تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(الميركافا).. لن تستطيع أن تقطع عليهم الطرق!

شؤون سياسية
الأحد 29/7/2007
توفيق جراد

الذي يحدث في الأراضي الفلسطينية أثبت أنه من المستحيل أن يلوي أحدهم أرواح هؤلاء المقاتلين, إنهم يدفنون موتاهم, يلملمون بقايا منازلهم, ثم يكملون طريقهم, لن تستطيع طائرات الأباتشي ولا دبابات الميركافا أن تقطع عليهم الطريق.

هذه كلمات للمفكر الفرنسي جاك أتالي, الذي سبق له أن أعلن أن إسرائيل إلى زوال, قالها وهو يعلق على إرادة الصمود عند المقاومين إن كانوا في جنوب لبنان أو في فلسطين وشعارهم: (قاوم فإن سقطت فلن تكلف إلا نفسك).‏

من يحرر الإسرائيليين من الوهم الزائف الذي يعتنقونه, وهو أن الفلسطينيين شعب لا يستحق الاستقلال, وأن يحثهم على معارضة الميول الاستعمارية التي تتخلل خطابهم الرسمي وينفذون كلماته على الأرض بلغة الحديد والنار?‏

الإسرائيليون, الذي قال عنهم مفكرهم الاستراتيجي /شلومو بروم/ إن دولتهم لا تفهم إلا بالقوة, ينسون أنهم يمارسون احتلالاً ضد الفلسطينيين, هو الأطول من نوعه في القرن العشرين وما زال مستمراً حتى الآن, كونهم يتعاملون مع السياسة من منظور أمني.‏

ومع ذلك فإنهم يسمون دولتهم بأنها ديمقراطية, فهل يستوي الاحتلال والديمقراطية? إنه كذلك عند اثنين: أولهما الرئيس الأميركي جورج بوش الذي بشرنا بالديمقراطية فدمر العراق, والثاني هو صمويل هنتنغتون الذي اخبرنا في (صراع حضاراته) بأن الحروب تنتهي عندما تعم الديمقراطية بلدان العالم.‏

ولكن ماذا لو حدثت الحرب بين دولتين ديمقراطيتين? فأجاب إنهما تمارسان الشوق والحنين إلى أيام النضال, لم يكن حق الشعوب في المقاومة وارداً عنده ولا عند تلامذته ممن يعرفون بالمحافظين الجدد, ذلك أنهم لا يرون في الاحتلال عدواناً على حرية الشعوب.‏

إسرائيل, وهي تنكر الطرف الآخر, وهذه غولدا مائير رئيسة وزرائهم في مطلع السبعينيات تعلن أنها (لم تسمع بشعب اسمه الفلسطينيون), تلجأ إلى الديموغرافيا سبيلاً لحل مشكلاتها الأمنية.‏

هذا ما فعلته يوم قررت الانفصال عن قطاع غزة عام ,2005 ولكنه قرار هدم الذاكرة الإسرائيلية التي نشأت على ثقافة أن فلسطين التاريخية من النهر وحتى البحر هي (أرض إسرائىل).‏

وهذا الهدم ولد انفصاماً في الشخصية العامة عند الإسرائيليين, على ما يقوله الكاتب الإسرائىلي حيمي شاليف, كيف تعالجه?‏

بالصدمة, وبارتكاب العدوان المستمر على القطاع, لجملة أسباب منها: قضم مزيد من الأرض الفلسطينية أو تدميرها, وصولاً إلى دفع الفلسطيني المقاوم للرحيل عن الأرض, أو إقامة شريط أمني يفصل قطاع غزة عن الغلاف المحيط به على غرار ما كان معمولاً به في جنوب لبنان قبل عام .2000‏

وثالث هذه الأسباب التي تشي بالغاية من العدوان هو القضاء على المؤسسات المدنية في المجتمع الفلسطيني في إطار ما يسميه عالم الاجتماع /باروخ كيمرلينغ/ (التصفية السياسية).‏

وهذا هدف حدده أرئىل شارون للحملات التي شنها على الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عملية السور الواقي في نيسان 2002 ولخصها بهدف أمني هو (اجتثاث المقاومة).‏

لقد فوجئ الإسرائيليون بالمقاومة الفلسطينية, وقد ظنوا أن اتفاقات اوسلو, وهي (طعم لمنظمة التحرير), على ما يقوله السيد عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي في حوار أجرته معه مجلة الدراسات الفلسطينية (عدد 67 -صيف عام 2006ص31), ترقى إلى حد الكارثة على الفلسطينيين, سوف تحقق لهم ما لم تحققه سنوات الاحتلال.‏

فالمفاوضات التي تلت تلك الاتفاقات لسبع سنوات كاملة لم تشهد إخلاء مستوطنة إسرائيلية واحدة, بل تزايد معها النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة بدرجة كبيرة انسجاماً مع مقولة شارون (احتلوا رؤوس التلال).‏

وكل ما استطاع الفلسطينيون تحقيقه أو الحصول عليه من تلك العملية هو سلطة محدودة, حتى إن مواردها المالية لا تودع في المصارف التابعة للسلطة بل في المصارف الإسرائيلية تنفيذاً لاتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين الطرفين يوم 29 نيسان من العام ,1994 ولا تمارس نفوذاً إلا في إطار تقسيم إداري للضفة بين مناطق (أ) و(ب) و(ج), وهو تقسيم طال أقل من 20% من أراضي الضفة.‏

في غضون هذه المدة التي امتدت على سبع سنوات أقامت السلطة الفلسطينية نظاماً من الحكم الفاسد كما تقول مجلة نيوزويك الأميركية من المصطلح عنواناً لغلاف عددها الصادر أواخر شهر نيسان عام .1996‏

وإذا كان لأحد أن ينسى فإنه لن ينسى بيان (العشرين) الذي كان إنذاراً بأن الأمور في الضفة والقطاع تسير على غير ما يتمناه الفلسطينيون, وقد سمى الأشياء بأسمائها, وقد جاءت الأحداث المأساوية الأخيرة بين فتح وحماس لتؤكد ذلك.‏

وهذه الأزمة التي شددت الحصار على حركة حماس فيها أخطاء قانونية ودستورية, كما يقول الذين أشرفوا على وضع الدستور الفلسطيني وخاصة في باب صلاحيات الرئيس وتشكيلة حكومة طوارىء, واصفين الخطوة بأنها (تدمير) لأساس القانون, خرجت عن إطار ما يسميه الدكتور اسعد عبد الرحمن (رئيس هيئة امناء الموسوعة الفلسطينية) (ايديولوجية الاقصاء) لتدخل في صلب مفهوم (التجربة التاريخية) لأكبر حركتين فلسطينيتين, بات واضحاً, كما يقول, إنهما غارقتان في سلسلة من الأزمات المتوالية فكرياً وسياسياً وبنيوياً, لم تعد تجدي معها المسكنات بل صارت بحاجة إلى مبضع الجراح ليستأصل الأورام التي تطورت في الحركتين قيادات وكوادر, هذا الجراح قد يكون اسمه (التيار الثالث) فمن يكون?!‏

* باحث فلسطيني‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية