تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أصابع السرطان.. مبدعون في شرك المرض العضال.. حبـــر العتبـــة الأخيـــرة مـــن الحيــاة‏



ثقافة‏
الثلاثاء13-1-2015‏
يمن سليمان عباس‏

لم يعد من المهم ان نكرر أن الابداع الانقى والاجمل هو وليد لحظات الالم والمعاناة، فلربما صارت المقولة اكثر من ممجوجة ومستهلكة، ولكننا نجد أنفسنا نعود اليها مرات ومرات وبصيغ مختلفة شئنا ام ابينا, المرض واقع لا محالة منه،

قدر كما الحياة والموت، وما بين قدر الولادة والموت ثمة شيء اسمه مرض، قد يكون عضالا مستعصيا يصيب الكثيرين، لايترك ضحيته الا وقد انهت دورةالحياة، ولكن كيف يكون اثره عليها والى اين يتجه بها؟‏‏

بالتاكيد يختلف الامر حسب الضحية، عمرا، عملا وانتاجا وحتى مقدرة مالية, فثمة الاف بل ملايين الملايين تسللت الحمى الى اجسادهم، كما تسللت الى جسد ابي الطيب المتنبي، ولكن قلة اولئك الذين استطاعوا ان يجعلوها موضوعا للابداع كما فعل هو:‏‏

وزائرتي كأن بها حياء.. فليس تزور الا في الظلام‏‏

بذلت لها المطارف والحشايا.. فعافتها وباتت في عظامي‏‏

وغير المتنبي هناك مبدعون كثيرون جعلوا من الالم موضوعا ابداعيا، في الشعر والرواية والفن والقصة وغيرها، بالتاكيد نعني الالم الشخصي الممض القاتل لانه الاكثر قدرة على ترك الانطباع عند المبدع (كما تقول العامة لايعرف الالم الا من يعانيه).‏‏

السيدة نجاح ابراهيم الكاتبة المعروفة اعدت دراسة هامة حملت عنوان: اصابع السرطان خيانات الجسد, صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق يتناول حياة مجموعة من المبدعين العرب المعاصرين ممن ارهقهم المرض العضال الى حد الرحيل،تقف في كتابها عند ستة مبدعين عرب هم على التوالي:بدر شاكر السياب -امل دنقل- سنية الصالح-سعد الله ونوس-ممدوح عدوان-نعمات البحيري.‏‏

لماذا هؤلاء؟‏‏

تقول نجاح ابراهيم في تقديمها لهذه الدراسة الهامة والجميلة:كم فكرت بحبرهم المقدس، وبابداعاتهم المتميزة، والتي يطيب لي ان اسميها بالابداعات المقدسة، لانها نزّت عن حبر مقدس والم مقدس، ووقت ضيّق عصيب له قدسية، فشغلتني فكرة ملاحقتها وذلك منذ أن قرأت عن الشاعرة سنية الصالح وعن معاناتها وصراعها مع المرض واستنزاف كتاباتها الاخيرة، فأخذت أرصد كتابات هؤلاء المبدعين الذين نصبت فوق رؤوسهم خيمة الموت ونشرت ظلا من رائحته بينما ظلهم فوق رؤوس الاخرين ومع ذلك ظل هاجس الكتابة لديهم أقوى.‏‏

وإغواء الحبر يدحر الموت، او يرجئه ليكون هو المهيمن وجدير ان نقتفي اثر من قاتل وصارع، لاظهاره اظهار المخبوء، والمخبوء كنز ثمين.‏‏

انها كتابات العتبة الاخيرة او كتابات النظرة الاخيرة، او المشهد الاخير من مسرحية الحياة، قبل ان تسدل الستارة وينتهي كل شيء.‏‏

كتابات تحمل طعم الرحيل، ولكنها تتسم بالخلود لما للابدية من بذور داخلها، او انها ابداع الغياب الاتي، وما يترك من سطوع.‏‏

وتضيف قائلة: لم أخطط لكتابة مواد هذه الدراسة او هذا البحث او هذا التقصي، ليكن ما يكون، ولكنني اعرف انني أملك فكرة التمعت ذات وقت كيراعة شهقت ضوءا في رأسي، ثم لهث حبري ليخطها على البياض، وهذه الفكرة دونتها مذ اطلعت على وضع سنية صالح واحصيت اعجابي به بوصفه ابداعا و بوصفها انسانة صابرة وحزينة ومكلومة دائما وكذلك لاعجابي بها بوصفها امراة مبدعة، ولتأثري بما أنجزت وخرجت بنص أدبي يقترب من فن القصة جاء بعنوان: هذا المطر لي وقد نشر ضمن مجموعتي القصصية (نداء القطرس).‏‏

أما الفكرة الأساس كما تقول نجاح ابراهيم فقد ظلت في دفتر الافكار الى ان زارت السيدة سعاد القوادري زوجة الراحل المبدع عبد الرحمن منيف التي أكرمتها كما تقول بزيارة سابقة في بيتها قبل أكثر من أربع سنوات من زيارتها لها، ومن فيض كرمها - زوجة منيف - (أهدتني مجموعة من كتب للراحل بطبعتها الجديدة وحين قرأت كتاب لوعة الغياب تألقت من جديد فكرتي ودفعت دفعا غريبا لانجازها.‏‏

رصد‏‏

وتضيف نجاح قائلة: اما فكرة دراستي فهي رصد ما ترك هؤلاء المبدعون المصابون بمرض السرطان من كتابات، وهم في صراع بين الموت والحياة، بين الشفاء والابتلاء بين الحلم والواقع، وبالتالي معرفة الافكار التي تناولونها ومن ثم اطلاعنا على الحياة النفسية التي كانوا عليها قبل الموت، وعلى التجربة التي عاشوها والاعترافات والاسرار التي تنطوي عليها وكيف اخذتهم غواية كتابة اللحظة التي عايشوها لحظة التماس مع الموت.‏‏

وترى نجاح ابراهيم انهم اغتنمواالوقت على الرغم مما سلط عليهم من اسياخ النار وفوهات الالم وجرعات الكيماوي وسياط الاشعة والتصدع القسري والقهر الذي يعيشونه، وهم يرون الحياة تتسرب من بين جوارحهم فأبدعوا على الرغم من كل ذلك فناً جميلاً بما يحمل هذا الفن من أوجاع وارهاصات والام وهل غير الانسان المبدع يشعر بكل هذا اكثر من غيره؟ هذا الفن الذي استقطروه من عذابات ارواحهم وهي تنوء بالرحيل فن مقاوم ينظر دون وجل او مواربة او خوف في وجه الموت، كتابات ترصد الاقتراب من النار لفراش ملون اكثر من الحديث عن النار وما النار سوى هذا الضيف المخيف والمرعب القادم، الذي يخبىء فناء, رمادا، ولا مناص من استقباله ولا تراجع.‏‏

الكتاب رحلة في عوالمهم تضيء على خلجات الحياة الاخيرة، وعلى ابداع سمته الكاتبة ابداع العتبة الاخيرة وكانت موفقة في ذلك، وما ثنايا الكتاب يرقى لان يكون نصا ابداعيا اكثر منه نصا دراسيا، وكأنها كتبت بقلم كل واحد من هؤلاء، وننتظر يوما ما ان نرى دراسة أخرى تأتي على الام النفس كما الام الجسد والروح، الام النفس وما تركته من اثر على الابداع عند مجموعة او كوكبة من Yemenbbass@qmail.com"لاغيرهم.‏‏

Yemenbbass@qmail.com‏">مبدعينا،‏

Yemenbbass@qmail.com"لاغيرهم.‏‏

Yemenbbass@qmail.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية