ومن المفروض أن يقدم يوكيا أمانو المدير العام للوكالة أفكاراً، بشأن كيفية تنفيذ قرار سابق للوكالة يقول إن إسرائيل يجب أن تضع كل مواقعها الذرية تحت التفتيش ، وأن تنضم إلى معاهدة حظر الانتشار النووي. ورغم مزاعم المبعوث الأمريكي في الوكالة غلين ديفيس من أنه لا يوجد أي «أسس ملائمة لمناقشة الوكالة للبرنامج النووي الإسرائيلي» ، فإن الحقيقة والواقع يؤكدان أنه من الملح والضروري للغاية أن يضغط المجتمع الدولي على الكيان الصهيوني لينضم إلى معاهدة منع الانتشار النووي، وأن يخضع منشآته النووية للرقابة والتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فالقدرات النووية الإسرائيلية تمثل قلقاً أمنياً خطيراً على المنطقة والعالم بأسره. فهذا الكيان يحتل ويغتصب الأراضي العربية ويشرد شعباً بأكمله، هو الشعب العربي الفلسطيني، ويواصل عدوانه، وأخيراً وليس آخراً فهو يحاصر مليوناً ونصف مليون إنسان فلسطيني في غزة ، ويمنع بالقوة الغاشمة تقديم المساعدات العالمية الإنسانية لسكان القطاع المحاصرين، وجرائمه على مر تاريخ إنشائه ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وهي قولاً وفعلاً جرائم إبادة جماعية، وهي تمثل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي. أما الغموض النووي وهي السياسة التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ، فهي تمثل أيضاً خطراً محدقاً على المنطقة والعالم. والدول الـ 189 في اجتماعها الأخير في نيويورك لمراجعة معاهدة خطر الانتشار النووي أقرت بالإجماع ضرورة فتح الملف النووي الإسرائيلي للنقاش ، تمهيداً لإخضاع القدرات النووية الإسرائيلية للرقابة الدولية. لقد وعى العالم أخيراً المخاطر الكامنة وراء امتلاك الكيان الإسرائيلي للأسلحة النووية، علماً أن تاريخ النووي الصهيوني يعود إلى عام 1947، عندما أنشأ الصهيوني ديفيد بن غوريون أول قسم للأبحاث الذرية ضمن منظمة الهاغانا الإرهابية. وعقب قيام الكيان الصهيوني مباشرة قامت وزارة الحرب بأعمال التنقيب عن اليورانيوم في صحراء النقب، وفي العام التالي أي 1949، بدأت فرنسا بدعم البرنامج النووي الإسرائيلي. وجرى في عام 1953 عقد اتفاق للتعاون في استخراج اليورانيوم وانتاج الماء الثقيل .
وفي الأعوام التالية وحتى عام 1967 أنفق الكيان الصهيوني عشرات ملايين الدولارات على صفقات نووية مع فرنسا. علمأ أن فرنسا أنشأت وبناء على اتفاقية سرية مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب، وقد دخلت الولايات المتحدة على الخط ووقعت اتفاقية مع الكيان الصهيوني وأنشأت مفاعلاً نووياً قرب بئر السبع. وشاركت بريطانيا أيضاً في البرنامج النووي الإسرائيلي وباعت 20 طناً من الماء الثقيل لمفاعل ديمونة ، كما اشترى الصهاينة في العام 1963 /32 كلغ من البلوتونيوم من النرويج.
كما باعت بلجيكا للصهاينة 200 طن من اليورانيوم عام 1968.
وقد كشفت الاستخبارات الألمانية أن 40 عالماً نووياً روسياً وصلوا إلى الكيان الصهيوني ضمن أفواج المهاجرين الصهاينة وانخرطوا في البرنامج النووي الإسرائيلي .
ولا ننسى الخبير مردخاي فعنونو الذي كشف وبالوثائق عن امتلاك الكيان الصهيوني لبرامج ولأسلحة نووية.
وأخيراً جاءت الوثائق الأخيرة التي كشف عنها عالم أمريكي معروف من أن الكيان الصهيوني تفاوض بشأن بيع جنوب إفريقيا إبان الحكم العنصري قنابل نووية وبأحجام مختلفة . فهل يكتفي العالم بكل هذه الإثباتات والبراهين ليقتنع ليس فقط بامتلاك الصهاينة لبرامج وأسلحة نووية، بل ليقتنع أيضاً بخطورتها ليس فقط على المنطقة بل على العالم بأسره؟
لقد وصل الأمر مرحلة خطيرة لا يجوز السكوت عنها بأي حال من الأحوال، أما الغرب الذي يحاول بعض ساسته التستر على النووي الإسرائيلي وخطورته البالغة، فهو يقلد النعامة التي تدفن رأسها في التراب ظناً منها أن لا أحد يراها.
ولكن البراهين والدلائل عن امتلاك الكيان الصهيوني لبرامج وأسلحة نووية مع وسائل إطلاقها يأتي من هيئات حكومية وغير حكومية غربية تحديداً. وهذا مؤشر مهم إلى أن الملف النووي الإسرائيلي لم يعد بالإمكان السكوت عنه. ومناقشة القدرات النووية الإسرائيلية في بند مستقل على جدول أعمال محافظي الوكالة الدولية للطاقة يثبت ما نرمي إليه، وأن الكيان الصهيوني العنصري الغاصب صار يشكل عبئاً على الغرب الذي أنشأه ورعاه وحماه وجعل له أنياباً نووية ينبغي نزعها اليوم قبل الغد.