تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المتغيرات الداخلية والإقليمية على ضوء التطورات الميدانية

دراسات
الاثنين 19-1-2015
حسن حسن

يتغير الواقع الداخلي والإقليمي والدولي بشكل متسارع ففي الداخل السوري يبدو واضحاً وباعتراف الأعداء قبل الأصدقاء التقدم السريع للجيش العربي السوري في المناطق كافة وتغير مزاج حواضن الإرهاب بعد انكشاف حجم التآمر على سورية وشعبها وجيشها ووضوح الدور السعودي عبر استمرار تأجيج داخل سورية،

والعلاقات السرية التي تحولت إلى علنية بين مايسمى (معارضة سورية) واسرائيل وانكشاف حقيقة المجموعات الإرهابية ودورها المشبوه المرتبط بأجندات إقليمية ودولية وتزايد دور المتطرفين- التكفيريين من مختلف الجنسيات وحجم المأساة الإنسانية الناجمة عن دور كل هذه الأطراف التي ساهمت وعلى نطاق واسع في قتل وتشريد السوريين عبر تدخلها الفظ والجبان في الأزمة التي تمر بها سورية منذ أربع سنوات تقريباً.‏

في الأولى طالبوا بتنفيذ الضربة العسكرية التي تراجعت عنها أميركا ولاندري إن كانت تلك الضربة وذلك العدوان لن يساهم في قتل السوريين ناهيك عن تدمير بلدهم بما فيها المنشآت العسكرية والبنية التحتية وتجربة العراق المؤلمة مازالت ماثلة في الأذهان في قبول بعض الزعماء العرب من تابعي أميركا وعملائها للسطو على العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل.‏

في الثانية فعلوا المستحيل كي يوافق مجلس الأمن الدولي على أخذ قرار تحت البند السابع بالتدخل العسكري المباشر في سورية بذريعة حماية المدنيين في استعادة لذات السيناريو الإجرامي بليبيا الذي نرى نتائجه اليوم قتلاً وانقساماً وتناحراً بين مكونات مجتمعها وحين فشلوا في هذا تبادلوا المواقع في تولي أمر العصابات المسلحة حيث زادوا أسلحتها ودعمها بالتعاون مع تركيا فأدخلوا آلاف الإرهابيين من كل دول العالم إلى سورية بهدف قتل الشعب السوري الأمر الذي يمثل نقيضاً فاضحاً لزعمهم الحرص على حياة السوريين وأمنهم.‏

ويستنتج من يتابع الأوضاع في تلك الدول أن آخر اهتمام أمرائها وملوكها بسورية بلداً وشعباً وإلا لكانوا أبدوا اهتماماً بشعوبهم وأخرجوها من القرون الوسطى ورفعوا عنها الاضطهاد الأمني والثقافي والاقتصادي والسياسي فكيف للخليجي أن يتطور في أنظمة مقفلة سياسياً تتحكم في مفاصلها بضع عائلات أو أن ينمو اقتصادياً في بلدان تمسك العائلات الحاكمة بحركة توزيع المال العام فيها وتعتبره ملكاً صرفاً لها، وهذا يفسر إلى حد ما أسباب العداء الخليجي لسورية التي أصابت الهجمة عليها الكثير من الإنجازات التي حققتها بين عامي 1970-2011.‏

في المرحلة المذكورة ارتفع عديد الطبقة الوسطى مقابل تراجع معدل الفقراء وتحسنت الأوضاع الصحية والعلمية والخدماتية رغم دعم سورية للمقاومات العراقية والفلسطينية واللبنانية بالمال والسلاح وهذا هو السبب الأساسي لاستهداف سورية، فكان الهجوم على سورية غربياً وخليجياً وتركياً واسرائيلياً ، والمطلوب إلغاء الدور الأساسي لهذا البلد على المستوى الإقليمي والقضاء على وحدته الوطنية واسقاط نهجه السياسي باستخدام الشعارات المذهبية والعرقية والقبلية.‏

ولابد من الإشارة إلى أن حركة تهجير السوريين من قراهم ومدنهم إنما هي عملية متعددة ، فقد كشفت صحيفة لوموند الفرنسية العام الفائت عن خطة سعودية -غربية لتهجير السوريين وافقارهم لتأمين انضمامهم إلى حركات ارهابية مسلحة ، انطلاقاً من تركيا ولبنان والأردن ، وقد رأينا في المقابل كيف رفضت دول الخليج استقبال أي نازح سوري من دون أن تحدد الأسباب والمبررات ، ما أثار استنكار المنظمات الانسانية الدولية .‏

ولم يعد خافياً على أحد أن التهجير والإفقار والتضليل الإعلامي وتمويل العصابات المسلحة وتدريبها وتسخير خدمات التواصل الاجتماعي لتسهيل اتصال التنظيمات الإرهابية بالعالم ، إنما هي وسائل لتدمير سورية شعبا وجيشاً وتاريخاً ودوراً اقليمياً وبالتالي تدمير الشرق وإنهاء القضية الفلسطينية وجعل المنطقة قاعدة دائمة للغرب الأميركي .‏

لقد حاول أعداء سورية تفكيك مؤسساتها الوطنية وعلى رأسها الجيش كما فعلوا في العراق ، وفي قراءة سريعة للخطة الخليجية - الغربية ، يكشف المراقب حجم التآمر ، حيث يتم الترويج لفكرة أن الدولة تقاتل شعبها وتجاهل الحقائق على الأرض حيث يذبح الإرهابيون الأبرياء ويسبون النساء ويقضون على البشر والحجر ، ووفقاً للخطة المذكورة ، يجري التحريض على الفتنة المذهبية والطائفية في حين أن الإرهابيين لا يفرقون بين المذاهب والأديان ويقتلون كل من لا يبايعهم ويبيعون النساء في سوق الجواري .‏

إن هذه المؤامرة تهدف إلى تفتيت سورية إلى وحدات مذهبية متحاربة ومنعها من تحقيق أي تقدم ديمقراطي فعلي كان بحاجة إلى مدى زمني كما حدث في كل البلدان الأوروبية ، لكن الشعب السوري متمسك بأرضه وتاريخه ، كذلك الجيش العربي السوري الذي يدافع عن وطنه وهو يشكل اليوم واحداً من أهم الجيوش الوطنية في الشرق ، ويبقى الأمل كبيراًِ في انتصار سورية على المتآمرين عليها من اعراب الخليج والغرب الاستعماري والسلاطين الجدد .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية