لاتخاذه مطية لاستهدافها وتدمير بنية الدولة فيها بعد ان فشلت جميع المحاولات السابقة على اختلاف طرقها واساليبها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وفي اشارة على السقوط الاخلاقي لاحفاد الثورة الفرنسية فان ادارة الرئيس الفرنسي وبدل ان تنسجم مع الاعراف الانسانية التي تنبذ المتآمر والخائن وترفض الارهاب فانها كانت في طليعة الدول التي بادرت لاكساب هذا الكيان الغريب عن النسيج الوطني السوري شرعية مزيفة مدعية انه يمثل الشعب السوري.
الاعتراف الفرنسي حسب مختصين بالشان الدبلوماسي ليس سوى محاولة مكشوفة لتبرير مزيد من دعم العدوان ضد سورية اذ ان الرئيس الفرنسي استخدم الاعتراف مدخلا لاعلان اعادة النظر بموضوع تسليح المعارضة بقوله ان مسألة التسلح ستطرح بالضرورة من جديد ليبدو الانسجام التام بين باريس وائتلاف حمد الذي قال رئيسه المعارضة بحاجة ملحة للاسلحة النوعية.
ولم تكن واشنطن اقل لهفة للترحيب بالمولود التآمري الجديد معترفة على لسان وزيرة خارجيتها انها كانت وراء وجوده بقولها طالبنا بمثل هذا التنظيم منذ فترة طويلة وهذا السعي الامريكي يأتي حسب متابعين ضمن خطة بديلة غيرت خلالها واشنطن الشكل لتحتفظ بالمضمون من خلال استبدال مجلس اسطنبول بائتلاف حمد املا منها ان ينجح الولد حيث فشل الوالد.
إلا ان كلمات واشنطن الترحيبية كانت اقل حرارة من باريس اذ اشترطت ان يبدي قدرته على تمثيل السوريين داخل سورية الامر الذي فهمه مراقبون على انه دعوة للارهابيين في الداخل لتبني الائتلاف وتصعيد جرائمهم بحق الدولة السورية لتتأكد واشنطن انها لا تهدر اسلحتها عندما تقرر ان تقدمها لهم عبر شماعة الائتلاف.
وانطلاقا من القاعدة التي تقول ان المقدمات تقود الى النتائج فان الطريقة التي انشئ بها ائتلاف حمد بدءا من اختيار عاصمة التآمر والارتباط باسرائيل لاعلان ولادته ومرورا بحضور ممثلين لواشنطن وباريس خلف كواليس ما سمي مؤتمر المعارضة في الدوحة للاشراف على تفاصيله وانتهاء بالتصريحات الاولى لمن سمي رئيسا للائتلاف حول حاجة المعارضة للسلاح النوعي ورفضها للحوار الوطني واصرارها على دعم الارهاب على الارض السورية فانه من المسلم به بعد كل ذلك ان تسارع باريس وواشنطن للاعتراف بهذا الكيان الذي ينطق بلسان عربي ليعبر عما يجول في خاطر الغرب وطموحاته التي لم يجد منفذا لتحقيقها بسبب صمود الشعب السوري.
باريس تعترف وواشنطن تعلن عن هبة مالية للائتلاف بقيمة30 مليون دولار تباهت بها وزيرة الخارجية الامريكية في سيدني وسوقتها للعالم لتخفي بها انواعا اخرى من الدعم تقدمها للارهاب في سورية ليس اخطرها اجهزة الاتصال والمعلومات الاستخبارية عن تحركات الجيش العربي السوري الامر الذي بدا جليا في التفجيرات الارهابية ضد مؤسسات الدولة السورية والتي يجمع المراقبون والمختصون على انها من تدبير وتخطيط اجهزة استخبارات دولية اعطت دور التنفيذ فقط للارهابيين.
السقوط الاخلاقي الغربي ليس جديدا اذ ان سياسة التعامل مع المرتزقة والخونة والمتآمرين اصبحت تشكل جوهر العمل الدبلوماسي الغربي في الشرق الاوسط والعالم وعندما تدعم واشنطن وباريس حسب الوثائق التاريخية اكثر من60 انقلابا وعملا عسكريا بصورة غير شرعية لتغيير الانظمة الوطنية واستبدالها بهياكل فارغة من المضمون ومتعاملة مع الغرب وتحاصر وتحارب البلدان التي استعصت عليها كما هو الحال في سورية وايران وفنزويلا وكوبا وغيرها الكثير من الانظمة الوطنية وتعمل في الخفاء لاخلال التوازن الدولي من خلال ارسال الجواسيس لاشعال الفتن في الدول المستقرة وخاصة التي تنافس على الصدارة العالمية كما هو الحال في روسيا والصين فان الحديث عن أي ضابط اخلاقي للسياسة الغربية يصبح بلا معنى.
وان نسي العالم برمته وبينه بعض العرب فان السوريين لن ينسوا ان فرنسا وبريطانيا كانتا وراء تقسيم العالم العربي واستعماره ونهب ثرواته وهما من قدمتا فلسطين هدية لعصابات الصهاينة على حساب اصحاب الارض خدمة للمصالح الغربية وان واشنطن واصلت المهمة بعد الحرب العالمية الثانية اذ استخدمت الفيتو اكثر من 60مرة لحماية كيان الاحتلال ولم تقل يوما انها ستقدم السلاح للفلسطينيين لتحرير ارضهم بل ضاعفت ترسانة المحتل وهي التي باركت قصف اسرائيل لقطاع غزة وقبله للبنان وهي من دمرت العراق بكذبة روجها وزير خارجيتها الاسبق كولن باول ومع كل هذا فهناك من العرب من يريد ان يبيع الوهم ويقنع الشعوب ان الغرب يريد الخير لمنطقتنا.
ولم يسمع احد من الغرب يوما حديثا عن الحوار في سورية بل كل ما يريده هو انهيار الدولة مع انه ثقب اذهان العالم بحوار الحضارات وقبول الآخر والحلول الديمقراطية وحقوق الانسان فكيف يجد مسوغا لدعمه من يقول انه لا يريد حوارا ويصر على مواصلة القتل ويطلب السلاح في حين يتجاهل دعوات الدولة السورية للحوار والاحتكام لرأي السوريين عبر صناديق الاقتراع.
اللقاء بين الغرب وائتلاف حمد له هدف واحد حسب متابعين يتمثل بتدمير سورية وتحويلها الى دولة فاشلة بعد ان استطاعت الوقوف لاكثر من نصف قرن في وجه السياسات الغربية احبطت خلالها عشرات المشاريع التي حضرتها عقول استعمارية خطرة بدءا من مشروع ايزنهاور والهلال الخصيب وغيرها وصولا الى مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي اقفلت دمشق بوجهه بوابات الشرق.
وخلاصة القول فان لسان حال السوريين يقول لتعترف باريس بمن شاءت ولتدعم واشنطن من تريد فمن لا يعترف به الشعب السوري لا مكان له في سورية وسيواصل السوريون معركتهم ضد الارهاب حتى النصر لانهم جعلوا سورية بوصلتهم فمن اجلها ولها يعملون ولا يعنيهم ما يفعل تجار السياسة في مجالسهم وائتلافاتهم.