والسياسية، والثقافية، ولكن هذه الأحلام تفتحت، وتحولت إلى مشروع سياسي لدى النخب القومية .
وبعد سقوط الدولة العثمانية التي ناءت بجهلها وتجهيلها قرونا على العالم العربي.. وتنامت تلك الأحلام أكثر في عصر الانتداب الغربي، عصر سايكس بيكو / الذي رسم خرائط جغرافيا جديدة سياسية، وثقافية، وأقام أنظمة، وأحزاباً، واستنهض رجالا يزرعون الأفكار المشبوهة لبقاء العالم العربي مفككا ضعيفا خانعا.. في مواجهة «سايكس بيكو» وقيام الكيان الصهيوني..
تأججت حركة النهوض القومي، في نوع من المحافظة على الوجود..نهضت حركات التحرر، واتسع نطاق الأفكار القومية واستيقظت العروبة نشيدا على امتداد الجغرافيا العربية، وهذا ما أثار غضب الغرب، والصهيونية..
في هذه المرحلة نهض عبد الناصر.. وتكون البعث حاملا مشروعه الوحدوي والنضالي..
وتشكلت أحزاب وطنية، وقومية.. وتنامى الطموح لبناء نهوض تحرري كامل، لبناء أمة قوية..
ولكن الغرب استنفر أدواته: «الكيان الصهيوني.. والأنظمة التي صنعها، والأحزاب التي كان وراء قيامها، ومنها المد الإخواني، والوهابي، تحت عنوان: «محاربة الإلحاد الشيوعي»
ارتفت شعارات الوهابية والإخوانية:
العروبة كفر، والقومية كفر
والتحرر من الغرب..والانفتاح على المعسكر الاشتراكي الذي وقف مع قضايانا كفر.. لأن هذا المعسكر في رأيهم ملحد وكافر، والمعسكر الذي أقام إسرائيل ومزقنا في نظرهم هو معسكر مؤمن، ضمن مفارقة كارثية، قامت، واستمرت..
اشتعلت الحروب زمنها: « عدوان 1956، وحرب 1976،
وجرت محاولات عديدة لاستفزاز الدول التي تقف في مواجهة الكيان الصهيوني، وجعلها في حالة استنفار عسكري دائم على حساب تطور اقتصادها، ونموها السياسي، والاجتماعي، وقد أوكل للنظام السعودي والأنظمة النفطية والرجعية في العالم العربي القيام بهذا الدور إلى جانب التهديد الإسرائيلي.
وللأسف أن القوى الوطنية والقومية..
لم تتمكن من بناء مشروعها الواحد، لأسباب كثيرة من أهمها:
عدم نضوج الكادر القيادي لهذه القوى،
وافتقار الأحزاب الوطنية والقومية إلى روح الوحدة النضالية ,,
وهذا ماجعل عملية الالتقاء صعبة،
فتتقارب حينا، وتتباعد أحيانا.
بعد رحيل عبد الناصر عام 1970..
وبعد اتفاقيات الإذعان « كامب ديفيد، وأوسلو 1و2 ووادي عربة،
وبعد الحرب العراقية الإيرانية،
بقيت سورية «حافظ الأسد، وبعده بشار الأسد « في مواجهة التحدي الصهيوني والغربي وتصاعد في أشكال عديدة، إعلامية، وسياسية، واقتصادية وهاهو اليوم يتحول فيما بعد إلى عدوان عسكري دموي إرهابي تدميري، على أيدي القوى التكفيرية من «إخوان، ووهابية، وعثمانية».
ثمة من يسأل: كيف وصل العرب إلى هذا الحد من الانهيار..
ولماذا نامت عيون القوى الوطنية والقومية عن الحقد الذي تكنه دول النفط..
وكيف تركت التعبئة السياسية والثقافية منفلشة على امتداد الساحة القومية؟؟
في ظل هذا الغياب، تنامى الفكر التكفيري، التدميري،
ليس لتدمير حزب بعينه، أو نظام بعينه، كما يسوقون اليوم،
وإنما لتدمير أمة بأكملها،
انطلاقاً من محاولات تدميرها نفسيا،
لتصبح قضية الإيمان بالعروبة أسطورة ساذجة.
يرى بن غوريون أول رئيس للكيان الصهيوني:
على إسرائيل أن تشن حروبا متتالية،على العرب..
وبأشكال متعددة للوصول بهم إلى حد الانهيار النفسي والثقافي»
إن الكوارث التي أصابت العرب والعروبة من الغرب والكيان الصهيوني،
لم تكن لتحقق بعض مانراه اليوم،
لولا هذا التحالف العميق، والمنظم، بين الفكر التكفيري الذي تقوده وتغذيه أنظمة النفط، وبين هذا الغرب والصهيونية.
من الحماقة اليوم..
أن تنهار الروح المعنوية للجماهير العربية..
ومن الخطأ الكبير، ابتعاد الأحزاب القومية والوطنية عن الجماهير،
وبخاصة تلك الجماهير التي نجحت القوى السلفية التكفيرية باصطيادها..
وإلا فإننا سنبقى كأمة في مسيرة مأساوية، خطوة إلى الأمام،
وخطوات إلى الوراء،
للسقوط أخيرا في الهوة المميتة.