وهذه الثقة تراكمية كونتها المصارف عبر سنوات طويلة نتيجة تطبيقها لمعايير دولية و عالمية ، ولكن بنفس القدر الذي تعطي فيه الارقام مؤشرات ايجابية فان عدم توظيفها سيقلل من ارباح المصارف او يقودها الى الخسارة وهو ما عبر عنه المصرف الصناعي بابتعاده عن قبول الودائع الكبيرة لأنها تشكل عبئا ماليا من خلال دفع الفوائد على هذه الإيداعات دون أن يملك إمكانية توظيفها أو استثمارها وتحقيق عائد اكبر من الفوائد التي يدفعها المصرف للمودعين.
ارتفاع سيولة المصارف العامة هي اهم مؤشر على قدرة المصارف على منح القروض لكل القطاعات ولكن في هذه الظروف لا يمنع ان يكون التمويل لقطاعات إنتاجية معينة وفق أولويات ما يعزز امكانية اعادة استئناف الاقراض عودة الامن والامان لكثير من المناطق عدا عن وجود محافظات لم يتعكر فيها الامن والامان ويمكن للمصارف تمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي يكون عامل المخاطرة فيها قليلاً ولا بأس من التشدد في شروط منح القروض و البدء بتمويل لفترات قصيرة لاسيما وان المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لا تحتاج لزمن طويل لاقلاعها .
لدى المصارف العامة تجارب كبيرة ومشاكل اكثر ولا سيما لناحية ملاءة الجهات المقترضة وهذا ما رفع من حجم المبالغ غير المحصلة لصالح المصارف ولكن اليوم في ضوء تجارب السابق والتعامل مع مفرزات الازمة يمكن لهذه المصارف اعادة الاقراض ولا سيما لشريحة العاملين في الدولة ولو كانت قروضاً استهلاكية لملاءتها العالية فلا يوجد شخص حاصل على قرض وعجز اي من المصارف من تحصيله لان المقترض لديه كفلاء وان لم يسدد تم تحصيل القرض من الكفلاء .
على المصارف الا تهرب من المودعين بل على العكس يجب ان تزيد من حوافز الايداع ولكن عليها بنفس الوقت ان توظف هذه الايداعات وبما يحقق مصلحة الطرفين ويعيد طرح دورة الحياة في البلد .