وكيف يمكن فهم التزامن المريب بين العدوان الصهيوني السافر وبين نقل وقائعه بالصوت والصورة لحظة وقوعه عبر شاشات الفتنة والقتل الشريكة في سفك الدم السوري؟
ولماذا يتهرب الكيان الصهيوني من الاعتراف الرسمي بجريمته، ويفرض نتنياهو على مسؤولي كيانه التزام الصمت ؟ وماذا عن الرد السوري الذي أشار إليه بيان الحكومة عندما أكد أن الوضع أصبح مفتوحاً على جميع الاحتمالات؟
توصيف الواقع:
الحماقة الجديدة التي أقدم عليها حكام تل أبيب عبر عدوان صاروخي على بعض المنشآت العسكرية فجر الأحد الواقع في 5/5/2013 أمرٌ بالغ الخطورة، ويحمل الكثير من المعاني والدلالات التي لا يجوز إغفالها، ومنها:
1- لا يمكن وصف ما حدث إلا أنه اعتداء سافر على دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في هيئة الأمم المتحدة، ومن حق هذه الدولة الرد على العدوان بكل السبل والوسائل الممكنة.
2- هذا العدوان يتناقض مع ميثاق المنظمة الدولية ويشكل خرقاً فاضحا للقانون الدولي.
3- العدوان المذكور بمقدماته ونتائجه يشكل خرقاً لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، والتي بقيت سارية المفعول منذ ذالك التاريخ، وعلى من يتنكر لما اتفق عليه مع دول ذات سيادة أن يتحمل كل النتائج التي تترتب على ذلك.
4- لا يمكن للكيان الصهيوني أن يقدم على مثل هذا التصعيد الخطير إلا بمباركة واشنطن، إن لم يكن بطلب مباشر منها.
5- العدوان أتى بعد محطات لا يمكن إغفالها، ومنها:
أ الإنجازات الباهرة للجيش العربي السوري، والانهيار الدراماتيكي للعصابات المسلحة في داريا والغوطة الشرقية والقصير وبانياس وغيرها كثير على امتداد الجغرافيا السورية.
ب ظهور السيد الرئيس مرات عدة وسط المواطنين، وما يتضمنه هذا من رسائل اطمئنان لجميع أبناء سورية الملتفين حول قائدهم والواثقين بحتمية النصر.
ج خطاب سيد المقاومة وتأكيد أن سورية ليست وحيدة ولن يسمح أقطاب المقاومة لأحد الاستفراد بسورية.
د استدعاء المستعربين إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يكونوا قدموا طلب استرحام وأعلنوا استعدادهم لتمويل أية ضربة عسكرية لسورية أضعاف تكلفتها على أمل تأخير إعلان انتصار سورية، ورفع الروح المعنوية المنهارة لدى جميع مكونات الجسد الإرهابي العامل في الداخل السوري.
6- العدوان يثبت صحة الرواية السورية التي أكدت منذ آذار 2011 أن ما تتعرض له سورية مؤامرة كبرى تستهدف تفتيت الدولة السورية تمهيداً لتفتيت المنطقة برمتها، وفي الوقت ذاته يدحض كل المقولات التي كان أعداء سورية يروجونها حول المطالب المشروعة والحراك السلمي.
انطلاقاً مما سبق واستناداً لما أثبتته حقائق الواقع الميداني يظهر بوضوح أن الكيان الصهيوني طرف مباشر في الحرب التي تُشَن على سورية منذ أكثر من عامين، والدلائل على ذلك كثيرة، ومنها:
1- تزامن العدوان الصاروخي مع تغطية إعلامية مباشرة بالصوت والصورة من القنوات الشريكة بسفك الدم السوري.
2- الاستنفار المسعور لجميع الخلايا الإرهابية في دمشق وريفها بالتزامن مع بدء الضربة الصاروخية والهجوم على الحواجز العسكرية وجميع مداخل دمشق استناداّ لتغطية نارية غير مسبوقة.
3- الدور الصهيوني واضح منذ الأشهر الأولى بوضوح عبر رشاشات عوزي والقنابل ومضادات الدروع الإسرائيلية بيد جبهة النصرة وغيرها من العصابات الإرهابية المسلحة، وقد عبر عدد من الخونة ورموز ما يسمونه معارضة عن الارتياح للعدوان الصهيوني على الوطن الأم سورية،وكذلك استقبال جرحى العصابات المسلحة في مشافي الكيان الصهيوني، وتسهيل عبور المسلحين عبر الحدود المحكومة باتفاقية فصل القوات، وهذا لا يكون إلا بمساعدة جيش الكيان الغاصب واستخباراته، إذ لا يمكن للإرهابيين تجاوز حقول الألغام المتعددة وبقية الموانع التي أقامها الكيان الصهيوني بشكل ذاتي، وكذلك ظهور المراقبين الدوليين من قوات /الأندوف /في الأردن بعد اختطافهم من عصابات القتل والإجرام دليلٌ دامغ على التنسيق بين أولئك الإرهابيين وبين الاستخبارات الأردنية والصهيونية.
الرد الاستراتيجي:
من حق أي مواطن سوري وأي محب لسورية أن يشعر بالغبن والضيق، وأن ينتظر رداً نوعياً يكبح جماح العربدة الصهيونية، وهذا الغضب الشعبي والاحتقان دليل صحة وطنية وانتماء متجذر يحق للسوريين الاعتزاز به، والسؤال الأهم هنا: ما هو الهدف الأسمى المنتظر من الرد السوري؟ هل الهدف هو الانتقام، أم الانتصار؟ إذا كان الانتقام هو الهدف فيجب الرد بأسرع ما يمكن،وإذا كانت الغاية والهدف هو الانتصار الحتمي فيجب أن تؤخذ بالحسبان متطلبات اتخاذ القرار الاستراتيجي، والدولة السورية التي استطاعت الصمود في وجه حرب مركبة وشبه كونية لا يمكن أن تستدرج إلى حيث يريد الأعداء، والفكر الاستراتيجي الذي قاد الوطن في هذه المرحلة العصيبة بحكمة واقتدار لا يتأثر بتهديد أو وعيد، ولا ينظر إلى جانب من اللوحة بل إليها كاملة وبشكل استراتيجي يضع في حساباته الاصطفافات الجيوبوليتيكية التي أفرزها الصمود السوري، وجميع المعطيات تؤكد أن العنوان الأبرز للاصطفاف الجديد هو السقوط المدوي للأحادية القطبية، وبروز عالم متعدد الأقطاب يمهد لولادة شرق أوسط جديد وفق إرادة شعوب المنطقة لا وفق المصالح الصهيو أمريكية وسيكون لسورية في هذا الشرق الجديد الدور الفاعل والمتناسب مع ما قدمته للبشرية جمعاء في القضاء على الإرهاب العابر للقارات.
النتيجة:
هذا العدوان السافر المتناقض مع القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة يثبت بالدلائل القاطعة أن العصابات الإرهابية المسلحة جزء من مشروع عدواني يستهدف تفتيت المنطقة برمتها،وكل الجرائم المرتكبة بحق الدولة السورية لها مرجعية واحدة وغرفة عمليات مركزية تسند المهام المطلوب تنفيذها وتوزع الأدوار بين القتلة المأجورين والأنظمة العربية والإقليمية بإشراف مباشر وقيادة أمريكية صهيونية، ومع ذلك فشلوا في تحقيق أي هدف من أهدافهم، وإلزام المعتدي بدفع الضريبة مضاعفة لا يكون بردود الأفعال غير المدروسة، بل بالنتائج المضمونة، وهذا ما بدأ يظهر بوضوح ارتباك أطراف العدوان,والتفاعل الإيجابي الخلاق في الشارع السوري والعربي الغاضب والداعي إلى زيادة التمسك بنهج المقاومة والإصرار على الاستمرار في التصدي للإرهاب حتى القضاء على آخر إرهابي، وهذا يعني أنه لا عذر لأحد بعد اليوم ، فالعصابات المسلحة تنفذ أجندة صهيونية، وأعراب الردة أخذوا على عاتقهم تمويل وتسليح قتلة الشعب السوري ليتمكنوا من تصفية القضية الفلسطينية، ومن حق سورية التنسيق مع الشركاء والأصدقاء لكتابة الكلمات الأخيرة في ملحمة انتصار القرن الحادي والعشرين.