وذكر الدكتور الحريري بأن كلمة تحنيط عربية الأصل وتعني الحانوتي أي من يقومون بتجهيز الموتى ليتم دفنهم، أما كلمة مومياء فتعد كلمة فارسية مبيناً بأن التنقيبات الأثرية كشفت بأن التدمريين القدماء عرفوا مستوى عالياً من التحنيط لكنه تطور بناء على معتقداتهم الدينية بوجود حياة ما بعد الموت، ما يدل على المستوى العلمي المتطور للحضارة التدمرية قدمتها للبشرية لتكون إرثا كبيراً من العلم والمعرفة وكجانب من حضارة تدمر المشرقة والطقوس والشعائر الدينية المفروضة باعتبارها عادة.
فالموت شغل حيزاً واسعاً من حياة التدمريين ولاعتقادهم بأنها المأوى الأخير لهم القبر واعتبروه داراً أبدية لابد أن يكون فيها الراحة والخلود. وبين مدير المتحف أن سكان تدمر فكروا بالتحنيط للحفاظ على أجساد موتاهم باعتبارها طريقة للحفاظ عليها ولاسيما أنها استخدمت بوضع مواد كيميائية وعقاقير خاصة تحفظها لآلاف السنين.
بينما لفت إلى المعابد الدينية التدمرية المكرسة لعبادة الكثير من الآلهة الدينية المرتبطة أكثرها بالقدرة على الانبعاث وتجدد الحياة وبعودة الروح للميت واستقرارها بالجثة المحنطة، مبيناً أن جدلية التحنيط عندهم تمثلت في قلة العثور على المحنطات في المدافن وعدم اهتمام العلماء والباحثين بدراستها.
فيما أردف الباحث متسائلاً حول التحنيط هل كان محصوراً على الأغنياء أم أن للفقراء نصيباً فيه؟ فقال بأن هناك خلافاً كان يدور بين الآثاريين حول النقطة ذاتها وقد حصروها بداية على اهتمام الأغنياء نظراً لتكاليفه الباهظة و لديهم القدرة على تسديد التكاليف، لكن البعثة الأثرية التي ضمت العديد من الجنسيات وكان الباحث خليل بين المشاركين فيها عام 2005 وجدت على السور الدفاعي ثلاث مومياءات، غابت من المدفن اللقى الأثرية الجنائزية وتعود للقرن الأول الميلادي لتؤكد عكس توقعاتهم بأن التحنيط ليس حكراً على الأغنياء وما أثبت لهم ذلك عدم وجود لقى أثرية داخل المدفن.
كما تحدث عن كيفية التحنيط وأساليبه لدى التدمريين حيث بدأت عبارة عن حفرة وأكياس من الخيش توضع فيها الجثة جالسة بوضع القرفصاء ثم تطورت باستخدام المواد الكيميائية واستخراج الأحشاء من البطن ووضعها في أجران لحرقها ثم يدهن الجسد بالزيوت ويلف بأقمشة متعددة منها صوفية وقطنية وحريرية وتختم الفتحات التي تم إخراج الأحشاء منها بواسطة العسل أو الصمغ منعاً للتعفن وحتى لا تشهد على صاحبه أنه أكل أي غرام حرام في حياته.
خاتماً محاضرته بأن فكرة التحنيط كانت لأشخاص متخصصين وحكراً على الكهنة وبأن الواحد منهم كان لديه مجموعة من الأطباء وانتهى بموتهم.