إلا أنها تجهد في المقابل على زرع الطرق المؤدية إلى جنيف أو فيينا بالكثير من المفخخات السياسية، وتفتعل العديد من الحجج المصطنعة لمنع تهيئة الظروف الملائمة، أوتبديد المناخ المناسب لإطلاق الحوار السوري السوري.
المبعوث الأممي دي ميستورا يواصل جهوده، ويجول على الدول والأطراف المعنية لتقريب وجهات النظر، ولكنه ما زال يصطدم بعقبات الحل، الذي لم ينضج بعد لدى الولايات المتحدة وأتباعها، خاصة وأن المشغلين لم ينجحوا حتى الآن بلملمة شتات المعارضات السورية، والتي بات إظهارها للعلن رهينة لتوافق الدول الممولة على أسماء الفصائل التي يمكن أن تحفظ لكل دولة مصالحها، وإلا ماذا يعني عدم امتلاك دي ميستورا حتى الآن أي قائمة بأسماء الوفد «المعارض» المزمع مشاركته في اجتماع جنيف القادم؟.
الكثير من الدول باتت تدرك أن جهود الحل السياسي مرتبطة بشكل وثيق بمصداقية جهود مكافحة الإرهاب، ومع ذلك فإن أميركا وأتباعها يراوغون حتى الآن في مسألة تحديد التنظيمات الإرهابية المستبعدة من أي حوار سياسي، وجعبة دي ميستورا لم تحو بعد أي قائمة بأسماء تلك التنظيمات، والتي على ما يبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تجعل منها ورقة تفاوضية للابتزاز، ولاسيما بعد أن ثبت للجميع أن وجود «المعارضة المعتدلة» هي كذبة كبيرة لتبرير الدعم الغربي والسعودي والتركي للتنظيمات الإرهابية، والاستمرار في مدها بالسلاح والمال.
جعبة دي ميستورا تخلو أيضا من أي قرائن تثبت أن الدول الداعمة للإرهاب توقفت عن تمويل الإرهابيين، امتثالا لقرارات مجلس الأمن الأخيرة بهذا الصدد، ما يعني أن جهود الحل السياسي، تحتاج لإرادة قوية وصادقة من أجل إلزام الدول الداعمة للإرهاب بالتوقف عن ذلك.
وآخر البدع المخترعة، لعرقلة جهود الحل السياسي، تمثلت برفع منسوب الفبركات الإعلامية، لجهة قلب الصورة رأسا على عقب فيما يخص الوضع الإنساني، بهدف استثماره سياسيا، ولم يجد داعمو الإرهاب وسيلة لذلك إلا بتوجيه ماكيناتهم الإعلامية التضليليلة لبث تقارير وأخبار زائفة تصور محاصرة الإرهابيين لأهالي مضايا وبقين واتخاذهم دروعا بشرية، وسرقة المساعدات التي تقدمها لهم الحكومة السورية، على نحو مغاير، لاتهام الحكومة، والعمل على ابتزازها في المحافل الدولية لاحقا، ما يؤكد للمرة الألف بأن أميركا ومن يدور في فلكها الإجرامي ليست بوارد الوصول إلى حل سياسي، وإنما العمل على إطالة أمد الأزمة!.