تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيف نتواصل معهم في الأزمات؟.. للدعم النفسي و الاجتماعي أهمية في العملية التربوية

الاثنين 2-12-2013
منال السمّاك

ربما .. بل من المؤكد أننا لا نستطيع أن نعزلهم عن واقع مؤلم يحيط بهم ، فأطفالنا أذكى مما نتوقع و هم يدركون ما يجري ، بما لا ينفع أن نخترع لهم القصص الوهمية لأصوات يسمعونها بالقرب من البيت أو قريباً من أسوار المدرسة ،

ولا نستطيع أن نلوم خوفهم و فزعهم كشعور طبيعي تفرضه أجواء أزمة طالتهم دون رحمة ، إلا أننا قد نتمكن من تخفيف حزنهم و مساعدتهم و دعمهم نفسياً و اجتماعياً ، خاصة تلك الفئات التي ذاقت تهجيراً قسرياً و غربة عن بيت و مدرسة ، أو من لحقهم يتم و فقدان أهل أو معاناة فقر و حرمان ..‏

مسؤولية كبيرة تقع على كاهلنا كأهل و كذلك على الكادر التربوي ضمن الظروف الراهنة ، خاصة مع إصرار دعاة الجهل و الظلام على استهداف بعض المدارس في عدد من أحيائنا الآمنة ، و محاولة بث الرعب في نفوس التلاميذ الصغار ، و زرع الخوف على سلامتهم في قلوب الأهل الذين تنتابهم الهواجس على الأبناء في طريق المدرسة أو حتى على مقاعد الصف داخل الحرم المدرسي .‏

هواجس مشروعة‏

أخبار كثير تناقلتها وسائل الإعلام مؤخراً عن تأثر العملية التعليمية في بعض المناطق في مناطق العباسيين وباب توما و القصاع و باب شرقي ، شهداء و مصابون من طلاب مدارسنا ، حتى بات الذهاب إلى المدرسة كابوساً يؤرق التلاميذ و الأهل و الكادر التدريسي ، و من المؤلم أن نسمع عن اضطرار بعض المدارس خلال تلك الفترة لتخصيص الحصة الأولى من الدوام المدرسي لشرح كيفية التصرف أثناء تساقط القذائف ، أو أن يتراكض الطلاب إلى أقبية المدارس للاحتماء و قضاء وقت الدروس ارتجافاً و خوفاً ، ما دفع بالكثير من التلاميذ للتغيب ، أحد تلاميذ الصف الخامس في منطقة باب شرقي حدثني بالقول .. من نحو عشرين يوماً لم أذهب إلى المدرسة بعد أن سقطت عدة قذائف على مدرسة ملاصقة لمدرستي ، و أهلي لا يوافقون على ذهابي .‏

كما أثارت هذه المخاوف قلب إحدى الأمهات ، قالت : لن أرسل أطفالي إلى المدرسة بعد تكرار استهداف مدارس منطقة العباسيين بالقذائف ، و لدى سؤالها .. كيف تضحين بمستقبلهم التعليمي ، أجابت : ماذا سأستفيد إن حصل مكروه لأحد أبنائي ، و التعليم لن يكون أهم من حياتهم.‏

استعادة التوازن‏

إن طبيعة المرحلة الراهنة تفرض طريقة خاصة بالتواصل مع الأطفال للتخفيف عنهم و بناء جسور من التفاهم و الدعم و مشاركتهم معاناتهم التي يمرون بها ، وهذا ما أكده الدكتور سليمان كاسوحة – اختصاصي في علم نفس التواصل ومدرس في جامعة دمشق بمحاضرته «التواصل مع الأطفال في الأزمات » و ذلك في الملتقى الوطني الأول لإعلام الطفولة، و قد أوضح بداية أن الأزمة هي حدث رئيسي وقع خارج نطاق التجربة الاعتيادية اليومية ، و التي تهدد بشكل كبير المشاركين و تكون مصحوبة بمشاعر العجز أو الرعب أو الخوف ، و تتراوح الأزمات من حيث وقوعها بين الحوادث الفردية و الكوارث الجماعية ، و قد تتضمن أخذ رهائن أو انتشار أوبئة أو وقوع دمار يلحق بالمجتمع كله نتيجة أعاصير .‏

تخصيص أوقات للاسترخاء‏

و يرى د . كاسوحة أن تعليماً جيداً و ممارسات تربوية جيدة في الواقع هي ممارسات نفسية و اجتماعية جيدة ، ومن الأفضل أن يكافح الطاقم التربوي ليوفر البيئة الآمنة والداعمة ليشعر المتعلمون بالأمان ، حيث يعرف بأن المتعلمين المتأثرين بالنزاع ربما يحتاجون بشكل خاص إلى أوقات استراحة متعددة ضمن جو معد بشكل مدروس ليساعدهم على استعادة توازنهم ، و في حالات الطوارئ و أثناء بداية إعادة الإعمار بعد انتهاء الأزمة من المهم أن يتزود كل الطاقم التربوي بفهم أساسي للأثر النفسي - الاجتماعي للأزمة ، على ألا ننسى أن الطاقم التربوي له احتياجاته الفيزيولوجية و النفسية و الاجتماعية أثناء الأزمات أو بعد أي كارثة طبيعية ، و في كثير من الحالات تضيف هذه الحاجات ضغطاً على المربي ، و التي يمكن أن تضطره للتغيب أو الانزواء أو ترك المهنة ، و ربما تزداد مصادر الضغط بالنسبة لكل من الطاقم التربوي أو التلاميذ ، و التي يمكن أن تتضمن الأذى الفيزيولوجية كفقدان المأوى و الخدمات العامة أو فقدان الأهل و الأقارب ، و قد يعاني البعض منهم فقراً متزايداً أو جروحاً نفسية مؤلمة .‏

نشاطات مدرسية‏

و يشير د . كاسوحة إلى أن الدعم النفسي – الاجتماعي يعتبر مكوناً مهماً من مكونات العملية التربوية ، حيث يمكن أن يقدم المربون علاقة مستقرة و مؤثرة ، و يجب أن يكون الفريق التربوي متنبها ً لمن لديهم صعوبات خاصة بالتكيف مع الظروف الطارئة ، فيمكن تكريس مزيد من الوقت لفهم أفضل للأزمة و تأثيراتها ، بما يخفف من آثارها ليساعد الأطفال على النجاح في التعلم ما يزيد الثقة بالنفس ، ويمكن أن نساعدهم بقضاء وقت أفضل بالاسترخاء بالرياضة المحلية و الفن كالدراما و الرقص و الغناء بما يمنحهم تقدير هويتهم الثقافية و يعطيهم فرصة للنمو و بناء معنى للانتماء، كما أن النشاطات المدرسية المنظمة المبنية تعزز الشبكة الاجتماعية للمجتمع .‏

و أخيراً ..‏

من المهم أن نتفهم مشاعر الطفل و مساعدته على التعبير عن مخاوفه و أن نتقبل ما يصدر عنه من أحاسيس واحترامها والإصغاء إليه و الإجابة على تساؤلاته ، والمحاولة قدر الإمكان مشاركته تلك المشاعر .. هي ظروف طارئة فلنساعدهم على تجاوزها ، و لنحاول أن نجد أقنية مناسبة للتواصل والحوار معهم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية