هل تريدون مزيدا من الجنود؟ سأرسل لكم العدد الذي تطلبونه، لكن يجب عليكم دفع الثمن لنا مقابل ذلك. وفي الواقع هم يلبون ما نطلبه منهم ويدفعون ما نريده من مبالغ. وإزاء ذلك، أودعوا مبلغا وقدره 1 مليار دولار في المصرف».
من المحتمل أن ما كان ترامب يحاول إيصاله لنا -رغم وقاحة أسلوبه-أنه إن أراد حلفاء أميركا الحماية فيجب عليهم أن يدفعوا الثمن. وبناء على ذلك، جرى توسع الوجود الدفاعي الأميركي في السعودية الذي سبق أن أُعلن عنه في شهر تشرين الثاني الفائت.
لكن آماش كان محقا فيما ذهب إليه عندما قال إن رجالنا ونساءنا ليسوا بالمرتزقة كي يباعوا ويشتروا لمن يدفع أكثر ولا يجب أن ننظر إليهم بهذه الصورة المخزية.
ويضاف إلى ذلك ما نشهده من قيام الأمن القومي الأميركي بالترويج لفكرة كون السعودية بمثابة الحليف الدائم (وتعتبر الداعم الوحيد لنا في وجه إيران)، وإزاء ذلك فإنه على الرغم من المليارات التي تملكها المملكة على شكل مخزونات نفطية، فالولايات المتحدة ملزمة في الدفاع عن نفسها دون النظر إلى ما تجنيه من مزايا مالية (وحتى مع إمكانية دفع السعوديين للفاتورة المتمثلة بتكلفة الدفاع عنها لكننا سندفع الثمن في النهاية من خلال وضع شعبنا ومصالحنا في الطريق الخطر).
ومع ذلك، ففي الحين الذي أعرب به مؤيدو الرئيس الأميركي عن تلك الفكرة بأسلوب مختلف وأكثر حصافة، لكنهم في مختلف الأحوال لا يتعارضون أو يخرجون عن فحوى عبارات ترامب ولا مع البرنامج الذي يتحدث عنه الأمر الذي ذكرته صحيفة واشنطن بوست في مقالة نشرتها قبل نحو أسبوعين وجاء بها:
لقد أتيح لترامب تعزيز القوة الأميركية في المملكة السعودية بدءا من إرسال بعثة استشارية يبلغ عددها 800 إلى زيادة حجم القوة إلى ما يناهز 3000 جندي بعد هجوم 14 أيلول على المنشآت النفطية السعودية والتي يدعي مسؤولون سعوديون وأميركيون بأن إيران شنتها مما أدى إلى تصاعد خطر التوترات الإقليمية.
وستعمد القوات الأميركية إلى توظيف معدات إضافية مصممة لمساعدة الجيش السعودي تحسبا من الهجمات الإيرانية، ومما قدمته في هذا المضمار: أربع بطاريات من نوع باتريوت، ونظام الدفاع المناطقي المرتفع، ونظام دفاع جوي من طراز ثاد، وطاقمين من الطائرات المقاتلة. وبذلك فإن المسؤولية المالية الناجمة عن الانتشار ستستمر إلى أجل غير معلوم بعد قطع ترامب (الذي وجه انتقاده للحلفاء جراء عدم مساهمتهم الكافية في الدفاع المشترك) وعدا أن المملكة الغنية بالنفط ستدفع 100% من التكلفة.
أما النقطة الفاصلة فهي أن مسؤولين عسكريين يرون أن أحد الأسباب المهمة للانتشار يتمثل بوجود قوات أميركية في مناطق متعددة من المملكة.
لذلك نتساءل في هذا المضمار هل من المسوغ أن يرسل نساءنا ورجالنا للدفاع عن دولة أخرى تقع فيما وراء البحار ليصار استخدامهم كدروع بشرية؟
مرة أخرى، فالاختلاف هنا عما جرى في السنوات الماضية أن ترامب اتبع مسارا متشددا، والمقصود المسار المتشدد في التعامل. لكن من المؤسف أنه بدا كالمافيا التي تمارس حماقتها وابتزازها بحق بائع يائس يقف في زاوية الشارع. لكن ذلك ليس دورنا، كما أن الأسرة الملكية السعودية لا تشابه ذلك البائع المنحوس، ولاسيما أن لديها الكثير من المال الذي تغدقه على ترف أمرائها بينما تلقي بحملها على واشنطن كي تدعمها. وربما يدعو السعوديون اليوم لاتخاذ إجراءات التقشف لكن العائلة المالكة تعيش في ترف ورفاهية لا تراها الغالبية العظمى من العالم سوى في أفلام هوليود. ورغم كل ذلك فإنهم لا يستطيعون بناء جيش حقيقي أو تأهيله لحماية حياتهم. لذلك فإنهم يعتمدون على الاستعانة بجهات خارجية ويبدو أننا أصبحنا اللعبة الأفضل لهذا البلد.
لقد ذُكر هذا الكلام مرات عديدة في هذه الصحيفة، لكن ذلك ما قصده جورج واشنطن عندما كان يتحدث حول الارتباطات العاطفية الخارجية غير الصحية. ولقد حان الوقت لتخليص أنفسنا من هذه العلاقة السامة، ويتعين علينا بالمقام الأول الشروع بنقل مهمتنا الحالية من أسلوب الإدارة القائمة على تقديم الرعاية للغير إلى اتخاذ كافة السبل الكفيلة بخدمة مصالح شعبنا، ولاسيما أن دافع الضرائب الأميركي لا يكترث لما يريد آل سعود شراءه من بلادنا.