تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


القــراءة.. مفتاح المعرفة الأول.. كيف نرتقي بها ؟..هـل مــن ســبيل يعيـد للقـراءة مكانتهــا..؟

ثقافة
الاثنين 2-12-2013
 هفاف ميهوب

يقول الأديب الكبير «محمود عباس العقاد»: «لستُ أهوى القراءة لأكتب, ولا لأزدادُ عمراً في تقدير الحساب, إنما أهوى القراءة لأنَّ لي في هذه الدنيا حياة واحدة, وحياة واحدة لا تكفيني, ولا تحرِّكُ كل ما في ضميري من بواعث الحركة. القراءة وحدها التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة, لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً».

انطلاقاً من هذه المقولة التي لم تكن وحدها التي أكَّدت بأن القراءة هي من يقود البشرية إلى الحضارة والوعي والتنوير. انطلاقا من هذه المقولة وفي زمنٍ باتَ يحكمه الجهل والضلال وظلام العقل والتفكير, لابدَّ من أن نشعر بالكثير من الخوف على قراءاتِ أجيالنا. تلك القراءات التي وكأن تكنولوجيا الإطلاع والمعرفة, أحالتها إلى ماضٍ مرفوع بثبوتِ إهمالِ مكانته وأهميته, وهو ما يدفعنا للاستفسار عن مستقبل القراءة وعما إذا كانت قد بدأت تعاني فعلاً, من انقراض مكانتها. أيضاً, عن إمكانية استعادة مجدها ومن أجلِ أن تقود البشرية إلى حيث وعيها ونور عقلها وحضارتها..‏

علي عجيب - فنان تشكيلي:‏

بتكثيف معارض الكتب.. وتخفيض أسعارها‏

لاتذهب القراءة إلى انقراض ولكن, يستعاض عنها بالقراءة الإلكترونية, ويمكن أن تعود القراءة إلى مجدها لأن هناك فئة كبيرة من الناس, لازالت مستمرة في القراءة.‏

حتماً, للمؤسسات المعنية بالثقافة والتربية الدور الأكبر في التشجيع على القراءة, ومن خلال تكثيف معارض الكتب والأنشطة الثقافية والتفاعلية.. أيضاً, تخفيض سعر الكتاب لأن لسعره دوراً كبيراً في التشجيع على القراءة, ويجب دعم المراكز الثقافية بإقامة الأنشطة وتوعية الطلاب في المدارس لأهمية القراءة, وأن يكون هناك خطة لتسمية حصة خاصة للمطالعة..‏

نستطيع أن نخفف من القراءة الإلكترونية, لأن القراءة الورقية لها متعة وفيها فائدة, ناهيك عن قدرتها على تنمية الروح والخيال والعقل أكثر من القراءة الإلكترونية التي لها الكثير من الأضرار الجسدية.‏

نلاحظ في البلدان المتحضرة ولدى الشعوب المتقدمة, بأن هناك احتراماً للكتاب, وهذا الاحترام لازال موجوداً حتى الآن, وإلى الحدِّ الذي جعل هذه البلدان وبالرغم من التطور التكنولوجي, تعتمد على الكتاب بشكلٍ أساسي.‏

بالتأكيد, نحن بحاجة وخصوصاً في ظلِّ ما يمرُّ به وطننا, إلى دعمٍ القراءة والتشجيع عليها, وبواسطة دعم المكتبات بالكتب الحديثة التي نعاني من نقصها. أيضاً, للأسرة الدور الأكبر في تشجيع أبنائها على القراءة, فعندما ينشأ الطفل في أسرة محبّة للكتاب, لابد من أن يتأثر ويكون محبَّاً للقراءة.‏

محمد حاج قاب - رحَّالة ومصور ضوئي:‏

إقحام التربية في المراكز الثقافية‏

أنا لست سوداوياً ولكن, أرى بأن الشعوب وعندما تعزف عن شيء ما, يكون للجمعيات الأهلية الدور الأكبر في إيضاح وتبيان سببِ هذا العزوف. من هنا, يجب على الحكومات أن تفعل شيئاً وخصوصاً إن كان هذا الشيء هو ثقافة شعبٍ بكامله.. يجب أن ندق ناقوس الخطر نحن الأمة العربية التي عرفت بأن لغتها لغة تعبير, وبأن ثقافتها ثقافة بلاغة.‏

في المجتمع الإسلامي, أول أيةٍ نزلت على النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» هي «سورة اقرأ», وكان النبي يحضُّ على التعلم والتفكر والتأمل, ووجدت آيات كثيرة تدخل في سياق حديثنا. إذاً, يجب علينا أن نعرف كيف نعيد للكتاب رونقه وللقراءة مكانتها.. علينا أن نسلِّح عقلنا بالقراءة, ومن خلال دخول المراكز الثقافية إلى بيوتنا, وليس العكس. يجب أن يكون في كل حي مركز ثقافي يقيم الدورات المجانية للطلاب عن القراءة المثمرة, ويجب أن تدخل وزارة التربية في إطار المراكز الثقافية كي يعلم الطالب أن هذا البناء صرح ثقافي يحق لي وللجميع الدخول إليه, وبأنه ليس مجرَّد بناء يخاف الاقتراب منه.‏

أذكر حادثة جرت معي في «مصياف».. بعد أن أقمت معرضي في المركز الثقافي وجاء لفيفٌ من المهتمين, أخبرني رئيس المركز أنه وفي اليوم التالي, وفي الساعة الثامنة صباحاً, سوف يأتي طلاب المدرسة القريبة من المركز, وبرفقة أساتذتهم, لمشاهدة المعرض.. كنت سعيد جداً بهذا, وبالفعل جاء الطلاب بشكلٍ منتظم, وبدأتُ أشرح لهم عن المعرض.‏

بعد مرور 6 سنوات وكنتُ أقيم معرضاً في المتحف الوطني في اللاذقية, تأتي رحلة لطلاب في المرحلة المتوسطة وتدخل للمتحف وعندما شاهدني الطلاب بدؤوا يتراكضون نحوي.. أحدهم يريني كاميرا, وآخر يقول لي: «أنا لم أنسَ معرضك».. لقد كانوا نفس الطلاب الذين شاهدوا معرضي في مصياف.. نفسهم الذين جعلوني أؤكد على أهمية إقحام التربية في المراكز الثقافية, ومن أجلِ بناء جيلٍ مثقف وواع وقادر على ردِّ الأمية والجهل عن مجتمعاتنا..‏

أما عن السبيل الذي نردُ به للقراءة مجدها ودورها فأقول, إن ما ينقصنا وقبل القراءة, أن نحترم الكتابة ونعشق الكتاب, وأرى من وجهة نظري, بضرورة تفعيل دور المكتبات المدرسية. ضرورة رفدها بكتب تحمل طابعاً بنَّاءً.. أيضاً, أن تقيم المدارس أنشطة لدخول الصروح الثقافية, مع إقامة دورات عن القراءة المثمرة وأهميتها..‏

ردينة حيدر - مديرة مركز إقليمي لتنمية الطفولة:‏

الأمر يعود للمؤسسات الثقافية والتربوية‏

يتعلق هذا الموضوع, موضوع القراءة وإمكانية إعادة مجدها, بالعاملين في المؤسسات الثقافية والتربوية, واليوم توجد فرصة كبيرة لعمل المزيد من النشاطات والبرامج التي تشجِّع على القراءة منذ المراحل العمرية الأولى.‏

لاشك بأن العالم يسير باتجاه التقنية الإلكترونية والبرمجة ولكن, فترة الانبهار بهذه التكنولوجيا, هي مرحلة عابرة لطالما, لاشيء يغذي روح الإنسان مثل القراءة, فالإنسان لديه النزعة باتجاه الثقافة الروحية, وهو ما سيجعله يشعر بأهمية القراءة, وسيكون هناك أهمية كبيرة للأنشطة التفاعلية الحقيقية, وسيكون الكتاب أحد العوامل الهامة لإعادة الطمأنينة للإنسان.. وهذا, وكما قلت في البداية, يتوقف على العاملين في المؤسسات الثقافية والتربوية والمجتمع المدني.‏

أيضاً, تلعب القراءة دوراً مهماً في العلاجات النفسية المطروحة لأنها تنمي الخيال, والخيال ينمي الخبرات في مواجهة مشكلات العصر النفسية, وبقدرته على أن يعيد للإنسان توازنه النفسي والعاطفي.‏

ببساطة, علينا وبمساعدة المؤسسات المعنية أن نعي أهمية القراءة, وأن نسعى لتحقيق التوازن ما بينها وبين القراءة الإلكترونية..‏

نضال الشَكل - باحث في أدب الأطفال:‏

ستعود.. بعد انتهاء انبهاراتنا التكنولوجية‏

في الوضع الحالي, نلاحظ امتناع الناس عن القراءة, وبسبب أدوات التثقيف والإطلاع والتكنولوجية المبهرة, وهو ما نلاحظه حتى لدى الباحثين عن المعلومة ممن يفضلون البحث عن طريق هذه الأدوات.‏

أعتقد بأنه من غير المحبَّذ استخدام كلمة انقراض, فهي كلمة مبالغ فيها, وأنا أرى بأنه لابد من عودة زمن القراءة, وخصوصاً بعد أن أصبحنا في نهاية مسيرة الانبهار بالمؤثرات السمعية والبصرية, وهو ما بدأنا نلاحظه خلال الأزمة السورية, ولدى كُثر من المهتمين بالشأن الوطني. ذلك أن التكنولوجيا تُبهر لكنها لا تقدِّم معلومة كاملة وأكيدة وموثوقة..‏

اليوم, نلاحظ بأن المجتمع السوري عموماً, قد وصل إلى مرحلة جيدة في إقبال الأهالي على تشجيع أطفالهم على القراءة, ومن خلال ارتياد النوادي والإحساس بمشكلات التلفزيون بالنسبة للأطفال (لاحظنا هذا قبل الأزمة) الأزمة التي جعلت غالبية أفراد المجتمع يكتشفون, بأن وسائل الاتصال الإلكترونية ليست دوماً ذات مصداقية.‏

بالنسبة للحل, فهو حتماً بوجود فعاليات تشجع على القراءة, وكذلك بمبادرات منها معروفة ومن اختصاصيين, ومنها من متطوعين, ومنها بإشراف مؤسسات حكومية أو جمعيات أهلية.‏

أخيراً‏

القراءة حاجة ضرورية ونشاط إنساني واعٍ, يبدأ بالمطالعة الدقيقة وينتهي بالمشاركة والتفاعل, وبما يجعل القارئ لا يقل أهمية عن الكاتب, وهو ما يؤكد مقولة: القارئ أبداً ودائماً.‏

حتماً, نحن لا نطالب وبعد كل ما أوردناه, بأن يكون القارئ أشبه بالشاعر الفرنسي «بترارك» الذي مات وعيناه معلقتان على حروفِ كتابٍ تضيئه لهُ مائة شمعة موزعة في زوايا الغرفة.. إن ما نطلبه من القارئ, قراءة تنمّي مداركه وتهذب أخلاقه. أيضاً, تردُّ عنه كل الاختراقات التي يُراد منها, جعله يتوهُ مابين أميَّته وبين ذاته وقيمته الأخلاقية والثقافية والإنسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية