جاء هذا الاتفاق في جنيف و الذي أصبح ممكنا بفضل انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني في شهر حزيران ، كتتويج لأشهر من المفاوضات المكثفة بين ما يسمى P5 +1 - الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي إلى جانب ألمانيا – وإيران . ولكن تبين أيضا أنه كان ثمرة دبلوماسية سرية بين مسؤولين إيرانيين ومسؤول إدارة أوباما العليا ، نائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز.
وقد ضرب هذا الاتفاق النووي مع ايران الأول من نوعه خلال عقد من الزمن تقريبا بالفعل تحالفات استراتيجية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، حيث ضمت إسرائيل والمملكة العربية السعودية صوتهما للتعبير عن معارضتهما لهذه الصفقة ولكنه يمكن أن يضع حجر الأساس لمستقبل التعاون بين الولايات المتحدة وايران اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ الثورة الاسلامية عام 1979، وأزمة الرهائن الإيرانية.
ويمتد الاتفاق لمدة ستة أشهر بينما تستمر المفاوضات بشأن اتفاق نهائي شامل. ولكن كلا الجانبين كان قادرا على إعلان النصر، في حين أكد مسؤولون أمريكيون وايرانيون ان اتفاق اليوم لم يكن سوى “خطوة اولى”.
وقد أشاد الرئيس باراك أوباما ب “القيود الكبيرة” لبرنامج ايران النووي الذي من شأنه أن “يقطع مسارات إيران المحتملة لصنع قنبلة نووية”. ولكن الايرانيين أيضا حافظوا على “الخط الأحمر” وهو ضمان حقهم في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وهذا لن يفرض أي عقوبات جديدة في الأشهر الستة المقبلة حيث تحدث الزعيم الروحي لإيران آية الله علي خامنئي علنا عن الحاجة إلى الحفاظ على “خطوط حمراء” لإيران، وكتب إلى الرئيس روحاني قوله ان الاتفاق “ يمكن أن يكون أساسا لاتخاذ مزيد من الإجراءات الذكية”.
إن وزراء خارجية خمسة دول من أقوى الدول في العالم - معظم القوى النووية نفسها - كان قد ذهب الى جنيف يوم الجمعة الماضي وسط آمال بأن صفقة طال انتظارها على وشك الحدوث و لكن الأمر استغرق ما يقرب يومين حتى تم هذا الاتفاق.
وينص الاتفاق أن على ايران تجميد أو استعادة برنامجها لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات من شأنها أن توفر تأكيدات بأن طهران لا يمكن أن تثري برنامجها إلى مستوى صنع الأسلحة ووعدت إيران على وجه الخصوص بالحد من تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 5 في المئة، والذي يمكن أن يوفر وقود للمفاعلات لمدة ستة أشهر وهذا لتخفيف مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة والذي يمكن أن يكون له استخدامات طبية.
كما وافقت طهران على وقف بناء مفاعل البلوتونيوم بالماء الثقيل في اراك والذي يشارف على الانتهاء في العام القادم، وهو الذي يمكن أن يوفر طريقا ثانية نحو إنتاج القنبلة النووية وتصر ايران على الدوام أن برنامجها النووي مدني بحت.
في مقابل تنازلات من قبل إيران، التي وافقت أيضا على عمليات تفتيش أكثر تدخلا من قبل وكالة الأمم المتحدة الدولية للطاقة سيتم رفع بعض العقوبات الدولية بما يعادل 7 مليار دولار بما في ذلك الذهب والمعادن الثمينة وقطع غيار الطيران. ومع ذلك أشار مسؤولون أمريكيون ان هذا القرار “عكسي” وهذا يتوقف على مدى التزام ايران و لن تتأثر العقوبات المفروضة على قطاع النفط والبنوك في هذه المرحلة.
ويمثل هذا الاتفاق نجاحا شخصيا للبارونة أشتون، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، والتي قادت المفاوضات مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وقد تمت المحادثات باللغة الإنجليزية في علامة على رغبة الحكومة الإيرانية الجديدة بكسر حاجز الماضي .
ويتناول الاتفاق تحديدا المشكلة المركزية من عدم الثقة بين الغرب وإيران، وقد قال أوباما “ ان العبء يقع على إيران لتثبت للعالم أن برنامجها النووي سيكون حصرا للأغراض السلمية.”
إن ايران بالفعل تتقن التكنولوجيا الحاسمة لتخصيب اليورانيوم، ولكنها لم تذهب أبعد من 20 في المئة وعليها لبناء قنبلة نووية تخصيب اليورانيوم لديها إلى أكثر من 90 في المائة - و كسر ضوابط الأمم المتحدة ولا يبدو أن ايران أظهرت أي علامة على ذلك .
وأكد مسؤولون أمريكيون صحة تقارير لوكالة أسوشيتد برس وشبكة الرصد أن أوباما قد أذن للسيد بيرنز لفتح قناة خلفية سرية للحكومة الايرانية بعد تبادل أوباما والسيد روحاني الحروف في أب وراهن أوباما أن السيد روحاني سيلتزم ببنود الاتفاق مع السعي إلى تحقيق المشاركة الموعودة، والإصلاحات، ولكن الرئيس الإيراني لديه فصائل قوية متشددة ومحتشدة ضده داخل إيران.
والرئيس أوباما يواجه في الوقت نفسه انتقادات داخلية من الكونجرس أنه نظرا بعيدا أكثر من اللازم في وقت قريب جدا.