياسيين والفقهاء، نفاجأ حين صناعته في زمن العولمة هذا ردةً إلى عصر الحريم. على الأقل فيما يخص المرأة في الحياة العامة.. السيدة المصرية التي كانت بارقة التحرر الفكري والاجتماعي منها والتي كانت رائدة العمل النسوي النهضوي، بأسماء تاريخية لا يمكن محوها، هدى شعراوي – ماري روز – صفية زغلول وتتسابق الأسماء في النهضة النسوية ومثيلاتها في سورية وبلاد الشام.. عادلة بيهم وماري عجمي وغيرهن الكثير.
وهؤلاء النسوة استقين مسيرتهن من الجدات في التاريخ العربي العصماء والخنساء وغيرهن. السيدة المصرية ناضلت في معركة الحياة بكل جوانبها وبالذات الاجتماعية للارتقاء بشأنها وتحريرها من عبودية الموروث البائد، في سابقة هي الأشهر عند العرب والمسلمين (ختان البنات) الذي تذهب ضحيته عشرات الفتيات بل المئات إضافة إلى طعنها في أنوثتها جاهدت كثيراً للخلاص منه. تُفَاجأ اليوم بدستور يرثي لحالها من خلاله كل حصيف يعرف تاريخها. فيما يشرّع طعنها بأنوثتها والتبكير في سن بلوغها حتى لتصبح ضفائرها سهاماً تغرس في صدرها.. ويستنصر لذاته أحد الدعاة ليعلن على شاشة التلفزة بكل الوقاحة والإدعاء على الشرع باطلاً، في تحريم عمل المرأة وعدم شرعيته ناسياً أن خديجة أم المؤمنين كانت سيدة أعمال تقوم على تجارتها خيراً من كثير من الرجال. وأن السيدة عائشة كانت عالمة معلمة قال (ص) خذوا شطراً من دينكم من هذه الحميراء هؤلاء أمهات المؤمنين فبمن يقتدي هؤلاء المدّعون..
ونعود لرأس الربيع الذي أولى به من إسداء النصائح في كلمة حق يراد بها ألف باطل أن يدافع عن حق امرأة مصرية في بلد عربي نالت من الأذى ما نالت، بسبب أميرة في السدة الملكية فتُحَكَمُ بالسجن خمس سنوات، والجلد خمسمئة جلدة. والتهمة خلاف مادي مع تلك الأميرة. وينفّذُ من الجلدات 300 جلدة حتى يتضرر النخاع الشوكي للسيدة، وهي ابنة أستاذ جامعي مرموق في جامعة طنطا وأم لطفلين. تغيب في متاهات سجن المملكة ورأفة بنخاعها الشوكي تُنفَّذ الجلدات الـ 200 الباقية على جرعات كل جرعة منها 50 جلدة أسبوعياً.. هل صادفتم رأفة كهذه يا رعاكم الله؟!.
السيدة نجلاء سجينة منذ أيلول 2009 لعل أيلول أسود دائماً بما يأتي ويحمل.. لم يسمح لها توكيل محام خلال 13 جلسة محاكمة. أليس الأولى أن تمر بها رياح التغيير والربيع والثورة إن كانت على الظلم والاستبداد كما يدّعون. المنظمات النسوية المصرية والمجلس القومي المصري لم يستطع اختراق التعتيم الإعلامي على موضوع السيدة. حتى رفعت اللوموند الفرنسية صوتها ضمن السلطة الرابعة لتتحدث عنها.. هل تفلت السيدة نجلاء من 200 جلدة بعد تضرر نخاعها الشوكي؟؟؟ ماذا فعل الربيع وحملتهُ في ما عصف بالسيدة.
أين الدستور الذي عليه كفالة حقوق أبنائه خاصة المرأة؟؟!!..
حقوق الإنسان لا تقترب من هذه الحادثة، ولا من فِعْلِ السلاح المرفوع في وجه الدستور لتخريب حياة الشعب السوري. فيتضرر النسوة والأطفال والشيوخ قبل الشباب.
أين هي من حق المرأة والطفل في فلسطين وأراضينا المحتلة ومعاناتهم.
وبدل المطالبة بالدفاع عن السيدة لأن جَلْدَها يعني جلد الكرامة والوطنية والإنسانية..
تُرفَعُ كلمات الصداقة والعزة والعظمة لأعداء الأمة في القدس الشريف وكأنه إعلان رسمي واعتراف بأنها عاصمة الدولة اليهودية. أما فلسطين وعاصمتها القدس الشريف منذ أصبحت من ذكريات الزمن الماضي.. وما يطعن الوجدان قبل القلوب اعتراف أهل الشأن بالتخلي عن حقوق شعبهم.. أيّ قِوَامةٍ على مقاليد الناس وأمورهم. وأين ولاة الأمر وفي أي محراب يؤدون طقوس طاعتهم؟ ولمن وكيف؟!.
ألا فليتق الله كل من يرمي حطبةً في النار على الأرض السورية.
فلينظروا إلى شعوبهم وحقوقهم وليدعونا لدستورنا الكافل الضامن الذي لو تفكر به قليلاً من غُرّرَ بِهِ ورفع السلاح بوجهه، لوجده المخلِّصَ من كل ما في النفوس من بثرات ممرضة.. فهو الدواء والعلاج للشفاء من كل ما يُرْمَى من شعارات مهزوزة مهزومة بين صفوف شعبنا. فمنه نستقي شعارات المستقبل في سورية الوطن المتجدد، خاصة في كفالة حق المرأة هذه التي دجّنت أول حبة قمح على أرضنا الطيبة لتحمل خبز الحياة لأبنائها.
ولم ينس الدستور بذرة في الوطن إلا وكفل حقها...
والنداء لنساء الأمة العربية في زمن العولمة والقرية الكونية هل من شبكة تواصل نسوية على الأقل تساند قضايا المرأة.. إن لم يكن من أحرار العالم والأمة، لتقف إلى جانب السيدة نجلاء يحيى وفا فتدافع عنها في دار العتمة الآبق، الذي يفسر الدين في غير موضعه ويوقِعُ الحكم في غير زمانه ومكانه. أهو جهل أم جاهلية.
إن لم تستفد هذه السيدة من ثورة المعلومات وتقنيات العصر، فإلى الجحيم كل فعل عبثي عدائي تكون العولمة وتقنياتها وسيلة لبثه وطعن الأوطان والشعوب به، بدل الدفاع عن المنتهكة حقوقهم..
إن لم يكون للدستور كفالة للمرأة فأي حياة لها بين جدران الحرملك... أي زمن هذا الذي يعيد الأصفاد لتدمي المعاصم... وتعود المرأة جارية ملك اليمين...