هذا هو الهدف لتلك الحكومة مع حلفائها تنوب عنهم كلاب الحراسة الإعلامية لذلك علينا أن نأخذ حذرنا ونتصرف بسرعة كما أنه لابد لنا من التساؤل عما حصل فالأمور غير واضحة تماماً من حيث الربط بين الوقائع في الجرائم التي حصلت والتي ظهر انعكاسها في الرأي العام عبر جميع قنوات الاتصال المسيطر عليها من قبل السلطات ففي مشهد مذبحة التحرير في جريدة «شارلي إيبدو» جاءت المعلومات الرسمية بحالة وكأنها كوماندوس تقني تم تحضيره بشكل مدروس جداً حيث قام الإرهابيون بنمط هذه الجريمة بطريقة محترفة.
وبدم بارد على أن الرجلين ذاتهما من ترك في تلك اللحظة هوية أحد القاتلين في السيارة التي ركنوها خلال هروبهم وهذا مايتيح لرجال الشرطة معرفة مرتكبي الجريمة فوراً ثم إن المجرمين لم يجدا ولم يتحسبا لأمرهما في إيجاد مخبأ يلجأان اليه سوى مطبعة صغيرة وهي قيد العمل في منطقة دامارتان حيث جلسا ينتظران بهدوء كل تلك الحملة الأمنية ضدهما .
لقد خبرنا تلك العمليات منذ قضية محمد مراح الذي قتل في مدينة تولوز بالطريقة ذاتها وبالشكل الذي أدارت فيه قوات حفظ النظام العملية (حيث يتم صرع القاتل دون البحث عنه حياً وذلك تجنباً من أن يتحدث بشيء أو يفشي
أسراراً) وهكذا فإن الإرهابيين انتظرا مصيرهما بشكل هادئ خلال عملية الإطباق عليهما قبل أن يتم قتلهما طبعاً في حين كانت تجري العملية الإرهابية ضد صحيفة شارلي كانت المعلومات تردنا أنه في منطقة مونروج هناك شخص يقتل شرطية كانت تحرر محضراً لسائق سيارة .
ترى لأي غاية حصلت تلك الجريمة التي أكدوها لنا أيضاً؟ على أنهم أرادوا إعلامنا دون أن يشرحوا لنا الأسباب المفاجئة لهذا التحول وبأن الرجل المطلوب على علاقة بقاتلي الصحفيين وهو هارب ثم يتم القبض عليه في منطقة أخرى وهو يهم بأخذ رهائن داخل مخزن وهم يتجمعون عند صندوق المحاسبة .
اذاً هناك عمليتان إرهابيتان في باريس بآنٍ معاً فالحدث يتيح للسلطات ووسائل الإعلام رفع حالة الاستنفار ومستوى الحالة الدرامية بأن فرنسا تواجه بشراسة وعنف حرباً معممة لإرهاب متطرف ولابد من الرد بالسرعة القصوى وهو أولاً بوحدة الشعب الفرنسي «الوحدة المقدسة» وراء حكومة هولاند وفالس الذين نظما الأمور على مستوى واسع ورفيع حيث دعا هولاند الشعب الفرنسي إلى الخروج بأعداد كبيرة ليظهر وبكثافة وحدته الوطنية وراء حكومته فأحزاب اليمين تدعم مبادرة الحزب الاشتراكي كما أن جميع النقابات والتجمعات والشخصيات من جميع الأطياف ورئيس الجمهورية حضروا مع
قادة الدول الأوروبية من ألمانيا وانكلترا وايطاليا واسبانيا ودول عربية .
اذاً واعتباراً من لحظة مذبحة الصحفيين _الذين تجاوزوا حدودهم في صحيفة أسبوعية امتهنت التهكم_ وأسبوع بعد أسبوع فإن هولاند مع جميع الذين جاؤوا ليتظاهروا معه سيتخذون وبوقاحة من هذه الجريمة حجة لدعم مواقفهم وسياساتهم فأي هدف لهذه المسيرة في ساحة الجمهورية التي خرج اليها الشعب الفرنسي ومن المستفيد من هذه الجريمة؟