وقد يحار المرء في قراءة وفهم أسرار هذه العبقرية في التلحين التي تؤكد على أن الموهبة والفطرة قادرة هي أيضا وبعيدا عن العلم والمعرفة من أن تقول إنها موجودة ومتجذرة في تربة هذا الفن ،وبالتأكيد هي استثناء لا يمكن إنكاره أو النيل منه ،فالمتابع لنتاج هذا الفنان والذي امتد على مدى سنوات طوال ،لابد من أن ينحني لهذه العبقرية الفذة التي ملأت أسماعنا وأغنت ذائقتنا بروائع خالدة لا تنسى ،فمن ألحانه لشادية ووردة الجزائرية وشريفة فاضل وفهد بلان وصباح ووديع الصافي ونجاح سلام وجوزيف عازار ومروان محفوظ وملحم بركات وغسان صليبا وغيرهم من مبدعين نهل هذا الصياد الكبير من ذاكرته الموسيقية العجيبة كما من الروح الشعبية الأصيلة التي أمدته على الدوام ولم تبخل عليه بكثير من الثيمات والميلوديات الساحرة، ولا ننسى هنا سخريته المريرة وتلك الضحكة الصاخبة وقلقه من كثير من الظواهر الاجتماعية والسياسية التي عاشها وسجلها في كثير من أعماله «سنفرلو عالسنفريان ،بيب بيب إجا فيليب حبيب ،عندي دوا ،ابجد هوز اسمع مني لاتتجوز « وغيرها من إطلالات بديعة كانت المدخل لتلك الشخصية المحببة التي التصقت به (سبع) والتي قدمها بإعجاز في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة،وتبقى ألحانه الكبيرة لشاعرة الصوت فيروز من أهم الأعمال التي كتبها هذا الفنان بضوء روحه وإحساسه العالي بمكانة وقيمة هذه الفنانة الاستثنائية بحق ،ومن هنا صاغ لها عقدا من الألحان الماسية التي تليق بصوتها الممزوج بالحنان والكبرياء «رجعت ليالي زمان ،ليلية بترجع ،من عز النوم ،يادارة دوري فينا ،دهب ايلول ،اسوارة العروس ،طلعلي البكي ،لما عالباب منتودع ،بليل وشتي « والكثير من الألحان المكتوبة بمداد الفن الراقي المشبع بجماليات الفطرة والتلقائية التي كان فيلمون وهبي أحد فرسانها الكبار في العصر الحديث.‏