مصطحباً معه «دزينة» من الأكياس السوداء القديمة تفادياً لمشكلة الأكياس المفقودة أو المعطوبة في المؤسسة.
عند باب المؤسسة كان الطابور يمتد ويتلوى مثل قوس قزح، والجميع ينتظر دوره إيذاناً ببدء التوزيع، وما إن فتح الموظفون الباب حتى صار الطابور على عدد ألوان الطيف والكل يصر على أن يكون الأول ، فضاع أبو مزنوق في زحمة الألوان وكاد يختنق، رغم خبرته الطويلة بالزنقة والازدحام، وأخذ نصيبه من التدافع والكلام «اللطيف» الذي رافقه.
بعد ساعة أو أكثر تمكّن أبو مزنوق بمعجزة من الوصول إلى الموظف المختص، ثم باشر بفتح أكياسه ظناً منه أن الكمية كبيرة، فنبهه الموظف إلى أن البطاقة لم تُفعّل بعد ولكن بإمكانه الحصول على كمية «تمشية حال»، طالبا منه دفع ثمن الكيس، فانصاع المسكين «كعادته» للتعليمات ودفع ما عليه..!
بعد حصوله على السكر، خرج أبو مزنوق من المؤسسة حائراً متفكراً كيف سيقسم الحصص بين أولاده التسعة وزوجته، فقسم منهم يشرب المتة وقسم آخر يشرب الشاي، أما أم مزنوق فقهوتها سكر زيادة، وبينما كان يجمع ويطرح ويقسّم ويضرب أخماسه بأسداسه، تبعه عدد من أولاد الحي وراحوا يردّدون خلفه» أبو مزنوق يا أبو مزنوق.. يا أعمى كيسك مشقوق»، فشتمهم وصفعهم، وراح يتصبب غضباً وعرقا في عز البرد، وفي البيت قال لعائلته بسعادة: هنيئا لكم مخصصاتكم من السكر..!
فقالوا له متعجبين: ولكن أين السكر؟!
فرفع يده وتحسّسها فإذا بها خالية إلا من كيس فارغ مشقوق، ليكتشف بذكائه الخارق أنه وزع مخصصاته من السكر على نملات الحارة وقططها..فقال وقد أصابته حمى «بريجيت باردو» وراح يردد «يا هيك الرفق بالحيوانات يا بلاه «..!!