تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دوريـــس ليســــينغ في حوارهـــا الأخيــر: أعـرف أشـخاصاً حصلـوا علـى نوبـل ولم يفعلـوا شـيئاً!

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 26-11-2013
قبل أيام تم إعلان وفاة الكاتبة البريطانية وصاحبة نوبل دوريس ليسينغ. حازت ليسينغ على نوبل عام 2007، لتصبح المرأة رقم 11 التي تحصل على هذه الجائزة. من أعمالها «الشعب يغني» و«الإرهابية الطيبة». هنا مقتطفات من حوارها الأخير مع صحيفة التليغراف:

عندما قابل نيجيل فارنديل دوريس ليسينغ في نيسان 2008، وهي في عمر الثامنة والثمانين، وجدها لاتزال غاضبة؛ من الشيوعيين، والسيدة تاتشر، و«السويديين الملعونين» الذين قدموا لها جائزة نوبل.‏

لا يستغرق الأمر مع دوريس ليسينغ سوى أربع دقائق للتحدث عن شيء غير متوقع إن لم يكن جدلياً بشكل كبير. تتحدث عن هتلر وتقول إنها تتفهمه، كعضوة سابقة في الحزب الشيوعي.‏

هي بالطبع لا تتسامح مع هتلر، هي فقط تشرح شعبيته المبكرة. أذكر هنا تعليقها الذي يظهر شجاعتها المحببة مع اللغة؛ هي لا تهتم بما يمكن أن يفكر فيه الناس، لقد تجاوزت مرحلة الاهتمام، وهناك عظمة في تجاوز الاهتمام بالناس. على سبيل المثال كم عدد الناس الذين يبلغون الثامنة والثمانين ويصبحون ظاهرة عالمية على اليوتيوب؟ هي كانت كذلك في العام الماضي، عندما ذهبت الصحافة إلى المنزل الذي عاشت فيه الثلاثين سنة الماضية في ويست هامبستيد، المنزل الذي نجلس فيه الآن، حيث خرجت من تكسي أسود مع ابنها بيتر، قيل لها إنها فازت بجائزة نوبل للأدب وطلب منها التعليق. كانت هذه أول مرة تسمع الخبر، إلا أنها لم تتأثر بشكل بطولي، قالت وهي تتجاهل الأسئلة: «يا يسوع المسيح»، مضيفة: «أنا لا يمكنني الاهتمام كثيراً.. لقد حصلت على كل الجوائز في أوروبا، كل جائزة لعينة»»‏

كانت أكثر لطفاً لاحقاً، قالت كل الأشياء الطيبة، ولكن الآن عندما أسألها عن لحظة نوبل تعود وتقول «من هؤلاء الناس؟ إنهم مجموعة من السويديين الملعونين»‏

يقول بيتر: «إنهم يبيعون كميات كبيرة من الديناميت» تقول: «بيتر ابني» يضيف بيتر: «ابنها الآخر مات». وهذا أيضاً كان غير ضروري- ابنها الأكبر جون، مزارع في حقول البن في زيمبابوي. مات بأزمة قلبية عام 1992-‏

تقول: «المسألة كلها نكتة. تدير جائزة نوبل مجموعة ذاتية مستديمة. يصوتون لأنفسهم ويجعلون صناع النشر في العالم يسيرون على نغمتهم. أعرف عدة أشخاص حصلوا على نوبل ولم يفعلوا شيئاً لسنة سوى نوبل. وهذا يجلب لي ضيقاً جديداً. بالأسفل هناك 500 شيء عليّ أن أوقعه». عندما توجهت للمنزل، كنت قد مررت بالفعل بالعديد من الكراتين في طريقي إلى السلم. كنت قد رأيت بيتر أيضاً في نهاية الممر، يجلس على طاولة المطبخ ببيجامته. وبلا مبالاة ولا كلمات أشار بإبهامه إلى غرفة الجلوس. حيث وجدت أمه، طولها خمسة أقدام، وبوجه لطيف ومجعد، محاط بخصلات شعر كانت تتهرب من تسريحتها.‏

بالمناسبة، كانت الغرفة تشبه كل شيء تأمل أن تراه في غرفة جلوس عملاق أدبي: كانت فوضوية بشكل رائع، كمتجر للسلع الرخيصة. قال أحدهم مرة إن ليسينغ تبدو وكأنها تعسكر في منزلها. هناك أكوام من الكتب، بعضها مائلة وغير مستقرة، شكل للكرة الأرضية، صينية للعرض، أقنعة أفريقية، لوحات زيتية، أبسطة مطوية على الأرضية. تعيش هنا الآن، تنام على الكنبة الحمراء بسبب آلام ظهرها إذ تعاني من هشاشة العظام، هذا يجعل من الصعب عليها أن تنام على سرير. يشاركها على الكنبة قط ضخم تسميه يوميوم، الاسم المتخذ من أوبرا ميكادو. تقول وهي تربت على قطها: «يوماً ما سأسقط على يوميوم وسيكون عليهم أن يحملوني إلى المستشفى».‏

الكاتبة الأكثر إنتاجاً وغير التقليدية كتبت رواية تزعم أنها ستكون الأخيرة (كتبت أكثر من خمسين كتاباً وتقول إن «هذا كاف») النصف الأول من كتاب «ألفريد وإيميلي» هو رواية قصيرة عن كيف يمكن أن تتغير حياة والديها لو لم تكن الحرب العالمية الأولى قد اندلعت. الجزء الثاني هو سيرة ذاتية عن والديها. كانت أمها ممرضة أثناء الحرب. وكان أبوها جندياً في معارك الخنادق. كادت الشظايا تقتله عام 1917.‏

تعتقد أن شخصيتها تربت على الحروب، عن طريق والديها, دونها ربما لم تكن لتصير كاتبة، ولن يكون لديها ما قال غراهام غرين أنه يجب أن يكون لدى كل الكتاب: «قطعة من الثلج في القلب».‏

لا يمكنك أن تخمن من عيني ليسينغ الصغيرتين والطيبتين أنها كانت تكره أمها، توضح: «لقد كرهنا بعضنا. كنا نتشاجر من البداية، هي لم تخترني كابنة، لقد سقطت عليها. من المؤكد أنني أغضبتها. فكرت أن كل شيء أفعله هو أنني أضايقها. كان لديها قدرة غير عادية على التوهم الذاتي.»‏

ولدت ليسينغ في فارس (كما كانت تسمى ساعتها) عام 1919، دوريس ماي تايلر (كما كانت تسمى ساعتها) نشأت في حقل ذرة في روديسيا المستعمرة (زيمبابوي الآن)، هاجر أبواها إلى هناك بعد الحرب. كانت تقرأ بشراهة: كانت تُرسل لها الكلاسيكيات الأدبية من ناد أدبي بلندن. ولكنها لم تكن طفلة سعيدة، وكانت تهرب من آن لآخر. كانت تراودها أيضا توهمات عن وزنها وبدأت حمية من زبدة الفول السوداني والطماطم. لم تأكل شيئاً آخر لشهور، ونجح الأمر. تركت المنزل والمدرسة عندما كانت في الخامسة عشر وتزوجت فرانك ويسدام وهي في التاسعة عشر، الذي قابلته وهي تعمل في سنترال في سالزبري. كان موظفاً مدنياً أكبر منها بعشر سنوات. أنجبت طفلين وبدأت في القفز على- ما وصفته بشكل قوي- «جبال هيمالايا الضجر» بالنسبة لأم شابة. عام 1945، في عمر السادسة والعشرين، هجرت أسرتها وتزوجت من جوتفريد ليسينغ، شيوعي وكان عنصراً أساسياً في نادي الكتب اليساري. طلقا بعضهما بعد أربع سنوات، عام 1949. ظلت محتفظة باسم زوجها الثاني، هذا الذي يبدو شيئاً غريباً على امرأة نسوية، ولكن ليسينغ لم تكن أبداً نسوية تقليدية. لم تكن تقليدية على الإطلاق.‏

تبدو هذه الأيام رافضة تماما لحركة التحرر النسائية، تقول: «لقد تم الانتصار في كل المعارك، باستثناء المقابل المتساوي للعمل المتساوي». ويبدو أن هذا عزل بعض تلاميذها السابقين. تبدو ليسينغ أنها تستمتع بالثقل الأكبر الذي تمثله آراؤها بعدما أصبحت فائزة بنوبل. تصريحها بعد فوزها بنوبل لجريدة إل باييس الإسبانية كانت إحدى الحالات، قالت: «11 سبتمبر كان حدثاً بشعاً، ولكن إن عدت بالتاريخ إلى الجيش الجمهوري الأيرلندي، فالأمر ليس بهذه البشاعة». هذا أحدث غضباً في أمريكا، بدت ملتذة بذلك. ولكونها لا تساوم وذات عقل منفرد، فهي تعتبر نفسها مخالفة محترفة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية