بثقافته التشاركية التي لمسناها في أكثر من مبادرة وأكثر من مكان خلال سنوات العدوان التسع على الوطن، أثبت السوريون خلالها أنهم جديرون بالثقة في المحافظة على السيادة الوطنية وأنهم شعب لاينكسر ولا يُقهر مهما اشتدت أوزار الحرب والحصار..
تحضرني كلمات أغنية الراحلة الشحرورة صباح وتقول: «ع البساطة البساطة وياعيني ع البساطة.. وقديش مستحلية أعيش جنبك ياأبو الدراويش.. تغديني جبنة وزيتونة وتعشيني بطاطا..» ألحان سهيل عرفة أما الكلمات لم يُعرف كاتبها لأنها وببساطة تنسحب على كل مواطن سوري يرددها ويعمل بمضمونها في ظل مواجهة الحصار الذي تفرضه قوى الهيمنة الاستعمارية.
بساطة العيش ليست جديدة على الشعب السوري فثقافة البيوت التي تربينا عليها تشكل سدا منيعا في وجه أي حصار يمكن أن يفرضه الاستعمار بأشكاله وتواليه على سوريتنا.
اعتدنا أن تكون المؤونة ركنا أساسيا من أركان البيت..واعتادت الأسر السورية على تبادل المنتجات المحلية فيما بينها، فما تنتجه أسرة أو تعمل به تقدمه للأخرى وبالعكس..ناهيك عن تقليد شعبي يومي سوري وهو سكبة الجيران من طعام البيت.
هذا التقليد السوري الذي يأتي من كرم وأخلاق وفطرة السوريين يعتبر أعظم مبادرة اقتصادية وهو بالأساس أول قانون تجاري اقتصادي على مر الحضارات و يعرف بالمقايضة.
المقايضة يمكن استثمارها والرجوع إليها في التعاملات التجارية على المستويين الداخلي والخارجي فعوضا عن دفع مقابل مالي لأي سلعة يمكن مقايضتها بسلعة أخرى حتى مع البلدان المجاورة والصديقة وبالتالي ينتفي التعامل بالعملات والقطع الأجنبية النقدية التي تفرضها علينا دول الحصار والاستعمار كنوع من الهيمنة.
سورية وفيرة بخيراتها لحد الاكتفاء الذاتي ماتحتاجه استثمار مواردها كاملة بالشكل الأمثل والتنمية البشرية واسثمار مقدراتها وبساطة العيش كفيلة بكسر كل أشكال الحصار.