وهذا ما يميز الأفذاذ عن غيرهم،فاستيعاب الصدمة وتلمس الحل هو الفارق الحقيقي بين النجاح والفشل،فالمشاكل لن تنتهي وستستمر إذا وجدت منا فكراً مغلقاً وبصراً لا ينظر إلا تحت الأقدام.
الفرق بين الشخصية الناضجة..والسطحية
إن الشخصية السطحية تتسم بقدر من(القصور الذاتي)بمعنى أنها تظل في حركتها متأخرة عن متطلبات الواقع،فأثناء عملها ترتكب أخطاء وتواجه مشكلات،ولكن حركتها في معالجة تلك الأخطاء والمشكلات تظل بطيئة وتأتي متأخرة،بسبب ضحالة رصيدها من الشفافية والمرونة..هذا فضلاً عن إنها تعجز عن إقامة حواجز بين التصلب الممدوح الذي يتمثل في الثبات والتمسك بالعقائد والمبادئ والمفاهيم الكبرى،وبين التصلب الذهني المذموم الذي يتمثل في نقص المرونة الذهنية،واعتناق بعض المفاهيم الخاطئة التي تجعل المرء فاقد للرشد الفكري.
السطحيون يتجنبون دوماً مواجهة مشاكل الواقع على عكس الناضجون الذين يواجهون الواقع يتلهف مدركين أن أسرع الطرق لحل أي مشكلة هو التعامل معها بحزم وفوري..فالناضجون يتحدون مشاكلهم،بينما السطحيون يتهربون منها أو يتجاهلونها وعندما لا تسير الأمور وفق ما يتوقعه الشخص السطحي فإنه يضرب بقدميه الأرض سخطاً وتذمراً،ويحبس أنفاسه ويبكي أو يتحسر على قدره،أما الشخص الناضج في المقابل فإنه يفكر بطريقة مختلفة وباتجاه مختلف، ويستمر مواصلاً حياته الطبيعية بحلوها ومرها..كما أنه عندما يحبط أو يخيب أمل الشخص السطحي فإنه يبحث عن شخص ليلومه، بينما الشخص الناضج يبحث عن حل...
فالأشخاص السطحيون يهاجمون الآخرين،بينما الناضجين يتغلبون على المشاكل بحلها،وحين يشعرون بخيبة الأمل أو الإحباط فإنهم يضاعفون جهدهم لإيجاد حلول لمشاكلهم..إن النجاح ليس دائماً وليد الأفكار الضخمة،فكثيراً ما يكون مفتاحه فكرة بسيطة والعقبة الرئيسية التي تعيق التطور الطبيعي للحياة هي(الأفكار المتحجرة) فالبساطة صفة من صفات الحقيقة التي تتدفق من الداخل إلى الخارج،تحفزنا على التطور،وكل ما تحتاجه البساطة هو الصدق والمرونة ليتفتح الحس السليم وتتدفق النوايا الحسنة وتتفجر الثقة بامتلاك قوة العزم التي لا رجوع فيها إلى الوراء .
التفكير السليم
يرى علماء النفس أن التفكير بالمشكلة يمر بأربع مراحل حتى يتمكن المرء بشكل عام من حلها:
- مرحلة الاعتراف بالمشكلة،فبعض الناس لا يريد أن يعترف أن هناك مشكلة أصلاً ولا يحاول أن يتفهم طبيعتها،وبذلك يصعب عليه علاجها.
- مرحلة توليد الأفكار والفرضيات،فنضع احتمالات للحل على كثرتها وتنوعها.
- مرحلة اختيار الفرضية المناسبة،فنرجح إحدى الفرضيات على أنها هي الكفيلة بحل المشكلة ونعتمدها.
- مرحلة التقويم من أول بدء العمل بها وحتى الوصول للانجاز المطلوب،فالتقييم المستمر يضمن لنا التعديل الفوري إذا أخفقنا في أي مرحلة،وبذلك نوفر الوقت والجهد،ونخرج من الكبوة بأقل كلفة.
إن أصحاب الطبيعة النفسية المعقدة لا تأتي سلوكياتهم بما تحب حتى لذاتها،لأنها في كثير من الأحيان تتحرك بالاندفاع أو بردود الأفعال بدلاً من التخطيط المسبق،ولا شك أن لهذه المسألة دوراً كبيراً في كافة المجالات الإنتاجية والتنموية،لأن صاحب الطبيعة الصعبة بقدر صعوبة مزاجه وتعامله..يعكر صفو العلاقات ويعكر آلية التعامل ويعقد طرق تنفيذ العمل فهو من تعقيد لتعقيد،فما أحرى بنا أن نتبسط لكي تنبسط لنا الحياة.