تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في تبعثر الكستناء..

ثقافة
الأحد 7-12-2014
علاء الدين محمد

حين تصبح اللغة بيدراً تتجول فيه سنابل الرؤى ودالية تتدلى عن أغصانها عناقيد الرعشة، وتهيم من مائها ذائقة النشوة، من غير الشاعر يستطيع أن يطوف على تخوم البيادر وحواف العنب، وآفاق الأحلام..

من غيره يفتح أبواب الأسرار ويدخل إلى واحات البياض المثيرة، من غير الشاعر يستطيع أن يخرج من الغفلة المقيمة إلى حضور الانتباه واليقظة.. من غير الشاعر يستطيع أن يتخفى في الحضور ويحضر في الخفاء، كلما استهل به حضر إلى مخيلتي متدفقاً كتدفق اللغة على صفحات- سوناتا- عذوبة تبعثر الكستناء المجموعة الشعرية للشاعر أوس أحمد أسعد الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب ست وثلاثون قصيدة شعرية تضمنتها هذه المجموعة، أو ستة وثلاثون انتباهاً تضمنتها هذه المجموعة ومع كل انتباه أو قصيدة أو سؤال تتفرع الأسئلة والانتباهات والموسيقا في عالم شعري أقرب إلى البحث عن تقديم حالات شعرية تنفرد عن غيرها مما قرأناه وكأني به يحاول ببراعة المبدع وقلق الشاعر أن يزيل ذلك السواد الكثيف عن بياض الورق لتضيق العبارة مع اتساع الرؤية، كما قال النقري الكبير «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة» أما القصائد التي آثر أن يفتتحها الشاعر بأقوال غيره فتلك عادة الشعراء الذين مروا، وأما حين يفتتح القصيدة بقول له إنما يوحي ذلك إلى أن نفسه الشاعرة تتوق إلى أن تصل إلى مصاف السلف من الشعراء الكبار، والشاعر أوس أسعد لم يستطع أن يغادر بيادر الطفولة وقريته بسمالخ التي يطغى حضورها في جلى أشعاره، كذلك هو الابن الوفي لأبيه الذي خصه بقصيدة تحمل اسمه «أحمد أسعد» (حاملا...ً منجل الفجر..ليشذب حواف العتمة..موغلاً في السرد والدندنة... سلال اليقين تتأرجح بين يديه.. عنباً ناضجاً.. وما استوى الحصرم..يشهر منجله كل صباح ليقطف خمرته الناقصة: أبي).‏

والشاعر يعتز بمنبته الطبقي الفلاحي وهو بذلك يجسد الوفاء الحقيقي من معيار القيمة الأخلاقية لمصداقية الشاعر وهو يتغنى بابنته رغداء العذوبة التي تبعثر الكستناء، وتدحرج شقاوتها على سفح الانتباه يحاول الشاعر عبثاً الصعود إليها فتباغته الفراشات و عندما يحاول أكثر تأسره العصافير أما عن قريته بسمالخ المرتفعة على سفحها المطل فبقيت حروفها في ذاكرته دالة على معبد الكائن ككلمة تركية وبقيت دالة على بيت مالك بالسريالية).‏

كما يخص أمه بقصيدة تحمل اسمها بديعة: مثل زيتونة ماطرة...تمد غصناً..إلى الشمس..لتمسح.. وجع الصباح.. وغصناً إلى غفوتنا.. لتزهر أكثر.. مثل قديسة.. مكللة بالياسمين..‏

ولايغيب عن الشاعر شعوره الوطني العميق بمحنة الوطن الكبير سورية فقال: ( هل تكفي..محبرة الأفق..ليسطر السوري..حزنه؟! «سورية» تابوت..يخفق بالأحياء والأموات.. والأموات.. في وطني يشح الكلام.. وتهرم القصيدة.. لاشمس في وطني..لأقول لي..شفق اقتات من قلقي.. ويجوعني الحبق)..‏

لقد استطاع الشاعر أوس أحمد أين يختط لنفسه طريقاً منفرداً عن أبناء جيله...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية