تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اتقوا الله في الفتن المذهبية.. وإرهابكم المنظم

إضاءات
الأحد 10-1-2016
سلوى خليل الأمين

من خلال متابعتي على صفحة الفيسبوك للعديد من الآراء، ومعظمها لمن امتلك من الثقافة والفكر حيزاً متقدماً، لاحظت الانشداد الشديد، كل إلى من يمثله مذهبياً، هذا الفعل هو منتهى الشؤم والتقهقر في زمن مازال الاستعمار رافعاً شعاره المأساوي،

الذي أهلك شعوب هذه الأمة العربية التي باتت متفرقة أيدي سبأ من خلال الاصطفاف المذهبي البغيض الذي أرساه غلاة المستعمرين وأبرزهم الزعيم البريطاني ونستون تشرشل حين سئل: كيف تتراجع عن انتصاراتك في المنطقة العربية وتسلمها برضى تام إلى من لا يستحقها خصوصاً أنهم لا يتقنون أمور السلطة، أجابهم: بريطانيا ستبقى ما دمنا نرفع شعار سياسة: فرق تسد.‏

هذا الشعار لم يمت بموت تشرشل، ولم ينسه من خلفه في السلطة حتى تاريخه حتى حين غابت الشمس عن مستعمرات التاج البريطاني وعصرها الذهبي وصعود نجم الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية مازال لتاريخه شعار تشرشل البريطاني قائماً وفاعلاً ومازال العرب على تقارب منه، ينفذونه باتقان من حفظ الدرس جيداً، رغم تقدمهم في كنز العلوم والمعرفة، وتواصلهم السريع مع الثقافات والحداثة والتطور السريع خصوصاً في هذا العصر التكنولوجي الحديث المفتوحة أبوابه على مصراعيها أمام كل طالب معرفة أو اقتناص خبر أو عالم أو مفكر يفتش عن الحقيقة في حوليات التاريخ القديم والحديث بعيداً عن التعصب الديني أو المذهبي بحيث ترتفع الأصوات حالياً وبعد حرب ضروس طالت بنيان الدول العربية من الحد إلى الحد ومن الشط إلى الشط، وغرست بين ظهرانيها أظافر الشؤم والسموم والإجرام والإرهاب المبرمج الذي ما زلنا نشهد مساراته المدمرة وثوراته المكهربة والممذهبة القائمة على ضغينة الأنفس الأمارة بالسوء المنطلقة من تعصب ديني مذهبي وجهل بالسياسة الوطنية لا يمت إلى أصول الدين الإسلامي الحنيف بصلة ولا إلى العلوم السياسية القائمة على علوم المنطق والمعرفة حيث كتاب الله الذي يتبعه المسلمون جميعهم دون استثناء أمر بإرساء قواعد الأخوة بين أبناء الديانات الكتابية فكيف بأبناء الدين الواحد الموحد الذي أساسه القرآن.‏

يأتيني هذا القول وأنا أصارع على صفحات الفيسبوك أولئك الموتورين من الكتّاب والأدباء والشعراء، الذين كشفوا عورات أقلامهم السوداء، حين تفاعلت قضية إعدام الشيخ نمر باقر النمر من قبل السلطة السعودية الذي شجبته معظم الدول وفي طليعتهم بريطانيا، وحين تم الاعتداء على السفارة السعودية في طهران الذي شجبه رئيس الدولة الإيرانية أيضاً، هاتان الحادثتان كشفتا الأنفس الأمارة بالسوء.‏

هنا علينا التوقف عند هذه الحالة الغرائزية الهوجاء، خصوصاً عند حملة الأقلام وجهابذة الرأي الحر الذين عليهم التفكير بحكمة وعقلانية واحترام رأي كل ذي عقيدة دينية كانت أم حزبية، من منطلق احترام الرأي الآخر ومن منطلق توخي الحقيقة، وليس التعصب القائم على الفتن والتفرقة ونشر الصور والمقالات الصحفية لصحفيين مؤطرين ضمن خزائن المال التي تأتيهم غلالها وزنة سنوات مقبلة تجنبهم الفاقة والعوز الذي عاشوه طويلاً، وذلك لقاء الشتم والخروج حتى على شرع الله الواحد الأحد، الذي يؤمر به كل مسلم وهو توخي الصدق وتحري الحقيقة.‏

لقد حمل البعض قضية بلدة مضايا كقميص عثمان، وأخذوا ينشرون الصور التي رفضها الصليب الأحمر الدولي، وأثبت بالقول الصريح من على شاشات التلفزة العربية واللبنانية وعلى الأخص تلفزيون الجديد في لبنان المعروف عنه تبعيته لدولة قطر الحقيقة الواضحة بكل ملابساتها وأن ما يروج ويسوق من صور وفبركات إعلامية لا يحمل حقيقة الوضع القائم وإن وجدت السلبيات الناتجة عن هذه الحرب المدمرة التي طالت سورية، والأهم أن من رفع هذه القضية في هذا الوقت بالذات قصد من ذلك التعمية على قضية إعدام الشيخ نمر باقر النمر، من أجل الإساءة إلى حزب الله، في الوقت الذي لم يتكلم أحد من هؤلاء عن حصار الفوعة وكفريا ونبل والزهراء وغيرها، وعن أكلة الأكباد وعن القتل والذبح وحجز النساء في الأقفاص على سطوح المنازل، ورمي الوطنيين من الرجال في الأنهر أحياء، وتقطيع الرؤوس بالسيف المسموم، والتفجيرات المتنقلة من لبنان إلى سورية فالعراق فليبيا فتونس فمصر، وحتى لم يدافع أحد منهم عن العراق حين احتل بكذبة أسلحة الدمار الشامل، ولم يقفوا متراصين لشجب الممارسات الأميركية الوحشية والخارجة عن نطاق القوانين الدولية التي تراعي حقوق أسرى الحرب التي حصلت مع نساء ورجال وعلماء العراق وهم من جميع مكونات العراقيين المعتقلين في سجن أبو غريب وأفعال الاغتصاب الجماعي الذي مورس ضد الرجال والنساء على حد سواء وظهر إعلامياً للعلن دون أن يهز ضمائر العرب المتأسلمين، ولم تقم القيامة لانتهاك حرمة القدس الشريف والجامع الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، كما لقتل وتهجير الايزيديين وبيعهم في سوق الرقيق كما لتهجير المسيحيين وتدمير دور العبادة والمقامات الدينية وتماثيل المفكرين والأدباء والشعراء بهمجية موصوفة في العراق وسورية، ولم تهزهم صورة العراقي الذي وقف باكياً منذ يومين أيضاً في متحف بريطاني وهو يشاهد آثار وطنه المسروقة والمعروضة في متحف الدولة الراقية المتحضرة كما يقال، ولم يلتفتوا لتلك الطفلة السورية ذات السبع سنوات التي أنشدت في برنامج هواة للأطفال مؤخراً على محطة تلفزيون MBC وهي تبكي أعطونا الطفولة أعطونا السلام، وهنا (أسجل تحيتي لهذه المحطة التي رفعت السلام أغنية على فم طفلة سورية لا تريد عن وطنها بديلاً)، ولم تهزهم حادثة ابن العشرين عاماً الذي أعدم أمه في مدينة الرقة السورية البارحة، لمجرد أنها نهته عن متابعة مساره مع داعش الإرهابية والهروب خارج المنطقة، ولم تهزهم عاصفة الحزم على شعب اليمن السعيد ولا هدم تراثه التاريخي ولا قذف الشعب اليمني الفقير بالقنابل العنقودية المحرمة دولياً، كما لم يرفعوا صور الشهيد الفلسطيني البطل نشأت ملحم السني المذهب، الذي أربك الجيش الإسرائيلي في تل أبيب على مدى ثمانية أيام قبل استشهاده مظلوماً دفاعاً عن وطنه السليب فلسطين، هذه الأفعال لا تهزهم ولا يسلطون الضوء عليها، كل ما هو داخل أنفسهم المتمذهبة، ظهر إلى العلن، بحقد لا مثيل له وأخذوا ينعتون روسيا وإيران بأقذع الألفاظ متناسين أن إيران دولة ذات حضارة متجذرة في عمق التاريخ وكذلك روسيا وأن التطاول على التاريخ بهذا الحقد أمر مسيء يضر بصاحبه،كما أن التطاول على شعب الحجاز وتاريخه الإسلامي العريق، أمر مرفوض فتلك الأرض هي دولة رسولنا المصطفى الأكرم ومهد ديانتنا الإسلامية بشرائعها السامية، فالحاكم مهما بلغ ظلمه فهو زائل لا محالة، أما الأرض فهي باقية وأما الوطن فهو الراية المنشودة والكرامة المؤصلة، لهذا لا يجوز التفريط بهما على مذبح الشهوات التسلطية والفتنوية والمؤامراتية التي تنفث السموم المذهبية وتشتري ضمائر الضعفاء من أجل إسقاط الحقيقة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق.‏

نهاية الكلام كل هذه الأمور مرفوضة، من حصار الناس وتجويعهم وطبعاً من قبل الإرهابيين الذين يصادرون المعونات التي ترسل تحت راية الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كما الضرب على الوتر المذهبي مرفوض، ونكران الحقيقة مرفوض، والالتفات إلى الفبركات الإعلامية أمر شاذ وصناعة جاهلية عمياء، لأن الإعلام يجب أن يكون صادقاً، وليس أداة للمذهبة والفتنة والتفرقة الدينية والأخوية وحتى الاثنية والعرقية، فالإرهاب مرفوض أيضاً بكل أشكاله ومسبباته، وتدمير سورية ولبنان والعراق وأي دولة عربية مرفوض رفضا باتا، وغض الأبصار عن قضية فلسطين جريمة نكراء، فاتقوا الله في كلمة الحق.. ولا تبالغوا في تسويق الذمم الحاقدة والضغينة والضمائر المستعارة.. بل جاهدوا كي تبقى أواصر الإيمان والتعصب الوطني والعروبي هي كلمة الحق التي تجمع ولا تفرق.. في وجه هذا الإرهاب المنظم وفتنه المذهبية اللعينة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية