تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عــادات ســـلبية ساهمت في إبعاد القراءة

ثقافة
الاثنين 2-12-2013
 عمار النعمة

ندرك جميعاً أن القراءة هي طريق المعرفة الأول، وهي التي تنقل الفرد من مستنقع الجهل والظلام إلى النور والعلم, ومن ثم الوصول به إلى درجات النضج الفكري والعقلي وتكوين شخصيته بأبعادها المختلفة...

من هنا نقول إن مسألة إهمال القراءة في بلداننا العربية نتيجة طبيعية لانتشار ثقافة سلبية كانت ولا زالت تعززها عدة أسباب منها: وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الشباب والحصول على المعلومة السريعة, أيضاً ما تبثه الفضائيات من برامج غير هادفة وسطحية, بالإضافة إلى تراجع دور الأسرة...الخ وبالتالي نسأل كيف نعيد إحياء القراءة من جديد ؟‏

الحفار: القراءة تعني الانفتاح على العالم‏

الدكتور نبيل الحفار قال: إن تشجيع الأجيال الجديدة على القراءة، يعني تشجيع الاختيار الحر، دون فرض أوإلزام.‏

والاختيار الحر يعني البحث عما تميل إليه النفس وتحبه، فيأتي التفاعل مع المادة المختارة أكثر فاعلية وفائدة، وهذا هوالهدف المنشود.‏

لا يجوز أن نتعامل مع التلاميذ والطلاب على أنهم متماثلون، هنا يكمن خطأ جذري، فبنية الإنسان النفسية وتكوينه العقلي يختلف من فرد إلى آخر، وبالتالي فإن استعداده للتلقي وتفاعله مع المحيط‏

يختلف نظرياً وعملياً، وبناء على ذلك فإن موهبة فرد ما في مجال ما، إما أن تجد الحاضنة المناسبة لها فتنمووتثمر، وإما أن تضمر أوتموت بسبب المحيط غير الملائم.‏

القراءة تعني الانفتاح على العالم، بمختلف مناحيه ومستوياته، والاستقاء منه لما فيه فائدة الفرد ذاتياً وفي محيطه، وفرص التعرف على العالم، مع تطور العلوم، باتت لامحدودة ومتاحة بشكل أوبآخر.وأنا كأب أوكأستاذ يجب أن أكون موجهاً لا أكثر، ولا يجوز لي أن أحول ابني أوتلميذي إلى نسخة عني، بل يجب أن أكتشف خصوصية تكوينه، وأساعده على تنمية موهبته، فكل فرد موهوب في مجال ما.‏

إن تطور علوم الاجتماع والتربية والتعليم عبر الخبرة العملية لسنوات طويلة، أدى إلى اتباع أساليب حديثة في وضع المناهج التعليمية والتربوية، تنحي جانباً الكتب التعليمية الثابتة، التي تعتمد أسلوب التلقين والحفظ، الذي يعتبر التلاميذ كتلة متماثلة، والأسلوب البديل هوالاعتماد على موضوعات بخطوطها العريضة، يطورها المدرس بالتفاعل المشترك مع طلابه.‏

وقد طبقنا هذا المنهج البديل في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ تأسيسه، وتوصلنا إلى نتائج إيجابية جيدة.ولكن طبعًا مع توفر مكتبة غنية حقاً، تردف سنوياً بالمنشورات الجديدة.‏

إذن، نشجع القراءة الحرة، لابد أولاً من الاستعداد لتبديل موقفنا من مناهج التعليم الثابتة المطبقة حالياً، والانتقال تدريجياً إلى مناهج التعليم الحديثة.ولا بد من تزويد كل مدرسة بمكتبة متنوعة المصادر والموضوعات.كما لابد من تأهيل المعلمين والمدرسين باستمرار، كما يجري في البلدان المتطورة.‏

القراءة لا تعني أن أقرأ أدبًا وحسب، بل في كل المجالات وفق ميلي واهتمامي.ولكي أشجع الآخر على القراءة، يجب أن أكون أنا نفسي قارئاً.‏

هواري: يبث الحياة في عروق قارئه‏

الشاعر صالح هواري قال: لاشك أن القراءة طريق إلى كسب المعرفة, وسبر أغوار المجهول والقبض على جوهره, وللقراءة متعتان: متعة التزويد بالمعرفة والإلمام بشتى نواحي الحياة من علوم وآداب.. ومتعة التذوق الفني لأساليب المبدعين من الكتّاب, واستمرت عملية الحياة بالاندفاع وزاد حب الإنسان وشغفه إلى الاطلاع وكشف مكنونات الوجود المخزونة في عربة التطور التي داهمت العالم... والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا زاد عزوف الشباب اليوم عن القراءة عما قبل؟ لاشك أن قطار التكنولوجيا الذي انتقل سريعاً من محطة إلى محطة قد وصل حاملاً أضواءه الباهرة التي حدّت من آلية التفكير الذاتي لدى الفرد في المجتمع, فتناول ثمار التطور على طبق جاهز ولاحاجة بعد ذلك لأن يرهق عقله في تناول الأشياء مادامت تزحف نحوه طواعية, ودون استدعاء منه, فمثلاً جهاز الحاسوب الذي هومستودع شامل للمعلومات أخذ يقدم للإنسان مايطلبه دون عناء تفكير, وهذا يحدّ من عملية الإبداع الذاتي, فالتاجر الذي يريد أن يجري عملية حسابية لبضاعته يقوم بها على هذا الجهاز بجهد أعمى لايرى أمامه جدول الضرب الذي لامجال لحفظه مادامت الآلة تقدمه له بسهولة, كذلك الكتاب انتقل من غرفته الورقية إلى حجرة أل CD وفي جعبته كل مايطلبه الإنسان ولامجال للعودة إلى القراءة على الورق, وما نلاحظه اليوم أن بعض الذين يملكون كتباً تزين مكتباتهم قد همّوا ببيعها والاستغناء عنها, ولاحاجة أن يعودوا إليها ما دام الانترنيت يقدمها لهم على شاشته الصغيرة, وهذا الخطأ الفادح الذي يقع به هؤلاء الذين خانوا صداقتهم مع الكتاب الخير الأنيس, الذي يبث الدفء والحياة في عروق قارئه....‏

من هنا ومن منبر الحياة أدعو بإصرار الشباب إلى العودة إلى حضن الكتاب متسلحين بأجنحة المعرفة التي لايمكن أن تحلّق في عالم الوجود سوى الكلمات الدافئة التي تشعّ من قلب هذا الكتاب الصديق.. وخير جليس في الأنام كتاب.‏

">ammaralnameh@hotmial.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية