كانت ولادة جلال الدين محمد بن محمد بن حسين الرومي سنة 1207 ميلادية في إيران، لأسرة يعود نسبها إلى أبو بكر الصديق. وكانت أمه ابنة البيت الحاكم في خوارزم. في الثالثة من عمره انتقل مع عائلته إلى بغداد، بعد خلاف أبيه مع الوالي محمد قطب الدين خوارزم شاه. وبعد تجوال في دمشق ومكة وملطية وأرزبخان، استقرت العائلة في قونية التركية عام 1226، ليعمل الأب في التدريس، ويعيش تحت حماية الأمير السلجوقي علاء الدين قبقباذ حتى توفي 1231. أما الابن جلال الدين فقد تسلم التدريس في قونية مكان والده.
انقطع الرومي، بعد تركه التدريس، إلى نظم الشعر وإنشاده، وأسس طريقة جديدة في التصوف، أطلق عليها (المولوية)، كانت للموسيقى فيها مكانة عالية. وبرز الرومي متصوفاً وشاعراً كبيراً، تميز شعره بقوة الشعور والفوران العاطفي وجمال التصوير. كان بارعاً في توليد المعاني، وجامح الخيال، وخبيراً في اختيار الألفاظ، ومعلماً في تسخير اللغة لصالح ما يريد قوله. وذاع صيته كأحد فحول الصوفية وأحد أكبر أعلام الشعر الصوفي.
كتب رائعة (المثنوي)، التي أرادها أن تكون شرحاً لمعاني القرآن ومقاصد الشريعة، وذلك رغبة منه في كشف الصراع مع قوى الخير والشر، ومحاولة في كبت شهوات النفس. وهكذا، فقد كانت (المثنوي) معبرة بشكل قوي عن أفكار الرومي الجذابة، عبر استخدام الفن الحكائي البارع.
جاءت (المثنوي) في ستة مجلدات، وضمت (25649) بيتاً من الشعر، ترجمت إلى لغات كثيرة، ولاقت تقديراً منقطع النظير في العالم، والعربي منه على الخصوص. أما ديوانه (شمس تبريز)، فهو يشتمل على غزل صوفي رفيع. وكتاب (فيه ما فيه)، عبارة عن قصص ومواعظ وأمثال وطرائف. وكتاب (المجالس السبعة) عبارة عن خطب ومواعظ دينية.
توفي جلال الدين الرومي عام 1273، ودفن في قونية، وعلى ضريحه كتب بيت شعر له يقول: يا من تبحث عن مرقدنا بعد شدِّ الرحال.. قبرنا يا هذا في صدور العارفين من الرجال.